للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا وَنَظِيرُهُ وَمُمَاثِلُهُ هُوَ مَا قَامَ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا مَا قَامَ بِالْجَانِي فَإِنَّ الَّذِي لَمْ يَذْهَبْ هُوَ الْقَائِمُ بِالْجَانِي وَنَظِيرُهُ وَمُقَابِلُهُ هُوَ الْقَائِمُ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ

(ص) وَإِنْ ذَهَبَ وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ فَإِنْ اُسْتُطِيعَ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَالْعَقْلُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ضَرَبَ إنْسَانًا فَذَهَبَ نُورُ بَصَرِهِ وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ مَكَانَهَا لَمْ تُخْسَفْ فَإِنَّهُ يُفْعَلُ بِالْجَانِي مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ أَوْ زَادَ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْعَقْلُ وَبِعِبَارَةٍ: أَيْ وَإِنْ ذَهَبَ الْبَصَرُ بِضَرْبَةٍ فَإِنْ اُسْتُطِيعَ ذَهَابُ الْبَصَرِ بِحِيلَةٍ مِنْ الْحِيَلِ فَعَلَ ذَلِكَ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَضْرِبَهُ ضَرْبَةً مِثْلَ مَا ضَرَبَ لِأَنَّ الضَّرْبَةَ لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا وَإِنَّمَا يُقْتَصُّ مِنْ الْجُرْحِ فَالْمَسْأَلَةُ السَّابِقَةُ ذَهَبَ بِشَيْءٍ فِيهِ الْقِصَاصُ وَهَذِهِ ذَهَبَ بِشَيْءٍ لَا قِصَاصَ فِيهِ (ص) كَأَنْ شَلَّتْ يَدُهُ بِضَرْبَةٍ (ش) التَّشْبِيهُ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ مَعَ الْإِمْكَانِ وَإِلَّا فَالْعَقْلُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ ضَرَبَ يَدَ شَخْصٍ أَوْ رِجْلَهُ عَمْدًا فَبِسَبَبِ تِلْكَ الضَّرْبَةِ شُلَّتْ يَدُ الْمَضْرُوبِ فَإِنَّهُ يُفْعَلُ بِالضَّارِبِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ شَلَّتْ يَدُ الضَّارِبِ وَإِلَّا فَالْعَقْلُ فِي مَالِهِ دُونَ الْعَاقِلَةِ وَقَيَّدَ أَشْهَبُ هَذَا بِمَا إذَا كَانَتْ الضَّرْبَةُ بِجُرْحٍ فِيهِ الْقَوَدُ وَأَمَّا إنْ ضَرَبَهُ عَلَى رَأْسِهِ فَشَلَّتْ يَدُهُ فَلَا قَوَدَ فِيهِ وَعَلَيْهِ دِيَةُ الْيَدِ وَلَا يُنْظَرُ هُنَا لِكَوْنِهِ يُسْتَطَاعُ فِعْلُ الشَّلَلِ بِدُونِ الضَّرْبِ أَمْ لَا وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ نُدُورُ الشَّلَلِ عَنْ الضَّرْبِ بِخِلَافِ ذَهَابِ الْبَصَرِ

(ص) وَإِنْ قُطِعَتْ يَدُ قَاطِعٍ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ قِصَاصٍ لِغَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَطَعَ يَدَ شَخْصٍ عَمْدًا ثُمَّ إنَّ يَدَ الْقَاطِعِ ذَهَبَتْ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ أَوْ بِسَبَبِ سَرِقَةٍ أَيْ سَرَقَ الْقَاطِعُ فَقُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ ذَهَبَتْ يَدُ الْقَاطِعِ بِسَبَبِ قِصَاصٍ لِغَيْرِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِأَنْ قَطَعَ يَدَ آخَرَ فَاقْتُصَّ لَهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَلَى الْجَانِي لِأَنَّ حَقَّهُ إنَّمَا تَعَلَّقَ بِالْعُضْوِ الْمَخْصُوصِ فَلَمَّا تَعَذَّرَ بَطَلَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا مَاتَ الْقَاتِلُ فَإِنَّ الْمَقْتُولَ لَا شَيْءَ لَهُ

