للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِاللِّسَانِ أَوْ عَمَلًا وَخِدْمَةً بِالْأَرْكَانِ أَيْ الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ وَالْمَدْحُ وَالشُّكْرُ مَذْكُورَانِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ مَعَ فَوَائِدَ نَفِيسَةٍ وَكَذَلِكَ هَلْ الْأَدَاةُ فِي الْحَمْدِ لِلِاسْتِغْرَاقِ أَوْ لِلْجِنْسِ أَوْ لِلْعَهْدِ أَقْوَالٌ مَبْسُوطَةٌ فِي الْأَصْلِ أَيْضًا وَذَكَرَ مَعَ الْحَمْدِ الِاسْمَ الْكَرِيمَ الْجَامِعَ لِمَعَانِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ إذْ يُضَافُ إلَيْهِ غَيْرُهُ وَلَا يُضَافُ إلَى غَيْرِهِ فَيُقَالُ الرَّحْمَنُ مَثَلًا اسْمُ اللَّهِ وَلَا يُقَالُ اللَّهُ اسْمُ الرَّحْمَنِ إشَارَةً لِاسْتِحْقَاقِهِ تَعَالَى الْحَمْدَ لِذَاتِهِ وَلِصِفَاتِهِ (ص) حَمْدًا يُوَافِي مَا تَزَايَدَ مِنْ النِّعَمِ (ش) حَمْدًا

ــ

[حاشية العدوي]

الْمُرَادُ الْجَزْمُ وَقَوْلُهُ بِالْجِنَانِ تَأْكِيدٌ؛ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ لَا يَكُونُ إلَّا بِهِ كَقَوْلِهِ نَظَرْت بِبَصَرِي وَقَوْلُهُ أَوْ قَوْلًا بِاللِّسَانِ أَمَّا أَنْ يُجْعَلَ كَالْأَوَّلِ لِكَوْنِ الْمُتَبَادِرِ الْقَوْلَ اللِّسَانِيَّ أَوْ مُخَصَّصَ بِنَاءً عَلَى عُمُومِهِ لِلْقَوْلِ اللِّسَانِيِّ وَالنَّفْسَانِيِّ وَأَرَادَ بِالْفِعْلِ مَا قَابَلَ الِانْفِعَالَ فَيَصْدُقُ بِالْكَيْفِ الَّذِي التَّصْدِيقُ مِنْ أَفْرَادِهِ (قَوْلُهُ أَوْ عَمَلًا وَخِدْمَةً بِالْأَرْكَانِ) أَيْ بِهَذَا الْجِنْسِ الْمُتَحَقِّقِ فِي وَاحِدٍ وَمَعْنَاهُ أَنْ يُتْعِبَ نَفْسَهُ فِي طَاعَتِهِ وَانْقِيَادِهِ قَالَ فِي ك وَعَطْفُ الْخِدْمَةِ عَلَى الْعَمَلِ فِي التَّعْرِيفِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْعَمَلَ إنَّمَا يَكُونُ شُكْرًا إذَا كَانَ عَلَى جِهَةِ الْخِدْمَةِ دُونَ الْأُجْرَةِ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ فِي التَّعْرِيفِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ بِسَبَبِ كَوْنِهِ مُنْعِمًا انْتَهَى (وَأَقُولُ) إنَّمَا قَالَ وَخِدْمَةً إشَارَةً إلَى أَنَّ ذَلِكَ الْعَمَلَ إنَّمَا يَكُونُ حَمْدًا حَقِيقَةً إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الذُّلِّ وَالْمَسْكَنَةِ الَّتِي هِيَ صِفَةُ الْخَدِيمِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بِتِلْكَ الصِّفَةِ فَلَا يُقَالُ لَهُ حَمْدٌ حَقِيقَةً.

(قَوْلُهُ أَيْ الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ) لَا يَسْتَقِيمُ إلَّا بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ آلَاتِ الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ فَبَيْنَ الْحَمْدِ اللُّغَوِيِّ وَالْحَمْدِ الِاصْطِلَاحِيِّ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ الْوَجْهِيِّ يَجْتَمِعَانِ فِي ثَنَاءٍ بِلِسَانٍ فِي مُقَابَلَةِ إنْعَامٍ وَيَنْفَرِدُ الْحَمْدُ اللُّغَوِيُّ فِي ثَنَاءٍ بِلِسَانٍ لَا فِي مُقَابَلَةِ إنْعَامٍ كَأَنْ يَقَعَ فِي مُقَابَلَةِ قِرَاءَتِهِ قِرَاءَةً جَيِّدَةً (قَوْلُهُ وَالْمَدْحُ) أَيْ الْمَدْحُ لُغَةً الثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ عَلَى الْجَمِيلِ سَوَاءٌ كَانَ اخْتِيَارِيًّا أَمْ لَا عَلَى جِهَةِ التَّعْظِيمِ وَعُرْفًا فِعْلٌ مِنْ الْمَادِحِ يُنْبِئُ عَنْ تَعْظِيمِ الْمَمْدُوحِ يَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِ الْمَمْدُوحِ عِنْدَهُ عَنْ غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ اخْتِصَاصًا نِسْبِيًّا بِنَوْعٍ مِنْ الْفَضَائِلِ أَوْ الْفَوَاضِلِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ الدَّالُّ عَلَى مَا ذَكَرَ بِاللِّسَانِ أَمْ بِالْجَنَانِ أَمْ بِالْأَرْكَانِ

