فِي بَابِ الْمُقَاصَّةِ
(ص) وَسَقَطَتْ بِالْأَكْلِ مَعَهُ وَلَهَا الِامْتِنَاعُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَكَلَتْ مَعَ زَوْجِهَا فَإِنَّ نَفَقَتَهَا الْمُقَرَّرَةَ أَوْ الْمُطَالَبَةَ بِهَا إنْ لَمْ تَكُنْ مُقَرَّرَةً تَسْقُطُ عَنْهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَهَا أَنْ تَمْتَنِعَ مِنْ الْأَكْلِ مَعَهُ وَتَقُولَ لَهُ ادْفَعْ إلَيَّ نَفَقَتِي أَنَا أُنْفِقُ عَلَى نَفْسِي وَتُجَابُ إلَى ذَلِكَ وَيُفْرَضُ لَهَا مَا مَرَّ مِنْ الْأَعْيَانِ أَوْ الْأَثْمَانِ، وَالْكِسْوَةُ كَالنَّفَقَةِ فَإِذَا كَسَاهَا مَعَهُ فَلَيْسَ لَهَا غَيْرُ ذَلِكَ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي النَّفَقَةِ وَلَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا لِأَنَّ السَّفِيهَ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِي نَفَقَتِهِ وَأَمَّا الْكِسْوَةُ إنْ كَانَتْ مَحْجُورَةً فَلَا تَسْقُطُ كِسْوَتُهَا الْمُقَرَّرَةُ أَوْ كِسْوَتُهَا الْمُعْتَادَةُ لَهَا بِكِسْوَتِهَا مَعَهُ
(ص) أَوْ مَنَعَتْ الْوَطْءَ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا مَنَعَتْ زَوْجَهَا مِنْ الْوَطْءِ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنَّ نَفَقَتَهَا تَسْقُطُ عَنْهُ لِأَنَّ مَنْعَهَا نُشُوزٌ وَالنَّفَقَةُ تَسْقُطُ بِالنُّشُوزِ وَإِذَا ادَّعَتْ أَنَّهَا إنَّمَا مَنَعَتْهُ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهِ حَيْثُ خَالَفَهَا الزَّوْجُ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ مِنْ الثُّبُوتِ بِامْرَأَتَيْنِ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ وَإِلَّا فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ كَخُرُوجِهَا بِلَا إذْنٍ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ هِيَ تَمْنَعُنِي مِنْ وَطْئِهَا حَيْثُ قَالَتْ لَمْ أَمْنَعْهُ وَإِنَّمَا الْمَانِعُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى إسْقَاطِ حَقِّهَا مِنْ النَّفَقَةِ كَمَا قَالَهُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ.
(ص) أَوْ الِاسْتِمْتَاعَ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ تَسْقُطُ النَّفَقَةُ بِمَنْعِهَا الِاسْتِمْتَاعَ كَمَنْ لَا تُوطَأُ كَالرَّتْقَاءِ وَنَحْوِهَا وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ وَالْمَنْعُ مِنْ الْوَطْءِ أَوْ الِاسْتِمْتَاعِ يُعْلَمُ مِنْ جِهَتِهَا بِأَنْ تُقِرَّ بِذَلِكَ بِحَضْرَةِ عَدْلَيْنِ أَوْ عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينٍ عَلَى مَا يَظْهَرُ فَإِنْ قُلْتَ كَيْفَ يَثْبُتُ بِعَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ مَعَ أَنَّ الْمَنْعَ الْمَذْكُورَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُتَرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا مَرَّ مِنْ كَوْنِهِ يَعِظُهَا ثُمَّ يَهْجُرُهَا ثُمَّ يَضْرِبُهَا إنْ أَفَادَ (ص) أَوْ خَرَجَتْ بِلَا إذْنٍ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا خَرَجَتْ مِنْ مَحَلِّ طَاعَةِ زَوْجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى عَوْدِهَا إلَى مَحَلِّ طَاعَتِهِ لَا بِنَفْسِهِ وَلَا بِالْحَاكِمِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ أَشَدَّ النُّشُوزِ فَتَسْقُطُ بِهِ نَفَقَتُهَا وَتَسْتَحِقُّ حِينَئِذٍ التَّعْزِيرَ عَلَى ذَلِكَ أَبُو عِمْرَانَ وَأَسْتَحْسِنُ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَنْ يُقَالَ لَهَا إمَّا أَنْ تَرْجِعِي إلَى بَيْتِك أَوْ تُحَاكِمِي زَوْجَك وَتُنْصِفِيهِ وَإِلَّا فَلَا نَفَقَةَ لَك لِتَعَذُّرِ الْأَحْكَامِ وَالْإِنْصَافِ فِي هَذَا الزَّمَانِ وَيُؤَدِّبُهَا هُوَ أَوْ الْحَاكِمُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ وَكَذَلِكَ الْهَارِبَةُ إلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ مِثْلُ النَّاشِزِ.
وَأَمَّا إلَى مَوْضِعٍ
ــ
[حاشية العدوي]
هَذَا يُنَافِي مَضْمُونَ قَوْلِهِ وَمَحَلُّ إجَابَةِ إلَخْ فَتَدَبَّرْ
. (قَوْلُهُ وَسَقَطَتْ بِالْأَكْلِ مَعَهُ) أَيْ مُدَّةُ أَكْلِهَا مَعَهُ فَلَوْ قَامَتْ وَطَلَبَتْ الْفَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهَا ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَلَهَا الِامْتِنَاعُ) وَيَنْبَغِي مَا لَمْ تَلْتَزِمْ الْأَكْلَ مَعَهُ فَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ كَذَا لِبَعْضِ الشُّيُوخِ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا إذَا طَلَبَتْ دَرَاهِمَ وَادَّعَى أَنَّهَا أَكَلَتْ مَعَهُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ الزَّوْجُ.
(تَنْبِيهٌ) :
قَوْلُهُ وَلَهَا الِامْتِنَاعُ أَيْ وَإِنْ كَانَتْ تُؤْمَرُ بِالْأَكْلِ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّوَدُّدِ وَحُسْنِ الْعِشْرَةِ قَالَهُ الْبُرْزُلِيُّ وَنَظِيرُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَنَامَ مَعَهَا فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ التَّوَدُّدِ مَا لَمْ تَكُنْ كَبِيرَةً يَضُرُّهُ ذَلِكَ مَعَهَا فَلَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ وَلَهَا الِامْتِنَاعُ أَيْ ابْتِدَاءً أَوْ انْتِهَاءً.
(قَوْلُهُ وَأَمَّا الْكِسْوَةُ إذَا كَانَتْ مَحْجُورَةً) الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّفَقَةِ أَنَّ النَّفَقَةَ هَالِكَةٌ بِخِلَافِ الْكِسْوَةِ
(قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ لَا تَسْقُطُ عَنْ امْتِنَاعِهَا مِنْ الْوَطْءِ وَاخْتَارَهُ الْبَاجِيُّ وَجَمَاعَةٌ.
(قَوْلُهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ) وَمِثْلُ الْعُذْرِ إذَا كَانَ يَسِيرًا ثُمَّ سُقُوطُ نَفَقَتِهَا مِمَّا ذُكِرَ فِي مَنْعِهَا.
(قَوْلُهُ كَخُرُوجِهَا بِلَا إذْنٍ إلَخْ) أَيْ أَنَّهَا خَرَجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِكَوْنِ ظَالِمٍ أَخْرَجَهَا مَثَلًا حَتَّى يُنَاسِبَ الْمَقَامَ مِنْ أَنَّهَا مَنَعَتْهُ الْوَطْءَ أَيْ وَالْخُرُوجُ بِلَا إذْنٍ مَنْعٌ مِنْ الْوَطْءِ وَالْأَحْسَنُ أَنَّهُ تَنْظِيرٌ لَا تَمْثِيلٌ فَالْمَرَضُ الَّذِي لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ كَمَرَضِ الْبَطْنِ وَاَلَّذِي يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ كَمَرَضٍ بِالْوَجْهِ.
(قَوْلُهُ أَوْ الِاسْتِمْتَاعَ) أَيْ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الِاسْتِمْتَاعِ كَمَا أَفَادَهُ الشُّرَّاحُ وَاعْلَمْ أَنَّهَا إذَا مَكَّنَتْهُ مِنْ الْوَطْءِ وَمَنَعَتْهُ مِنْ غَيْرِهِ لَا تَكُونُ نَاشِزَةً.
(قَوْلُهُ عَلَى مَا يَظْهَرُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الِاسْتِظْهَارَ يَتَعَلَّقُ بِالْعَدْلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينٍ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ) أَيْ مُوجِبِ التَّعْزِيرِ.
(قَوْلُهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُتَرَتِّبَ عَلَيْهِ) فِيهِ أَنَّ هَذَا تَعْزِيرٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَاكَ إذَا كَانَ وَاقِعًا مِنْ الْحَاكِمِ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى عَوْدِهَا) أَيْ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَنْعِهَا ابْتِدَاءً فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَمْنَعْهَا لَمْ تَسْقُطْ لِأَنَّهُ كَخُرُوجِهَا بِإِذْنِهِ وَبَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ ظَالِمَةً لَا إنْ خَرَجَتْ لِظُلْمٍ رَكِبَهَا فَلَهَا النَّفَقَةُ وَلَوْ عَجَزَ عَنْ رَدِّهَا وَأَنْ يَكُونَ زَوْجُهَا حَاضِرًا وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُسَافِرًا وَخَرَجَتْ فَلَهَا النَّفَقَةُ وَلَا تَسْقُطُ وَأَنْ تَكُونَ فِي عِصْمَتِهِ فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَةُ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا إذَا خَرَجَتْ بِلَا إذْنٍ وَلَوْ عَجَزَ عَنْ رَدِّهَا عَلَى الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَأَنْ لَا تَكُونَ حَامِلًا وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا فَلَهَا النَّفَقَةُ وَلَوْ عَجَزَ عَنْ رَدِّهَا.
(قَوْلُهُ أَبُو عِمْرَانَ إلَخْ) مُلَخَّصُهُ أَنَّهُ لَا دَاعِيَ إلَى ذَهَابِ زَوْجِهَا إلَى حَاكِمٍ بَلْ يُقَالُ لَهَا إمَّا أَنْ تَرْجِعِي إلَى بَيْتِك أَوْ تَتَعَاطَيْ الشَّرْعَ مَعَ زَوْجِك وَلِذَلِكَ قَالَ شب وَأَمَّا فِي زَمَنٍ تَعَذَّرَ فِيهِ الْإِحْكَامُ وَالْإِنْصَافُ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا حَيْثُ طَلَبَهَا لِلْعَوْدِ وَلَمْ تَرْضَ. اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ أَوْ كَانَ غَيْرَ مُنْصِفٍ فَإِنَّ نَفَقَتَهَا لَا تَسْقُطُ بِمُجَرَّدِ الْخُرُوجِ بَلْ يُقَالُ لَهَا إمَّا أَنْ تَرْجِعِي أَوْ تَتَعَاطَيْ مَعَ زَوْجِك الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ أَوْ تَسْقُطَ نَفَقَتُك فَإِنْ رَجَعَتْ لَمْ تَسْقُطْ وَإِلَّا سَقَطَتْ.
(قَوْلُهُ وَيُؤَدِّبُهَا هُوَ أَوْ الْحَاكِمُ) أَيْ إذَا ظَهَرَ مِنْهَا مُوجِبُ التَّأْدِيبِ وَهَذَا مُرْتَبِطٌ بِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَا بِكَلَامِ أَبِي عِمْرَانَ فَعَلَى كَلَامِ أَبِي عِمْرَانَ لَا تُؤَدَّبُ.
(قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الْهَارِبَةُ) أَيْ فَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا وَكِسْوَتُهَا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ رَدِّهَا وَعِبَارَةُ شب أَيْ فَيَجْرِي فِيهَا عَجْزُهُ عَنْ رَدِّهَا بِالْحَاكِمِ إذَا كَانَ مُنْصِفًا.
(قَوْلُهُ مِثْلُ النَّاشِزِ) أَرَادَ بِالنَّاشِزِ مَنْ خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهَا ابْتِدَاءً كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الْحَطَّابِ لَكِنْ ذَكَرَ الْجُزُولِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ وَلَا نَفَقَةَ لِلزَّوْجَةِ حَتَّى