وَكَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي مُنَجَّمَةً اهـ. وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لَا يُخَالِفُهُ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ بِلَا اعْتِرَافٍ أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ مَا اعْتَرَفَ بِهِ الْجَانِي مِنْ حَيْثُ اعْتِرَافُهُ وَأَمَّا إذَا وُجِدَتْ شُرُوطُ الْحَمْلِ فِي الِاعْتِرَافِ فَإِنَّهَا تَحْمِلُهَا مِنْ حَيْثُ الْقَسَامَةُ لَا مِنْ حَيْثُ اعْتِرَافُهُ (ص) إنْ بَلَغَ ثُلُثَ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ الْجَانِي وَمَا لَمْ يَبْلُغْ فَحَالٌّ عَلَيْهِ كَعَمْدٍ وَدِيَةٍ غُلِّظَتْ وَسَاقِطٍ لِعَدَمِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَرْطَ الدِّيَةِ الَّتِي تُنَجَّمُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالْجَانِي أَنْ تَكُونَ قَدْ بَلَغَتْ ثُلُثَ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ الْجَانِي فَأَكْثَرَ وَمَا لَمْ يَبْلُغْ ثُلُثَ دِيَةِ مَا ذُكِرَ فَيَكُونُ حَالًّا عَلَى الْجَانِي فَقَطْ وَكَذَلِكَ لَا تَحْمِلُ شَيْئًا مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ الْعَمْدِ وَكَذَلِكَ لَا تَحْمِلُ شَيْئًا مِنْ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ عَلَى الْأَبِ بَلْ هِيَ حَالَّةٌ عَلَى الْجَانِي وَكَذَلِكَ لَا تَحْمِلُ شَيْئًا مِمَّا وَجَبَ مِنْ الْمَالِ عَلَى الْجَانِي حَيْثُ سَقَطَ عَنْهُ الْقِصَاصُ لِعَدَمِ الْعُضْوِ الْمُمَاثِلِ لِمَا وَقَعَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ كَمَا إذَا فَقَأَ أَعْوَرُ الْيُمْنَى عَيْنَ شَخْصٍ يُمْنَى عَمْدًا فَعَلَيْهِ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ فِي مَالِهِ حَالَّةٌ وَبَقِيَ شَرْطٌ خَامِسٌ أَنَّهَا لَا تَحْمِلُ دِيَةَ قَاتِلِ نَفْسِهِ كَمَا يَأْتِي فَقَوْلُهُ إنْ بَلَغَ إلَخْ فَلَوْ جَنَى مُسْلِمٌ عَلَى مَجُوسِيَّةٍ خَطَأً مَا يَبْلُغُ ثُلُثَ دِيَتِهَا أَوْ ثُلُثَ دِيَتِهِ حَمَلَتْهُ الْعَاقِلَةُ وَإِنْ جَنَى مَجُوسِيٌّ أَوْ مَجُوسِيَّةٌ عَلَى مُسْلِمٍ مَا يَبْلُغُ ثُلُثَ دِيَةِ الْجَانِي أَوْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ حَمَلَتْهُ الْعَاقِلَةُ وَقَوْلُهُ كَعَمْدٍ أَيْ كَدِيَةِ عَمْدٍ وَقَوْلُهُ وَدِيَةٍ غُلِّظَتْ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْعَمْدِ وَإِنَّمَا أَتَى بِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْقِصَاصَ لَمَّا كَانَ سَاقِطًا صَارَ كَالْخَطَأِ (ص) إلَّا مَا لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ مِنْ الْجِرَاحِ لِإِتْلَافِهِ فَعَلَيْهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجِرَاحَ الَّتِي لَا يُمْكِنُ الْقِصَاصُ مِنْهَا كَالْجَائِفَةِ وَالْآمَّةِ وَكَسْرِ الْفَخْذِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَسَوَاءٌ قَدَّرَ الشَّارِعُ فِيهَا شَيْئًا مَعْلُومًا أَمْ لَا فَإِنَّ الْعَاقِلَةَ تَحْمِلُ ذَلِكَ حَيْثُ بَلَغَتْ الثُّلُثَ وَهَذَا مَعْلُومٌ مِمَّا تَقَدَّمَ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَحْمِلْ فِي الْخَطَإِ مَا هُوَ أَقَلُّ مِنْ الثُّلُثِ فَأَوْلَى مَا هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْخَطَأِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ قَوْلِهِ كَعَمْدٍ