(قَوْلُهُ وَالشُّكْرُ) الشُّكْرُ لُغَةً هُوَ الْحَمْدُ اصْطِلَاحًا فَهُمَا مُتَرَادِفَانِ إذَا لَمْ تُقَيَّدْ النِّعْمَةُ فِي الشُّكْرِ بِإِيصَالِهَا إلَى الشَّاكِرِ وَإِلَّا فَبَيْنَهُمَا الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ الْمُطْلَقُ وَعُرْفًا صَرْفُ الْعَبْدِ جَمِيعَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ إلَى مَا خُلِقَ لِأَجْلِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ) حَاصِلُهُ أَنَّ أَلْ تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلِاسْتِغْرَاقِ كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ فَيَكُونُ مُفَادُهَا بِالْمُطَابَقَةِ أَنَّ كُلَّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ مُخْتَصٌّ فِي الْحَقِيقَةِ بِهِ أَيْ مَقْصُورٌ عَلَيْهِ لَا فَرْدٌ مِنْهُ فِي الْحَقِيقَةِ لِغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ فِي الظَّاهِرِ إذْ مَا مِنْ مَحْمُودٍ عَلَيْهِ إلَّا، وَهُوَ مِنْهُ بِوَسَطٍ أَوْ بِغَيْرِهِ وَأَنْ تَكُونَ لِلْجِنْسِ كَمَا عَلَيْهِ الزَّمَخْشَرِيُّ فَيَكُونُ مُفَادُهَا ذَلِكَ بِالِالْتِزَامِ؛ لِأَنَّ مُفَادَهَا بِالْمُطَابَقَةِ جِنْسَ الْحَمْدِ مُخْتَصٌّ بِاَللَّهِ وَمَا ذُكِرَ لَازِمٌ لَهُ إذْ يَلْزَمُ مِنْ اخْتِصَاصِ جِنْسِ الْحَمْدِ بِاَللَّهِ اخْتِصَاصُ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ بِهِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ الْجِنْسُ مُخْتَصًّا بِهِ لِتَحَقُّقِهِ فِي الْفَرْدِ الْمَفْرُوضِ ثُبُوتُهُ لَهُ هَذَا خَلْفٌ وَحُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي الْعَبَّاسِ الْمُرْسِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ قَالَ قُلْت لِابْنِ النَّحَّاسِ النَّحْوِيِّ مَا تَقُولُ فِي الْأَلِفِ وَاللَّامِ فِي الْحَمْدُ لِلَّهِ أَجِنْسِيَّةٌ هِيَ أَمْ عَهْدِيَّةٌ فَقَالَ يَا سَيِّدِي قَالُوا إنَّهَا جِنْسِيَّةٌ فَقُلْت لَهُ الَّذِي أَقُولُ إنَّهَا عَهْدِيَّةٌ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا عَلِمَ عَجْزَ خَلْقِهِ عَنْ كُنْهِ حَمِدَهُ حَمِدَ نَفْسَهُ بِنَفْسِهِ فِي الْأَزَلِ نِيَابَةً عَنْ خَلْقِهِ قَبْلَ أَنْ يَحْمَدُوهُ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَحْمَدُوهُ بِذَلِكَ الْحَمْدِ فَقَالَ يَا سَيِّدِي أُشْهِدُك أَنَّهَا عَهْدِيَّةٌ وَهَذَا مَعْنًى حَسَنٌ. (قَوْلُهُ الِاسْمَ الْكَرِيمَ) أَيْ النَّفِيسَ الْعَزِيزَ كَمَا يُفِيدُهُ الْمِصْبَاحُ (قَوْلُهُ الْجَامِعَ لِمَعَانِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا عَدَا الِاسْمَ الْكَرِيمَ كُلَّهُ صِفَاتٌ أَيْ أَلْفَاظٍ دَالَّةٍ عَلَى ذَاتٍ وَصِفَةٍ كَالْوَهَّابِ الْفَتَّاحِ الْعَلِيمِ فَلَيْسَ فِيهَا اسْمٌ دَالٌّ عَلَى الذَّاتِ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ لَفْظِهِ فَلَا مُخَلِّصَ إلَّا بِأَنْ يُجْعَلَ الْعَطْفُ لِلتَّفْسِيرِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادَ بِالْأَسْمَاءِ مَا دَلَّ عَلَى مُجَرَّدِ الذَّاتِ بَلْ الْمُرَادُ بِهَا مَا دَلَّ عَلَى الذَّاتِ وَالصِّفَةِ وَتِلْكَ الْجَمْعِيَّةُ مِنْ جَمْعِيَّةِ الدَّالِّ لِلْمَدْلُولِ أَيْ دَلَالَتِهِ عَلَيْهِ، ثُمَّ إذَنْ يَكُونُ ظَاهِرًا فِي الْمُرُورِ عَلَى طَرِيقَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الْمَدْلُولَ لِلَفْظِ الْجَلَالَةِ الذَّاتُ مَعَ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ إذْ يُضَافُ إلَيْهِ غَيْرُهُ) أَيْ إذْ يُنْسَبُ إلَى مَعْنَاهُ غَيْرُهُ، وَهُوَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ الْجَامِعَ إلَخْ وَلَا يُضَافُ إلَى غَيْرِهِ أَيْ وَلَا يُنْسَبُ إلَى مَعْنَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَيُقَالُ الرَّحْمَنُ مَثَلًا اسْمُ اللَّهِ) أَيْ اسْمُ مَدْلُولِ اللَّهِ، فَإِنْ قُلْت مَدْلُولُ اللَّهِ الذَّاتُ وَجَمِيعُ الصِّفَاتِ وَالرَّحْمَنُ إنَّمَا مَدْلُولُهُ الذَّاتُ وَالرَّحْمَةُ فَلَا يَظْهَرُ إذَنْ كَوْنُ الرَّحْمَنِ اسْمَ الذَّاتِ وَجَمِيعِ الصِّفَاتِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَعْنَى الِاسْمِيَّةِ لَهُ أَنَّهُ مِمَّا يُطْلَقُ عَلَى ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ تَحَقُّقِ مَدْلُولِهِ فِيهِ مِنْ تَحَقُّقِ الْجُزْءِ فِي الْكُلِّ (قَوْلُهُ وَلَا يُقَالُ اللَّهُ اسْمُ الرَّحْمَنِ) أَيْ وَلَا يُقَالُ اللَّهُ اسْمُ الذَّاتِ مَعَ الرَّحْمَةِ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَهُ أَيْ اللَّهِ، وَهُوَ الذَّاتُ مَعَ كُلِّ الصِّفَاتِ لَيْسَ مُتَحَقِّقًا فِي مَدْلُولِ الرَّحْمَنِ بِخِلَافِ مَدْلُولِ الرَّحْمَنِ فَهُوَ مُتَحَقِّقٌ فِي مَدْلُولِ اللَّهِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِلْفَقِيرِ وَلَمْ يَرَهُ، ثُمَّ أَقُولُ وَيُمْكِنُ جَرَيَانُ هَذَا عَلَى التَّحْقِيقِ الْمُتَقَدِّمِ بِتَكَلُّفٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ إشَارَةٌ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَذَكَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ لِذَاتِهِ وَلِصِفَاتِهِ) أَيْ لِذَاتِهِ وَكُلِّ صِفَاتِهِ ذَاتِيَّةً وَفِعْلِيَّةً وَلَوْ قَالَ الْحَمْدُ لِلْعَلِيمِ أَوْ الْخَالِقِ مَثَلًا لَكَانَ حَمْدًا لِذَاتِهِ وَبَعْضِ صِفَاتِهِ لَا ذَاتِهِ وَكُلِّ صِفَاتِهِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ حَيْثُ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَهُوَ حَمْدٌ عَلَى الذَّاتِ وَجَمِيعِ الصِّفَاتِ لِكَوْنِ لَفْظَةِ الْجَلَالَةِ دَالَّةٌ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ بِخِلَافِ نَحْوِ الْعَالِمِ وَالْقَادِرِ مَثَلًا وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالصِّفَاتِ الذَّاتِيَّةِ وَيَكُونُ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ الْحَمْدُ لِذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ الذَّاتِيَّةِ كَمَا يَسْتَحِقُّهُ لِصِفَاتِهِ الْفِعْلِيَّةِ، ثُمَّ قَوْلُهُ إشَارَةٌ إلَخْ ظَاهِرٌ فِي كَوْنِ الذَّاتِ وَجَمِيعِ الصِّفَاتِ مَحْمُودًا عَلَيْهِ وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَتْ اللَّامُ فِي لِلَّهِ لِلتَّعْلِيلِ وَتَقْدِيرُهُمْ مُخْتَصٌّ أَوْ مَمْلُوكٌ أَوْ مُسْتَحِقٌّ يُنَافِيهِ؛ لِأَنَّ مُفَادَهُ أَنَّ الذَّاتَ وَكُلَّ الصِّفَاتِ مَحْمُودَةٌ إذَا كَانَتْ لِلِاخْتِصَاصِ أَوْ الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ الْمِلْكِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَحْمُودًا أَوْ حَامِدَةً إذَا كَانَتْ لِلِاخْتِصَاصِ مَثَلًا مِنْ حَيْثِيَّةِ كَوْنِهِ حَامِدًا (قَوْلُهُ مِنْ النِّعَمِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>