للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُحَقَّقَةَ الْوُقُوعِ عَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ فَعُجِّلَتْ خِلَافًا لِمُخْتَارِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِيهَا وَاسْتَظْهَرَ عَلَى ذَلِكَ كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ (ص) كَطَالِقٍ الْيَوْمَ إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا غَدًا (ش) وَكَلَّمَهُ غَدًا ثُمَّ إنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ مُقَارِنًا لِفَجْرِ الْيَوْمِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْحِنْثُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا إذَا كَلَّمَهُ فِي غَدٍ وَوَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فَإِنَّ الْعِدَّةَ تُحْسَبُ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ وَهُوَ يَوْمَ كَلَّمَهُ لَا مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ إذَا تَأَخَّرَ زَمَنُ الْحِنْثِ عَنْ يَوْمِ الْحَلِفِ بِحَيْثُ تَنْقَضِي فِيهِ الْعِدَّةُ لَمَا كَانَ عَلَيْهَا عِدَّةٌ، وَكَشَفَ الْغَيْبُ أَنَّ الطَّلَاقَ كَانَ فِي مُطَلَّقَةٍ وَكِلَاهُمَا بَاطِلٌ وَهَلْ يُحْسَبُ ذَلِكَ الْيَوْمُ مِنْ الْعِدَّةِ لِتَبَيُّنِ الْوُقُوعِ فِي أَوَّلِهِ أَمْ لَا انْتَهَى وَاسْتَظْهَرَ بَعْضٌ الْأَوَّلَ.

(ص) وَإِنْ قَالَ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ وَاحِدَةً بَعْدَ شَهْرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ الْآنَ أَلْبَتَّةَ فَإِنْ عَجَّلَهَا أَجْزَأَتْ وَإِلَّا قِيلَ لَهُ إمَّا عَجَّلْتهَا وَإِلَّا بَانَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ الْآنَ ثَلَاثًا إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَ الشَّهْرِ طَلْقَةً قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ عَجَّلَ الطَّلْقَةَ الَّتِي عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ لَمْ يَقَعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَيْ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ بَعْدَ الشَّهْرِ لِوُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، وَكَوْنُهُ قَبْلَ الشَّهْرِ لَا يَضُرُّ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمُنَجَّزَ قَدْ يَكُونُ قَبْلَ أَجَلِهِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ شَهْرٍ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الْآنَ وَإِنْ أَبَى أَنْ يُعَجِّلَهَا وُقِفَ وَقِيلَ لَهُ إمَّا عَجَّلْتَ التَّطْلِيقَةَ الْآنَ وَإِلَّا بَانَتْ مِنْك بِالثَّلَاثِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَإِلَّا بَانَتْ لِأَنَّهَا لَا تَبِينُ بِمُجَرَّدِ عَدَمِ التَّعْجِيلِ فَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ حَتَّى جَاوَزَ الْأَجَلَ وَلَمْ يَفْعَلْ الْوَاحِدَةَ قَبْلَ مَجِيئِهِ طَلَقَتْ أَلْبَتَّةَ.

