لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى لَا لَهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا مَعَ الْإِمْكَانِ وَأَمَّا مَعَ عَدَمِهِ فَهُوَ حَقٌّ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا لِلَّهِ تَعَالَى قَوْلُهُ مِنْ الْمَرْفِقِ مُتَعَلِّقٌ بِقُطِعَ (ص) كَمَقْطُوعِ الْحَشَفَةِ (ش) التَّشْبِيهُ تَامٌّ وَالْمَعْنَى أَنَّ الَّذِي ذَكَرُهُ مَقْطُوعُ الْحَشَفَةِ إذَا قَطَعَ ذَكَرَ رَجُلٍ مِنْ أَصْلِهِ فَإِنَّ الَّذِي قُطِعَ ذَكَرُهُ الْكَامِلُ يُخَيِّرُ بَيْنَ أَنْ يَقْطَعَ قَصَبَةَ الذَّكَرِ أَوْ يَأْخُذَ دِيَةَ ذَكَرِهِ وَالْخِيَارُ لِأَجْلِ عَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ
(ص) وَتُقْطَعُ الْيَدُ النَّاقِصَةُ إصْبَعًا بِالْكَامِلَةِ بِلَا غُرْمٍ وَخُيِّرَ إنْ نَقَصَتْ أَكْثَرَ فِيهِ وَفِي الدِّيَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الَّذِي يَدُهُ نَاقِصَةٌ إصْبَعًا بِسَبَبِ جِنَايَةٍ أَوْ غَيْرِهَا إذَا قَطَعَ يَدًا كَامِلَةً لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ فَإِنَّ يَدَهُ النَّاقِصَةَ تُقْطَعُ بِالْكَامِلَةِ بِلَا غَرَامَةٍ لِصَاحِبِ الْكَامِلَةِ عَلَى الْجَانِي صَاحِبِ النَّاقِصَةِ بِسَبَبِ إصْبَعِهِ فَإِنْ نَقَصَتْ يَدُ الْجَانِي أَكْثَرَ مِنْ إصْبَعٍ فَإِنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَقْتَصَّ أَوْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ أَيْ دِيَةَ يَدِهِ كَامِلَةً أَيْ دِيَةَ يَدِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا دِيَةَ يَدِ الْجَانِي
(ص) وَإِنْ نَقَصَتْ يَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَالْقَوَدُ وَلَوْ إبْهَامًا (ش) يَعْنِي لَوْ كَانَتْ يَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ هِيَ النَّاقِصَةُ أُصْبُعًا وَلَوْ إبْهَامًا فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْقِصَاصَ عَلَى الْجَانِي فَتُقْطَعُ يَدُهُ الْكَامِلَةُ فِي يَدِهِ النَّاقِصَةِ وَلَا غَرَامَةَ عَلَيْهِ لِصَاحِبِ الْكَامِلَةِ وَهُوَ الْجَانِي فَقَوْلُهُ وَإِنْ نَقَصَتْ أَيْ أُصْبُعًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَوْ إبْهَامًا (ص) لَا أَكْثَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْيَدَ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهَا إذَا نَقَصَتْ أَكْثَرَ مِنْ إصْبَعٍ بِأَنْ نَقَصَتْ إصْبَعَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَلِصَاحِبِهَا دِيَةُ مَا فِيهَا مِنْ الْأَصَابِعِ وَلَا شَيْءَ فِي الْكَفِّ حَيْثُ كَانَ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ أُصْبُعٍ وَإِنْ كَانَ فِيهَا وَاحِدَةٌ فَدِيَتُهَا وَحُكُومَةٌ فِي الْكَفِّ قَالَهُ الْمَوَّاقُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا الْكَفُّ فَلَيْسَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إلَّا الْحُكُومَةُ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ قَطَعَ وَبِعِبَارَةٍ لَا أَكْثَرَ أَيْ كَأُصْبُعَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ إنَّمَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْكَامِلِ لِأَنَّ الْأَفْرَادَ هُنَا أَصَابِعُ فَلَا يُعَارِضُ مَفْهُومَ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ قُلْت تَقَدَّمَ فِي يَدِ الْجَانِي إذَا