(ص) وَإِنْ قَطَعَ أَقْطَعُ الْكَفِّ مِنْ الْمَرْفِقِ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الَّذِي يَدُهُ الْيُمْنَى مَقْطُوعَةٌ مِنْ الْكَفِّ إذَا قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ مِنْ الْمَرْفِقِ فَإِنَّ الَّذِي قُطِعَتْ يَدُهُ مِنْ الْمَرْفِقِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَطَعَ النَّاقِصَةَ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ دِيَةَ يَمِينِهِ وَإِنَّمَا كَانَ مُخَيَّرًا لِأَنَّ الْجَانِيَ جَنَى وَهُوَ نَاقِصٌ ذَلِكَ الْعُضْوَ وَلَا جَائِزٌ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَى عُضْوٍ غَيْرِهِ وَلَا أَنْ يَتَعَيَّنَ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ حَقِّهِ وَلَا أَنْ يَتَعَيَّنَ الدِّيَةُ لِأَنَّهُ جَنَى عَمْدًا عَلَى الْمِعْصَمِ وَالْخِيَارُ جَابِرٌ لَهُ وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَنْ قُطِعَ مِنْ الْمَرْفِقِ أَنْ يَرْضَى بِقَطْعِ يَدِ الْجَانِي مِنْ الْكُوعِ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ وُجِدَ مِنْ الْجَانِي مُمَاثِلُ مَا جَنَى عَلَيْهِ وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ إنَّمَا لِلْجَانِي مُمَاثِلُ بَعْضِ مَا جَنَى عَلَيْهِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥] أَيْ أَنَّهُ يُفْعَلُ بِالْجَانِي مِثْلُ مَا جَنَى عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الرِّضَا بِدُونِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

الْجَانِي غَيْرَ مُمَاثِلٍ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَامْرَأَةٍ جَنَتْ عَلَى رَجُلٍ وَفَعَلَ بِهَا ذَلِكَ الْفِعْلَ وَلَمْ يَذْهَبْ مِنْهَا شَيْءٌ فَإِنَّ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْهَا دِيَةُ الرَّجُلِ أَيْ عَلَى حَسَبِ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ دِيَةَ عَيْنِهَا عَلَى نِصْفِ دِيَتِهَا وَعَيْنُ الرَّجُلِ عَلَى نِصْفِ دِيَتِهِ وَانْظُرْ لَوْ ذَهَبَ مِنْهُ غَيْرُ مَا ذَهَبَ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ ذَهَبَ مِنْ الْجَانِي سَمْعُهُ وَقَدْ كَانَ ذَهَبَ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بَصَرُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ دِيَةُ الْبَصَرِ (قَوْلُهُ هُوَ الْقَائِمُ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) أَيْ مَا كَانَ قَائِمًا قَبْلَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَهُوَ الْآنَ ذَاهِبٌ