(ص) وَإِنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ فَفِي الْبِرِّ كَنَفْسِهِ وَهَلْ كَذَلِكَ فِي الْحِنْثِ أَوْ لَا يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَيُتَلَوَّمُ لَهُ؟ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ الزَّوْجَةَ أَوْ أَجْنَبِيًّا فَإِنْ كَانَ بِصِيغَةِ الْبِرِّ أَيْ الْمُطْلَقِ فَهُوَ كَحَلِفِهِ هُوَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ إنْ دَخَلْتُ أَنَا الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَبَيْنَ إنْ دَخَلْتِ أَنْتِ أَوْ فُلَانٌ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيُنْتَظَرُ إنْ أَثْبَتَ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ بَيْعٍ وَلَا وَطْءٍ أَمَّا الْبِرُّ الْمُؤَقَّتُ كَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فُلَانٌ الدَّارَ قَبْلَ شَهْرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ حُرَّةٌ فَيُمْنَعُ فِي الرَّقِيقِ مِنْ الْبَيْعِ وَلَا يُمْنَعُ فِيهِ وَلَا فِي الزَّوْجَةِ مِنْ وَطْءٍ وَإِنْ كَانَ بِصِيغَةِ الْحِنْثِ الْمُطْلَقِ كَقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ فُلَانٌ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ حُرَّةٌ فَاخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يُمْنَعُ مِنْ الْبَيْعِ وَالْوَطْءِ وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ أَجَلُ الْإِيلَاءِ كَحَلِفِهِ هُوَ أَوْ لَا يَكُونُ كَحَلِفِهِ هُوَ فَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ بِقَدْرِ مَا يَرَى أَنَّهُ أَرَادَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَقَعُ عَلَيْهِ الْحِنْثُ وَلَا يَحْتَاجُ فِي وُقُوعِهِ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ لَكِنَّ الثَّانِيَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ وَمَا كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُؤَلِّفِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: كَطَالِقٍ الْيَوْمَ هَذَا هُوَ الْوَاقِعُ وَيُجَابُ بِأَنَّ فِي الْعِبَارَةِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا وَالْأَصْلُ وَاسْتَظْهَرَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ كَطَالِقٍ كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ بِالْمَعْنَى أَيْ إنَّ الْمُصَنِّفَ نَقَلَهُ بِالْمَعْنَى وَرَدَّ اللَّقَانِيِّ كَوْنَهُ اسْتِظْهَارًا فَقَالَ جَعْلُهُ تَنْظِيرًا أَوْلَى مِنْ جَعْلِهِ قِيَاسًا لِأَنَّ شَرْطَ الْقِيَاسِ أَنْ يَكُونَ الْمَقِيسُ عَلَيْهِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ وَالْخَصْمَانِ هُنَا لَيْسَا مُتَّفِقَيْنِ فَإِنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنَ رُشْدٍ خَالَفَا فِي ذَلِكَ انْتَهَى إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْوَاقِعَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ اسْتَظْهَرَ فَكَيْفَ الْجَوَابُ بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْجَوَابُ عَنْهُ بِالنَّظَرِ لِظَاهِرِ لَفْظِهِ هُنَا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَلَامِهِ فِي التَّوْضِيحِ فَإِنْ لَمْ يُكَلِّمْهُ أَصْلًا أَوْ كَلَّمَهُ بَعْدَ غَدٍ لَمْ يُطَلَّقْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَكَشَفَ الْغَيْبُ) مَعْطُوفٌ عَلَى كَانَ عَلَيْهَا أَيْ لَمَّا كَشَفَ فَهُوَ فِعْلٌ مَاضٍ وَقَوْلُهُ: كِلَاهُمَا بَاطِلٌ أَيْ كِلَا الْأَمْرَيْنِ الْأَوَّلُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: مَا كَانَ عَلَيْهَا عِدَّةٌ هُنَا بَاطِلٌ بَلْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَالثَّانِي لَمَّا كَشَفَ أَيْ إنَّ عَدَمَ كَشْفِ الْغَيْبِ بَاطِلٌ بَلْ كَشَفَ الْغَيْبُ أَنَّ الطَّلَاقَ كَانَ فِي مُطَلَّقَةٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ عَلَيْهَا الْعِدَّةَ، وَالطَّلَاقُ تَعَلَّقَ بِمُطَلَّقَةٍ أَيْ بِمُطَلَّقَةٍ بِهَذَا الطَّلَاقِ وَلَوْ قُلْنَا إنَّ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ وَمَضَى الزَّمَنُ الَّذِي تَنْقَضِي فِيهِ الْعِدَّةُ لَانْتَفَتْ عَنْهَا الْعِدَّةُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَتَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا الطَّلَاقَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِمُطَلَّقَةٍ بِهِ بَلْ تَعَلَّقَ بِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فَتَأَمَّلْ وَالثَّانِي مُتَرَتِّبٌ عَلَى الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَ الشَّهْرِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالْبَعْدِيَّةِ رَأْسَ الشَّهْرِ وَهُوَ الْوَاقِعُ فِي النَّصِّ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ عِبَارَةُ الْبَيَانِ وَنَصُّهَا وَاخْتُلِفَ فِي قَوْلِ الْقَائِلِ امْرَأَتِي طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ لَمْ أُطَلِّقْهَا عِنْدَ رَأْسِ الْهِلَالِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ أَوَّلُهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ عَجَّلَ الطَّلْقَةَ الَّتِي عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ لَمْ يَلْزَمْهُ غَيْرُهَا وَإِنْ أَبَى وُقِفَ فَقِيلَ لَهُ: إمَّا عَجَّلْت التَّطْلِيقَةَ الْآنَ وَإِلَّا بَانَتْ مِنْك بِالثَّلَاثِ وَهَذَا يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الَّذِي يَقُولُ امْرَأَتِي طَالِقٌ إنْ لَمْ أُطَلِّقْهَا أَنَّهُ يُعَجَّلُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَالثَّانِي أَنَّهُ إنْ عَجَّلَ الطَّلْقَةَ الَّتِي جَعَلَ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ لَمْ يَلْزَمْهُ غَيْرُهَا وَإِنْ أَبِي أَنْ يُعَجِّلَهَا تُرِكَ وَلَمْ يُوقَفْ عَلَى الطَّلَاقِ فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ حَتَّى هَلَّ الشَّهْرُ بَانَتْ مِنْهُ بِالثَّلَاثِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَسَحْنُونٍ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ لَا يُوقَفُ حَتَّى يَأْتِيَ الشَّهْرُ فَيَبَرَّ بِالطَّلَاقِ عِنْدَهُ أَوْ يَحْنَثَ وَإِنْ عَجَّلَ التَّطْلِيقَةَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الشَّهْرُ لَمْ يُخْرِجْهُ ذَلِكَ عَنْ يَمِينِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنْ أَنْ يُطَلِّقَ عِنْدَ رَأْسِ الْهِلَالِ وَإِلَّا حَنِثَ وَهُوَ قَوْلُ الْمُغِيرَةِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَانَتْ مِنْك بِالثَّلَاثِ) الْمُتَبَادَرُ أَنَّهَا بَانَتْ الْآنَ وَقَوْلُهُ حَتَّى جَاوَزَ الْأَجَلَ أَيْ الَّذِي هُوَ رَأْسُ الشَّهْرِ، وَقَوْلُهُ " قَبْلَ مَجِيئِهِ " الْأَوْلَى قَبْلَ الْمُجَاوَزَةِ لِأَجْلِ أَنْ يَشْمَلَ الْفِعْلَ فِي الْأَجَلِ الَّذِي هُوَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَإِنَّهُ لَا حِنْثَ إلَّا أَنَّ عِبَارَةَ الشَّيْخِ أَحْمَدَ تُخَالِفُهُ وَنَصُّهُ وَانْظُرْ لَوْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ إلَّا عِنْدَ الْأَجَلِ وَأَوْقَعَ إذْ ذَاكَ وَاحِدَةً هَلْ تَكْفِيهِ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ أَلْبَتَّةَ وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ انْتَهَى وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بَانَتْ مِنْهُ الْآنَ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: الْبِرُّ الْمُؤَقَّتُ) هُوَ الْحِنْثُ الْمُقَيَّدُ

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ بِقَدْرِ مَا يَرَى) وَلَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا زَمَنَ التَّلَوُّمِ عَلَى الرَّاجِحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>