كَانَتْ نَاقِصَةً أَكْثَرَ أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ يُخَيَّرُ وَهُنَا اتَّفَقَ عَلَى تَعَيُّنِ الْعَقْلِ فَمَا الْفَرْقُ قُلْت لِأَنَّ يَدَ الْجَانِي إذَا كَانَتْ نَاقِصَةً أَكْثَرَ وَاخْتَارَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْقَوَدَ فَقَدْ رَضِيَ بِتَرْكِ بَعْضِ حَقِّهِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ يَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ نَاقِصَةً أَكْثَرَ مِنْ أُصْبُعٍ لَوْ اقْتَصَّ مِنْ يَدِ الْجَانِي الْكَامِلَةِ لَأَخَذَ زَائِدًا عَلَى حَقِّهِ
(ص) وَلَا يَجُوزُ بِكُوعٍ لِذِي مَرْفِقٍ وَإِنْ رَضِيَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَطَعَ يَدَ شَخْصٍ مِنْ الْمَرْفِقِ ثُمَّ تَرَاضَيَا عَلَى أَنْ يَقْطَعَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ يَدَ الْجَانِي مِنْ الْكُوعِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥] إذْ الْمُمَاثَلَةُ فِي الْمَحَلِّ شَرْطٌ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَقْطَعَ رِجْلَهُ فِي يَدِهِ مَثَلًا وَفَاعِلُ يَجُوزُ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى مِنْ الَّتِي لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ أَيْ وَلَا يَجُوزُ الْقِصَاصُ مِنْ كُوعٍ أَيْ مُبْتَدَأٍ مِنْ كُوعٍ لِذِي مَرْفِقٍ أَيْ لِذِي مَرْفِقٍ مَقْطُوعٍ أَيْ لَا يَجُوزُ لِذِي مَرْفِقٍ مَقْطُوعٍ الْقِصَاصُ مِنْ كُوعٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ وتت أَنَّ فَاعِلَ يَجُوزُ الرِّضَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْفَاعِلَ لَا يُحْذَفُ إلَّا فِي مَوَاضِعَ لَيْسَ هَذَا مِنْهَا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُوَافِقٌ لِلنَّقْلِ وَبَحْثُ ابْنِ عَرَفَةَ ضَعِيفٌ وَالْوَاوُ فِي وَإِنْ رَضِيَا لِلْحَالِ وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ يُجْزِئُ وَلَا يُعَادُ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضٌ
(ص) وَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ السَّلِيمَةُ بِالضَّعِيفَةِ خِلْقَةً أَوْ مِنْ كِبَرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ
ــ
[حاشية العدوي]
فَقَطْ لِعَدَمِ اتِّحَادِ مَحَلِّ الْقِصَاصِ
(قَوْلُهُ وَتُقْطَعُ الْيَدُ) أَيْ أَوْ الرِّجْلُ وَقَوْلُهُ أُصْبُعًا أَيْ أَوْ وَبَعْضَ آخَرَ وَقَوْلُهُ إنْ نَقَصَتْ أَيْ يَدُ الْجَانِي أَيْ أَوْ رِجْلُهُ وَقَوْلُهُ خُيِّرَ أَيْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتَصَّ وَيَأْخُذَ أَرْشَ النَّاقِصِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ نَقَصَتْ يَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) أَوْ رِجْلُهُ أُصْبُعًا أَيْ وَبَعْضَ آخَرَ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ أَوْ بِجِنَايَةٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ إبْهَامًا) فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ يَقُولُ فِي الْأُصْبُعِ إذَا كَانَتْ إبْهَامًا الْعَقْلُ (قَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ قَطَعَ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ قَطْعُ السَّالِمَةِ بِالْكَفِّ وَلَك أَنْ تَقُولَ يُفْرَضُ فِيمَا إذَا كَانَ الْجَانِي لَيْسَ لَهُ إلَّا الْكَفُّ أَيْضًا لَكِنَّهُ يَصِيرُ مُخَالِفًا لِمَوْضُوعِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ أَنَّ الْجَانِيَ سَالِمُ الْأَصَابِعِ (قَوْلُهُ لَا أَكْثَرَ) مَا لَمْ يَكُنْ النَّقْصُ بِسَبَبِ جِنَايَةِ الْجَانِي الْآنَ عَمْدًا قَبْلَ ذَلِكَ خَطَأً أَوْ أَخَذَ لَهَا مِنْهُ عَقْلًا فَيُقَادُ لَهَا مِنْ الْكَامِلِ لِاتِّهَامِهِ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا جَنَى الْآنَ عَلَيْهَا عَمْدًا لِمَا غَرِمَهُ قَبْلُ مِنْ الْخَطَأِ (قَوْلُهُ إنَّمَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْكَامِلِ) أَيْ فِي الْأُصْبُعِ الْكَامِلِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَفْرَادَ إلَخْ أَيْ لِأَنَّ الْأَفْرَادَ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا الْكَثْرَةُ هُنَا أَصَابِعُ أَيْ لَا أَجْزَاءُ وَهُوَ عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَقُلْنَا هُنَا أَيْ كَأُصْبُعَيْنِ مُعَلَّلَيْنِ بِتِلْكَ الْعِلَّةِ لِأَنَّ الْأَفْرَادَ هُنَا أَصَابِعُ (قَوْلُهُ فَلَا يُعَارِضُ مَفْهُومَ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْأُصْبُعَ وَبَعْضَ الْأُصْبُعِ كَالْأُصْبُعِ (تَنْبِيهٌ) : هَلْ الْأُصْبُعُ الزَّائِدَةُ الْقَوِيَّةُ أَوْ الْأُصْبُعَانِ أَوْ أَكْثَرُ كَذَلِكَ هَلْ يُعْطَى حُكْمُ الْأَصْلِيَّةِ فِي أَنَّ نَقْصَ الْوَاحِدِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ وَنَقْصَ الْأَكْثَرِ يُوجِبُ التَّخْيِيرَ فِي الْأُولَى وَعَدَمَ الْقِصَاصِ فِي يَدِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ وَأَنَّهُ يَلْحَقُ النَّادِرُ بِالْغَالِبِ وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَوْ إنَّمَا يُعْتَبَرُ نَقْصُ الْأُصْبُعِ أَوْ الْأَكْثَرِ مِنْ الْأُصُولِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ إلَخْ) لَا يَرِدُ عَلَى التَّعْلِيلِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الظَّالِمَ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي ذَهَابِ مَعْنًى أَكْثَرَ مِمَّا ذَهَبَ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَعْنَى
(قَوْلُهُ وَإِنْ رَضِيَا) لِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ فِي الْقِصَاصِ حَقٌّ لِلَّهِ مَعَ الْإِمْكَانِ وَأَمَّا عَدَمُ الْإِمْكَانِ فَهُوَ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ فَيَجُوزُ الرِّضَا بِأَنْقَصَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ قَطَعَ أَقْطَعُ الْكَفِّ مِنْ الْمَرْفِقِ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ وَكَذَا أَصْلُ الْقِصَاصِ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَبَحْثُ ابْنِ عَرَفَةَ ضَعِيفٌ) اعْلَمْ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ بَحَثَ فَقَالَ الْإِجْمَاعُ عَلَى وُجُوبِ ارْتِكَابِ أَخَفِّ ضَرَرٍ بِدَفْعِ مَا هُوَ أَضَرُّ مِنْهُ مِنْ نَوْعِهِ وَضَرَرُ الْقَطْعِ مِنْ الْكُوعِ أَخَفُّ مِنْهُ مِنْ الْمَرْفِقِ ضَرُورَةً وَقَدْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَجْوِبَتِهِ إذَا لَزِمَ أَحَدُ الضَّرَرَيْنِ وَجَبَ ارْتِكَابُ أَخَفِّهِمَا وَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرْتَكِبُ أَخَفَّ الضَّرَرَيْنِ إذَا لَمْ يَنْهَ الشَّارِعُ عَنْ أَخَفِّهِمَا وَهُنَا نَهَى عَنْهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute