للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِذَا قَالَ كُنْت صَادِقًا فَهُوَ كَالْقَذْفِ الْمُبْتَدَأِ فَوَجَبَ أَنْ يُحَدَّ تَارَةً أُخْرَى وَقِيلَ إنَّ الْمُلَاعِنَ أَيْمَانُهُ كَأَرْبَعَةِ شُهُودٍ أَقَامَهَا عَلَى قَذْفِهِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِهِ مِمَّا إذَا قَذَفَهَا بِأَمْرٍ آخَرَ أَوْ بِمَا هُوَ أَعَمُّ فَإِنَّهُ يُحَدُّ فَالْأَوَّلُ كَأَنْ يَقْذِفَهَا ثَانِيًا بِنَفْيِ النَّسَبِ بَعْدَ أَنْ قَذَفَهَا بِالزِّنَا وَالثَّانِي كَقَوْلِهِ أَنْتِ تَزْنِي مَعَ كُلِّ النَّاسِ بَعْدَ أَنْ قَالَ لَهَا زَنَيْت مَعَ فُلَانٍ أَوْ شَخْصٍ وَلَا بُدَّ أَنْ نَتَجَوَّزَ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ بِهِ فَنَقُولَ بِعَيْنِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ يَصْدُقُ إذَا بِمَا قَذَفَهَا بِهِ مَعَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَذَفَهَا بِمَا قَذَفَهَا بِهِ أَوَّلًا إذْ الْأَخَصُّ دَاخِلٌ فِي الْأَعَمِّ فَلِذَلِكَ تَوَرَّكَ ابْنُ غَازِيٍّ عَلَيْهِ.

(ص) وَوَرِثَ الْمُسْتَلْحِقُ الْمَيِّتَ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَقَلَّ الْمَالُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ إذَا نَفَى وَلَدَهُ وَلَاعَنَ فِيهِ ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ عَنْ مَالٍ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ أَبُوهُ فَإِنَّ الْأَبَ يُحَدُّ وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَيَرِثُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لِلْوَلَدِ الْمَيِّتِ وَلَدٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ وَلَوْ أُنْثَى يُشَارِكُ الْأَبَ فِي سُدُسِ الْمَالِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ كَذَلِكَ بِأَنْ عَدِمَ رَأْسًا أَوْ وُجِدَ لَا عَلَى الصِّفَةِ بَلْ عَبْدٌ أَوْ نَصْرَانِيٌّ وَلَكِنْ قَلَّ الْمَالُ الَّذِي يَحُوزُهُ الْمُسْتَلْحَقُ أَوْ الْبَاقِي بِالتَّعْصِيبِ فَيَرِثُ أَيْضًا لِضَعْفِ التُّهْمَةِ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو إبْرَاهِيمَ الْأَعْرَجُ وَمِنْ يَدِهِ أَخَذَهُ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ تَتَّبِعَ التُّهْمَةُ فَقَدْ يَكُونُ السُّدُسُ كَثِيرًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَرِثَهُ وَلَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ وَقَدْ يَكُونُ الْمَالُ كُلُّهُ يَسِيرًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَرِثَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ انْتَهَى فَقَوْلُهُ وَوَرِثَ الْمُسْتَلْحِقُ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُسْتَلْحَقَ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمَيِّتَ إنْ كَانَ لَهُ أَيْ لِلْمُسْتَلْحَقِ بِالْفَتْحِ وَلَدُ أَوْ وَلَدٍ وَلَدٌ وَلَوْ بِنْتًا عَلَى ظَاهِرِهَا وَقَدْ نُوزِعَ الْمُؤَلِّفُ فِي التَّقْيِيدِ بِالْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ فَانْظُرْهُ فِي ابْنِ غَازِيٍّ وَانْظُرْ نَصَّهُ وَمَا زِيدَ عَلَيْهِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ اللِّعَانِ فِي نَفْيِ الْحَمْلِ وَلَا يُؤَخَّرُ لِلْوَضْعِ خَوْفَ انْفِشَاشِهِ بِقَوْلِهِ بِلِعَانٍ مُعَجَّلٍ تَكَلَّمَ عَلَى مَا يَمْنَعُ اللِّعَانَ فِي الرُّؤْيَةِ وَنَفْي الْحَمْلِ.

