للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ يُبَاشِرُ الْقِصَاصَ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْقِصَاصِ وَأَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ وَأَنَّ أُجْرَتَهُ عَلَى مُسْتَحِقِّ الْقِصَاصِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْجَانِي إنَّمَا هُوَ التَّمْكِينُ مِنْ نَفْسِهِ فَقَطْ

(ص) وَلِلْحَاكِمِ رَدُّ الْقَتْلِ فَقَطْ لِلْوَلِيِّ وَنَهْيٌ عَنْ الْعَبَثِ (ش) الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْقِصَاصَ فِي النَّفْسِ الْخِيَارُ فِيهِ لِلْحَاكِمِ إنْ شَاءَ اقْتَصَّ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْقَتْلَ إلَى مُسْتَحِقِّ الدَّمِ لَكِنْ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَنْهَى عَنْ الْعَبَثِ بِالْجَانِي فَلَا يُمَثَّلُ بِهِ فَإِنْ قَتَلَهُ الْمُسْتَحِقُّ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ كَمَا مَرَّ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ غَيْرُ الْقَتْلِ لِلْوَلِيِّ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ سَفِيهًا أَوْ صَغِيرًا وَلَهُ وَلِيٌّ فَلَا يُرَدُّ مَا ذُكِرَ إلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَإِنَّ غَيْرَ الْقَتْلِ لَا يَتَوَلَّاهُ إلَّا الْحَاكِمُ

(ص) وَأُخِّرَ لِبَرْدٍ أَوْ حَرٍّ كَ لِبُرْءٍ كَدِيَةِ الْخَطَأِ وَلَوْ كَجَائِفَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَانِيَ إذَا جَنَى جِنَايَةً فِيمَا دُونَ النَّفْسِ تُوجِبُ الْقِصَاصَ فَإِنَّهُ يُؤَخَّرُ عَنْهُ الْقِصَاصُ لِأَجْلِ الْبَرْدِ الْمُفْرِطِ أَوْ لِأَجْلِ الْحَرِّ الْمُفْرِطِ خَوْفَ الْهَلَاكِ عَلَى الْجَانِي فَيُؤَدِّي إلَى أَخْذِ نَفْسٍ فِيمَا دُونَهَا وَأَمَّا إذَا جَنَى جِنَايَةً عَلَى نَفْسٍ فَلَا يُؤَخَّرُ لِمَا ذُكِرَ وَهُوَ وَاضِحٌ فَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ وَأُخِّرَ لِزَوَالِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ مُحَارِبًا وَاخْتِيرَ قَطْعُهُ مِنْ خِلَافٍ فَلَا يُؤَخَّرُ لِحَرٍّ وَلَا لِبَرْدٍ لِأَنَّهُ وَإِنْ مَاتَ هُوَ أَحَدُ حُدُودِهِ وَكَذَلِكَ يُؤَخَّرُ الْقَوَدُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ إلَى أَنْ يَبْرَأَ الْجَانِي إنْ كَانَ مَرِيضًا وَتَبْرَأَ أَطْرَافُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى النَّفْسِ فَتُسْتَحَقُّ تِلْكَ النَّفْسُ بِقَسَامَةٍ كَمَا يُؤَخَّرُ الْعَقْلُ فِي الْجُرْحِ إلَى الْبُرْءِ خَوْفَ السَّرَيَانِ إلَى النَّفْسِ فَتُؤْخَذُ الدِّيَةُ كَامِلَةً فَإِنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَلَا عَقْلَ فِيهِ وَلَا أَدَبَ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ وَإِنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ فَحُكُومَةٌ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ التَّأْخِيرُ فِيمَا لَا يُسْتَطَاعُ الْقَوَدُ فِيهِ إنْ كَانَ عَمْدًا كَكَسْرِ عِظَامِ الصَّدْرِ وَالصُّلْبِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ فَحُكُومَةٌ وَإِلَّا فَلَا وَالتَّأْخِيرُ لِلْعَقْلِ مَطْلُوبٌ وَلَوْ كَانَ الْجُرْحُ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ مِنْ الشَّارِعِ كَالْجَائِفَةِ وَالْآمَّةِ وَالْمُوضِحَةِ خَوْفَ السَّرَيَانِ إلَى النَّفْسِ أَوْ إلَى مَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ وَبِمَا قَرَّرْنَا عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ كَدِيَةِ خَطَأٍ مُشَبَّهٌ بِالْمُشَبَّهِ وَهُوَ قَوْلُهُ كَ لِبُرْءٍ أَيْ كَمَا تُؤَخَّرُ دِيَةُ الْجُرْحِ الْخَطَأِ لِ كَبُرْءٍ سَوَاءٌ كَانَ فِي حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَمْ لَا لَا بِالْمُشَبَّهِ بِهِ وَهُوَ أُخِّرَ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُتَعَذِّرٌ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ شَعْبَانَ مِنْ أَنَّهُ عَلَى الْجَانِي لِأَنَّهُ ظَالِمٌ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ وَمَثَارُ الْخِلَافِ هَلْ الْوَاجِبُ عَلَى الْجَانِي التَّمْكِينُ مِنْ نَفْسِهِ وَالْقَطْعُ وَنَحْوُهُ أَمْرٌ زَائِدٌ أَوْ الْوَاجِبُ عَلَى الْجَانِي الْقَطْعُ

(قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ إلَخْ) مُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلسُّلْطَانِ رَدُّ الْقَتْلِ لِلْوَلِيِّ (قَوْلُهُ الْخِيَارُ فِيهِ لِلْحَاكِمِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَنُصُوصُ الْمُدَوَّنَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ تَدُلُّ عَلَى طَلَبِ دَفْعِ الْقَاتِلِ لِلْوَلِيِّ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَقْتَضِي تَخْيِيرَ الْحَاكِمِ فِي ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى وَحِينَئِذٍ فَمَا مَشَى عَلَيْهِ شَارِحُنَا مِنْ التَّخْيِيرِ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ لَكِنْ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُنْهِيَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ هَذَا وَلَوْ كَانَ قَدْ عَبِثَ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ مُثْلَتَهُ

(قَوْلُهُ وَلَهُ وَلِيٌّ إلَخْ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْوَلِيِّ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِلْحَاكِمِ رَدُّ الْقَتْلِ لِلْوَلِيِّ الْمُتَكَلِّمِ فِي الدَّمِ لِيَشْمَلَ وَصِيَّ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ الْمَحْجُورَيْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ فَإِنَّ غَيْرَ الْقَتْلِ إلَخْ) أَيْ كَالْأَطْرَافِ وَالْحُدُودِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّمْكِينِ فَوُرُدُ النَّصِّ «بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْلَمَ الْقَاتِلَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ وَقَالَ دُونَك صَاحِبُك» فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى أَصْلِهِ

