عثمان بن جعفر اللَّبَّان، ثنا محمد بن نصر المروزي، حدثني أبو بكر الأَعْيَن، حدثني أبو سلمة الخُزاعي قال: كان مالك بن أنس إذا أراد أن يخرج يحدِّث توضأ وضوءه للصلاة، ولبس أحسن ثيابه، ومشط لحيته، فقيل له في ذلك؟ ! فقال: أُوَقِّر به حديث رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وبه ثنا أحمد، أخبرنا محمد بن عبد الله القطان بأصبهان، ثنا سليمان بن أحمد الطبراني، ثنا يحيى بن منصور الهَرَوي، ثنا إبراهيم بن المُنذر الحِزامي، ثنا مَعْن بن عيسى قال: كان مالك إذا أراد أن يجلس للحديث اغتسل وتبخَّر وتَطَيَّب، فإن رفع أحد صوته في مجلسه قال: قال الله تعالي: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ}، فمن رفع صوته عند حديث رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فكأنما رفع صوته فوق صوت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
أخبرنا محمد بن عبد الباقي، أنا أحمد بن الحسن بن خَيرون، أنا عبد الملك بن محمد بن بِشران، أنا أحمد بن الفضل بن العباس بن خُزيمة، ثنا إسماعيل بن إسحاق، ثنا علي بن المديني، ثنا حبيب الورَّاق قال: جعل [لي](١) الدَّرَواردي، وابن أبي حازم، وابن كنانة دينارًا على أن أسأل مالكًا عن ثلاثة رجال لم يرو عنهم، قال: فدخلت عليه وليس عنده غير هؤلاء، فقال لي: يا حبيب، ليس هذا وقتك. قلت: أجل، ولكن جَعَلَ لي قومٌ دينارًا على أن أسألك عن ثلاثة رجال لم ترو عنهم، وليس في البيت دقيق ولا سويق. قال: فأَطْرَقَ، ثم رفع رأسه وقال: ما شاء الله لا قوة إلَّا بالله -وكان كثيرًا ما يقولها- يا حبيب، أدركتُ هذا المسجد وفيه سبعون شيخًا ممن أدرك أصحاب النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وروى عن التابعين،
(١) زيادة من "المعرفة والتاريخ" (٣/ ٢٢) وقد نقلها المزي (٢٧/ ١١١) على الصواب.