فَقَالَ (ص) وَإِنْ وَطِئَ أَوْ أَخَّرَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِوَضْعٍ أَوْ حَمْلٍ بِلَا عُذْرٍ امْتَنَعَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ وَطِئَ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ أَوْ عِلْمِهِ بِوَضْعٍ أَوْ حَمْلٍ أَوْ أَخَّرَ لِعَانَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِوَضْعٍ أَوْ حَمْلٍ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ بِلَا عُذْرٍ فِي التَّأْخِيرِ امْتَنَعَ لِعَانُهُ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَبَقِيَتْ زَوْجَةً مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً وَحُدَّ لِلْمُسْلِمَةِ وَلَيْسَ مِنْ الْعُذْرِ تَأْخِيرُهُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ رِيحًا فَيَنْفَشُّ خِلَافًا لِابْنِ الْقَصَّارِ وَالْمَانِعُ فِي الرُّؤْيَةِ الْوَطْءُ لَا التَّأْخِيرُ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى حُكْمِ الْمُلَاعِنِ وَالْمُلَاعِنَةِ وَعَلَى مَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ الْمُلَاعِنُ فِي لِعَانِهِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى صِفَةِ اللِّعَانِ فَقَالَ (ص) وَشَهِدَ بِاَللَّهِ أَرْبَعًا لَرَأَيْتهَا تَزْنِي (ش) اعْلَمْ أَنَّهُ تَارَةً يُلَاعِنُ لِرُؤْيَةِ الزِّنَا وَتَارَةً يُلَاعِنُ لِنَفْيِ الْحَمْلِ وَالْكَلَامُ الْآنَ لِلْأَوَّلِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَ إذَا لَاعَنَ لِرُؤْيَةِ الزِّنَا بِأَنْ قَالَ رَأَيْتهَا تَزْنِي فَإِنَّهُ يَقُولُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَرَأَيْتهَا تَزْنِي وَيَقُولُ ذَلِكَ فِي كُلِّ يَمِينٍ، قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ أَيْ يَزِيدُ هَذَا

ــ

[حاشية العدوي]

اللِّعَانَ وَإِلَّا حُدَّ (أَقُولُ) الْأَوْلَى فِي الْفَرْقِ أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مِنْ الِاخْتِلَاطِ الْمُوجِبِ لِعِلْمِ كُلٍّ مِنْهُمَا حَالَ صَاحِبِهِ اكْتَفَى الشَّرْعُ فِي قَذْفِ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ بِاللِّعَانِ وَلَمْ يُوجِبْ الْحَدَّ وَمِنْ أَثَرِ ذَلِكَ عَدَمُ الْحَدِّ بِقَذْفِهَا ثَانِيًا بِمَا قَذَفَهَا بِهِ أَوَّلًا.

(قَوْلُهُ كَأَرْبَعَةِ شُهُودٍ) قَدَحَ فِي ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي عَدَمَ حَدِّ قَاذِفِهَا وَلَوْ أَجْنَبِيًّا وَعَدَمَ حَدِّ زَوْجِهَا إذَا قَذَفَهَا بِغَيْرِ مَا قَذَفَهَا بِهِ أَوَّلًا.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ كَلَامَهُ يَصْدُقُ إلَخْ) بَعِيدٌ مِنْ ظَاهِرِ اللَّفْظِ

(قَوْلُهُ الْمَيِّتَ) وَأَمَّا إنْ اسْتَلْحَقَهُ فِي صِحَّتِهِ وَرِثَهُ مُطْلَقًا وَاسْتِلْحَاقُهُ لَهُ فِي مَرَضِهِ كَاسْتِلْحَاقِهِ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ فِي سُدُسِ الْمَالِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْمَعْنَى وَلَوْ أُنْثَى يُشَارِكُهَا الْأَبُ بِأَخْذِ سُدُسِ الْمَالِ فَرْضًا.

(قَوْلُهُ وَمِنْ يَدِهِ أَخَذَهُ) أَيْ سَلَّمَهُ لَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَاعْتَمَدَهُ.

(قَوْلُهُ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ اعْتِمَادَ الْإِطْلَاقِ يَقْوَى أَنْ لَا يُلْتَفَتَ لِلتُّهْمَةِ.