(قَوْلُهُ وَإِنْ ذَهَبَ) أَيْ الْبَصَرُ مَثَلًا الْمَفْهُومُ مِنْ كَبَصَرٍ بِفِعْلِ مَا لَا قِصَاصَ فِيهِ كَلَطْمَةٍ فَأَذْهَبَ بِهَا بَصَرَهُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنَّهُ يُفْعَلُ بِالْجَانِي مِثْلُ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُفْعَلُ بِالْجَانِي مِثْلُ مَا فَعَلَ مِنْ كَوْنِهِ يَلْطِمُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ الْعِبَارَةُ الْآتِيَةُ الَّتِي مَعْنَاهَا فَإِنْ اُسْتُطِيعَ إذْهَابُ الْبَصَرِ بِغَيْرِ الضَّرْبَةِ أَوْ اللَّطْمَةِ لَا أَنَّنَا نَضْرِبُهُ أَوْ نَلْطِمُهُ فَقَدْ جِيءَ لِعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِرَجُلٍ لَطَمَ رَجُلًا آخَرَ وَأَصَابَهُ شَيْءٌ فَأَذْهَبَ بَصَرَهُ وَعَيْنُهُ قَائِمَةٌ فَأَرَادَ أَنْ يَقْتَصَّ لَهُ مِنْهُ فَأَعْيَا ذَلِكَ عَلَيْهِ وَعَلَى النَّاسِ حَتَّى أَتَى عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَأَمَرَ بِالْمُصِيبِ فَجَعَلَ عَلَى عَيْنِهِ كُرْسُفًا ثُمَّ اسْتَقْبَلَ بِهِ عَيْنَ الشَّمْسِ وَأُدْنِيَتْ مِنْ عَيْنِهِ مِرْآةٌ فَالْتَمَسَ بَصَرُهُ وَعَيْنُهُ قَائِمَةٌ وَقِيلَ أَمَرَ بِمِرْآةٍ فَأُحْمِيَتْ ثُمَّ أُدْنِيَتْ مِنْ عَيْنِهِ فَسَالَتْ نُقْطَتُهَا الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الْقِصَاصُ مَعَ الْعَمْدِ وَبَقِيَتْ الْعَيْنُ قَائِمَةً

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْعَقْلُ) أَيْ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَا سَقَطَ فِيهِ الْقِصَاصُ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ وَيَكُونُ فِي مَالِهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ (قَوْلُهُ فَالْمَسْأَلَةُ السَّابِقَةُ ذَهَبَ بِشَيْءٍ إلَخْ) رَدَّهُ مُحَشِّي تت بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ خَاصٌّ بِالْبَصَرِ لِمَا جَاءَ فِي ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْمَنَافِعِ لَا يُسْتَطَاعُ فِيهِ ذَلِكَ وَلَوْ أَمْكَنَ لَقِيلَ فِيهِ كَذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ الضَّرْبُ يُقْتَصُّ مِنْهُ أَمْ لَا فِي مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ أَمْ لَا عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ كَأَنْ شَلَّتْ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمُّهَا خَطَأٌ أَوْ قَلِيلٌ أَوْ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ ضَرَبَ يَدَ شَخْصٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى قَدْ حَلَّ بِهِ الشَّارِحُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ ذَهَبَ كَبَصَرٍ إلَخْ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَأَنْ شَلَّتْ يَدُهُ فَالْأَحْسَنُ لِلشَّارِحِ أَنْ لَا يُمَثِّلَ بِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ ذَهَبَ كَبَصَرٍ بِجُرْحٍ بَلْ يُمَثِّلُ بِمِثَالٍ آخَرَ وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ قَوْلُ الشَّارِحِ التَّشْبِيهُ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ مَعَ الْإِمْكَانِ أَيْ بِأَنْ كَانَ الشَّلَلُ بِجُرْحٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْعَقْلُ أَيْ وَإِلَّا يُمْكِنُ بِأَنْ كَانَ الشَّلَلُ بِدُونِ جُرْحٍ (قَوْلُهُ وَلَا يُنْظَرُ هُنَا إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ إنْ اُسْتُطِيعَ إذْهَابُ نَظِيرِ مَا ذَهَبَ بِغَيْرِ الضَّرْبِ فَعَلَ وَلَا يَرْجِعُ لِلْعَقْلِ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بِخِلَافِ الشَّلَلِ

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) أَيْ فَلَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ

(قَوْلُهُ مِنْ الْمَرْفِقِ) اُحْتُرِزَ بِهِ مِنْ جِنَايَةِ الْأَقْطَعِ عَلَيْهِ مِنْ الْكُوعِ فَالْعَقْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>