(قَوْلُهُ أَيْ وَأُخِّرَ لِزَوَالِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ لِبَرْدٍ بِمَعْنَى إلَى الَّتِي لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ فَيُعَارِضُ مَا سَبَقَ لَهُ مِنْ جَعْلِهَا لِلتَّعْلِيلِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ عَلَى وَجْهٍ يُؤْذِنُ بِأَنَّهُ احْتِمَالٌ ثَانٍ (قَوْلُهُ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ مُحَارِبًا) فِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْقِصَاصِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَمْرٌ عَامٌّ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَحَيْثُ كَانَتْ عِلَّةُ التَّأْخِيرِ الْخَوْفَ فَكُلُّ جِرَاحَةٍ كَذَلِكَ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قِصَاصًا أَمْ لَا يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ مُحَارِبًا (قَوْلُهُ إلَى أَنْ يَبْرَأَ الْجَانِي إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لِكَبُرْءٍ شَامِلٌ لِبُرْءِ الْجَانِي وَبُرْءِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ حَصَلَ الْبُرْءُ قَبْلَ سَنَةٍ أَوْ بَعْدَهَا بِخِلَافِ ذَهَابِ الْعَقْلِ فَإِنَّهُ يُؤَخَّرُ سَنَةً لِتَمُرَّ عَلَيْهِ الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ وَكَذَا غَيْرُهُ يَقُولُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ (قَوْلُهُ كَمَا يُؤَخَّرُ الْعَقْلُ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَدِيَةِ الْخَطَأِ وَقَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ التَّأْخِيرُ إلَخْ هَذَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَدِيَةِ الْخَطَأِ بِأَنْ يُرَادَ بِالْخَطَأِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَيُرَادَ بِالْعَقْلِ مَا يَشْمَلُ الْحُكُومَةَ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْجُرْحُ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ كَجَائِفَةٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً لِأَنَّ الْمُرَادَ كَمَا تَقَدَّمَ بِالْخَطَأِ مَا يَشْمَلُ الْعَمْدَ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ عَلَى طَرِيقِ التَّحَوُّزِ بِجَامِعِ عَدَمِ الْقِصَاصِ فِي كُلٍّ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُعَمَّمُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ كَالْجَائِفَةِ وَالْآمَّةِ فَنَقُولُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَأَمَّا قَوْلُهُ وَالْمُوضِحَةِ فَيُخَصَّصُ بِالْخَطَأِ لِأَنَّ الْمُوضِحَةَ الْعَمْدَ فِيهَا الْقِصَاصُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ بِلَوْ لِقَوْلِ أَشْهَبَ يُعَجَّلُ لِلْمَجْرُوحِ مَا فِيهِ دِيَةٌ مُقَرَّرَةٌ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ عِنْدَهُ بِمَا إذَا بَلَغَ ثُلُثَ الدِّيَةِ وَأَمَّا الْمُوضِحَةُ وَالْمُنَقِّلَةُ فَلَا يُعَجَّلُ الْعَقْلُ فِيهِمَا عِنْدَهُ انْتَهَى وَلَعَلَّ وَجْهَهُ كَمَا قَالُوا أَنَّ مَا بَلَغَ الثُّلُثَ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ

وَأَمَّا الْمُوضِحَةُ وَالْمُنَقِّلَةُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَزِيدَ حَتَّى تَحْمِلَهُ الْعَاقِلَةُ فَلِذَا قَالَ بِتَأْخِيرِهِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا يُنَاسِبُ مِنْ شَارِحِنَا ذِكْرُ الْمُوضِحَةِ لِإِفَادَتِهِ أَنَّهَا مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ خَوْفَ السَّرَيَانِ إلَى النَّفْسِ أَيْ فِي الْعَمْدِ لِأَنَّ فِيهِ الْقَوَدَ وَقَوْلُهُ أَوْ إلَى مَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ أَيْ فِي الْخَطَأِ (قَوْلُهُ وَهُوَ أُخِّرَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَى الْمُصَنِّفِ وَأُخِّرَ الْقَوَدُ لِبَرْدٍ أَوْ حَرٍّ كَمَا يُؤَخَّرُ الْقَوَدُ لِكَبُرْءٍ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ فَعَلَى كُلِّ حَالٍ الْمُؤَخَّرُ الْقَوَدُ فَيَكُونُ قَوْلُهُ كَدِيَةٍ إلَخْ مُشَبَّهًا بِالْقَوَدِ الْمُؤَخَّرِ لَكِنْ إنْ شُبِّهَ بِهِ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ لِكَبُرْءٍ أَفَادَ تَأْخِيرَ أَخْذِ دِيَةِ الْخَطَأِ مُطْلَقًا فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَغَيْرِهِمَا وَإِنْ شُبِّهَ بِهِ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ لِبَرْدٍ وَحَرٍّ أَفَادَ أَنَّ تَأْخِيرَ دِيَةِ الْخَطَأِ إنَّمَا هُوَ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ فَقَطْ

<<  <  ج: ص:  >  >>