(قَوْلُهُ وَانْظُرْ نَصَّهُ وَمَا زِيدَ عَلَيْهِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ) حَاصِلُ كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ أَنَّ النُّقُولَ مُصَرِّحَةٌ بِالتَّعْمِيمِ قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْأَنْقَالُ فِي الْإِلْحَاقِ لَا فِي الْإِرْثِ الَّذِي كَلَامُنَا فِيهِ انْتَهَى قَالَ عج وَفِيهِ بَحْثٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَطَّابَ ارْتَضَى تَعَقُّبَ ابْنِ غَازِيٍّ وَنَقَلَ فِي بَابِ الِاسْتِلْحَاقِ عَنْ نَوَازِلِ سَحْنُونَ مَا يَشْهَدُ لَهُ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ وُجُودُ مَا ذُكِرَ كَالْعَدَمِ؛ لِأَنَّ إسْلَامَ الْكَافِرِ وَعِتْقَ الْعَبْدِ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا يُوجِبُ لَهُ مِيرَاثًا

(قَوْلُهُ خَوْفَ انْفِشَاشِهِ) تَعْلِيلٌ لِلْمَنْفِيِّ أَيْ أَنَّ الْقَوْلَ بِالتَّأْخِيرِ لِاحْتِمَالٍ لَا نَقُولُ بِهِ وَلِذَلِكَ لَا يُعَدُّ مِنْ الْعُذْرِ تَأْخِيرُهُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ رِيحًا فَيَنْفَشُّ وَلَا يُؤَخَّرُ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُخِّرَ لِلْوَضْعِ لَرُبَّمَا انْفَشَّ الْحَمْلُ

(قَوْلُهُ وَإِنْ وَطِئَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ احْتَوَى عَلَى أَرْبَعِ صُوَرٍ وَطِئَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِوَضْعٍ أَوْ حَمْلٍ وَهَاتَانِ صُورَتَانِ أَخَّرَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِوَضْعٍ أَوْ حَمْلٍ وَهَاتَانِ صُورَتَانِ وَالْأَرْبَعُ لَيْسَتْ فِي اللِّعَانِ لِلرُّؤْيَةِ لِمَا سَيَأْتِي آخِرَ الْعِبَارَةِ وَزَادَ الشَّارِحُ وَاحِدَةً وَهِيَ الْخَامِسَةُ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ وَطِئَ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ أَيْ وَيَكُونُ اللِّعَانُ فِي ذَلِكَ لِلرُّؤْيَةِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ إلَّا أَنَّ أَرْبَعَةً مُتَعَلِّقَةٌ بِاللِّعَانِ لِنَفْيِ الْحَمْلِ وَهِيَ الَّتِي فِي الْمَتْنِ وَاَلَّتِي زَادَهَا الشَّارِحُ فِي اللِّعَانِ لِلرُّؤْيَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ بِوَضْعٍ أَوْ حَمْلٍ أَنَّهُ فِي نَفْيِ الْوَلَدِ وَأَمَّا فِي الرُّؤْيَةِ فَإِنْ وَطِئَ بَعْدَ دَعْوَاهُ امْتَنَعَ لِعَانُهُ وَإِنْ لَمْ يَطَأْ فَلَا يَضُرُّهُ وَلَهُ الْقِيَامُ وَإِنْ طَالَ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ أَخَّرَ مَعَ عِلْمِهِ بِوَضْعٍ أَوْ حَمْلٍ بِلَا عُذْرٍ امْتَنَعَ كَوَطْئِهِ وَإِنْ بِرُؤْيَتِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ فَتَدَبَّرْ قَوْلَهُ وَالْمَانِعُ فِي الرُّؤْيَةِ الْوَطْءُ.

(قَوْلُهُ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ) كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ بَهْرَامُ يُرِيدُ أَوْ أَكْثَرَ.

(قَوْلُهُ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ) هِيَ قَوْلُهُ إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ وَطِئَ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ أَوْ عِلْمِهِ بِوَضْعٍ أَوْ حَمْلٍ هَذِهِ ثَلَاثَةٌ، وَقَوْلُهُ أَوْ أُخِّرَ لِعَانُهُ إلَخْ صُورَتَانِ.

(قَوْلُهُ حُكْمُ الْمُلَاعِنِ إلَخْ) أَيْ الْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمُلَاعِنِ وَالْمُلَاعِنَةِ.

(قَوْلُهُ أَرْبَعًا) الْأُولَى تَأَخُّرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ لَرَأَيْتهَا تَزْنِي لِيَكُونَ التَّكْرَارُ أَرْبَعًا لِلصِّيغَةِ بِتَمَامِهَا لَا لِأَشْهَد بِاَللَّهِ فَقَطْ

١ -

(قَوْلُهُ أَيْ يَزِيدُ هَذَا إلَخْ) الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ الَّذِي لَا إلَهَ

<<  <  ج: ص:  >  >>