(ص) وَهِيَ الْعَصَبَةُ وَبُدِئَ بِالدِّيوَانِ إنْ أَعْطَوْا ثُمَّ بِهَا الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ (ش) مُرَادُهُ أَنَّ الْعَاقِلَةَ عِدَّةُ أُمُورٍ الْعَصَبَةُ وَأَهْلُ الدِّيوَانِ وَالْمَوَالِي وَبَيْتُ الْمَالِ فَقَوْلُهُ وَهِيَ الْعَصَبَةُ أَيْ بَعْضُ الْعَاقِلَةِ الْعَصَبَةُ أَوْ وَهِيَ الْعَصَبَةُ وَمَنْ بَعْدَهَا فَيُقَدَّرُ مَعَ الْمُبْتَدَأِ أَوْ مَعَ الْخَبَرِ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَهِيَ الْعَصَبَةُ وَيُقَدَّمُ مِنْهَا الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ لَكِنْ أَهْلُ الدِّيوَانِ مُقَدَّمُونَ عَلَى الْعَصَبَةِ إنْ كَانَ لَهُمْ جَوَامِكُ تُصْرَفُ لَهُمْ قَالَ ابْنُ شَاسٍ إذَا كَانَ الْقَاتِلُ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ مَعَ غَيْرِ قَوْمِهِ حَمَلُوا عَنْهُ دُونَ قَوْمِهِ قَالَ أَشْهَبُ وَهَذَا فِي دِيوَانٍ عَطَاؤُهُ قَائِمٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَطَاءٌ فَإِنَّمَا يَحْمِلُ عَنْهُ قَوْمُهُ فَإِنْ اضْطَرَّ أَهْلُ الدِّيوَانِ إلَى مَعُونَةِ قَوْمِهِمْ لِقِلَّتِهِمْ أَوْ لِانْقِطَاعِ دِيوَانِهِمْ أَعَانُوهُمْ قَالَهُ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَسَاقِطٍ لِعَدَمِهِ إلَخْ) أَيْ وَعُضْوٍ سَاقِطٍ فِيهِ الْقِصَاصُ لِعَدَمِهِ أَيْ لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ لَهُ
(قَوْلُهُ أَوْ ثُلُثَ دِيَتِهِ) أَيْ دِيَةِ مُسْلِمٍ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا أَمَّهَا فِي مَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ بِحَيْثُ تَبْلُغُ ثُلُثَ دِيَتِهِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا أَتَى) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ عَطْفُ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ نُكْتَةٍ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّوْجِيهَ يَأْتِي أَيْضًا فِي قَوْلِهِ وَسَاقِطٍ لِعَدَمِهِ (قَوْلُهُ وَكَسْرِ الْفَخْذِ) وَإِنَّمَا نَحْمِلُ كَسْرَ الْفَخْذِ مَعَ بُلُوغِهَا الثُّلُثَ حَيْثُ كَانَ فِيهِ حُكُومَةٌ وَأَمَّا إذَا جَنَى وَلَا مُمَاثِلَ لَهُ وَبِفَرْضِ وُجُودِهِ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ لِأَنَّهُ مُتْلِفٌ فَيَتَعَارَضُ فِيهَا قَوْلُهُ وَسَاقِطٍ لِعَدَمِهِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الدِّيَةَ فِي هَذِهِ فِي مَالِ الْجَانِي وَقَوْلُهُ إلَّا مَا لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ إلَخْ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الدِّيَةَ فِيهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالظَّاهِرُ الْعَمَلُ عَلَى الثَّانِي بِالْأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ مِنْ الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ مِنْ الشَّرْطِ السَّابِقِ أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ إنْ بَلَغَ (قَوْلُهُ وَبُدِئَ بِالدِّيوَانِ) نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ إنَّمَا الْعَقْلُ عَلَى الْقَبَائِلِ كَانُوا أَهْلَ دِيوَانٍ أَمْ لَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَقَدْ نَقَلَ فِي تَوْضِيحِهِ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ الْقَوْلُ أَنَّهَا تَكُونُ عَلَى أَهْلِ الدِّيوَانِ ضَعِيفٌ إنَّمَا يُرَاعَى قُبَيْلَ الْقَاتِلِ فَكَانَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ الْجَرْيُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ لِمَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَقَدْ تَوَرَّكَ ابْنُ مَرْزُوقٍ عَلَى الْمُؤَلِّفِ بِظَاهِرِهَا (قَوْلُهُ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ) أَيْ عَلَى تَرْتِيبِ النِّكَاحِ مِنْ قَوْلِهِ وَقُدِّمَ ابْنٌ إلَخْ ثُمَّ إنَّهُ يَصِحُّ جَرُّهُ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ الْهَاءِ وَنَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ وَ " الـ " زَائِدَةٌ أَيْ مُتَرَتِّبِينَ (قَوْلُهُ أَوْ هِيَ الْعَصَبَةُ وَمَنْ بَعْدَهَا) أَيْ وَهِيَ الْعَصَبَةُ وَأَهْلُ الدِّيوَانِ وَالْمَوَالِي الْأَعْلَوْنَ وَالْأَسْفَلُونَ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَطَاءٌ) أَيْ أَصْلًا أَيْ انْتَفَى الْعَطَاءُ مِنْ أَصْلِهِ
(قَوْلُهُ قَوْمِهِمْ) أَيْ قَوْمُ أَهْلِ الدِّيوَانِ هَذَا ظَاهِرُهُ وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ حَكَمَ فِيمَا قَبْلَهُ بِأَنَّهُ إذَا انْقَطَعَ الْعَطَاءُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ الدِّيَةَ قَوْمُ الْجَانِي وَهُنَا قَدْ جَعَلَ الْحَامِلَ قَوْمَ أَهْلِ الدِّيوَانِ لَكِنْ مَعَ أَهْلِ الدِّيوَانِ وَلَكِنْ النَّقْلُ أَنَّ الَّذِي يُعَيَّنُ عَاقِلَةُ الْجَانِي فَظَاهِرُ تِلْكَ الْعِبَارَةِ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَإِنْ عَوَّلَ عَلَيْهِ عج وَقَوْلُهُ لِقَتْلِهِمْ إلَخْ سَيَأْتِي أَنَّ حَدَّهَا سَبْعُمِائَةٍ أَوْ الزَّائِدُ عَلَى أَلْفٍ أَيْ فَتَكُونُ الْقِلَّةُ عَدَمَ بُلُوغِهِمْ السَّبْعَمِائَةِ أَوْ الزَّائِدَ عَلَى الْأَلْفِ وَقَوْلُهُ أَوْ لِانْقِطَاعِ دِيوَانِهِمْ أَيْ كَانَ دِيوَانُهُمْ قَائِمًا ثُمَّ انْقَطَعَ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا يُخَالِفُ مَا فِي عب وشب وَذَلِكَ أَنَّهُمَا يُصَرِّحَانِ بِأَنَّ الْمُرَادَ إنْ أَعْطَوْا عَطَاءً مُسْتَمِرًّا وَعِبَارَةُ عج يَعْنِي أَنَّ حَمْلَ أَهْلِ الدِّيوَانِ مَشْرُوطٌ بِكَوْنِ الْعَطَاءِ قَائِمًا لَهُمْ أَيْ بِأَنْ يَعْطُوا بِالْفِعْلِ مِنْهُ وَكَذَا نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ اهـ. أَقُولُ وَعِبَارَةُ عج هَذِهِ لَا تُنَافِي مَا قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ الَّذِي ذَكَرَهُ شَارِحُنَا فَيَكُونُ التَّعْوِيلُ عَلَى ذَلِكَ لَا عَلَى كَلَامِ عب وشب وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَعْضَهُمْ أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ بِأَهْلِ الدِّيوَانِ الْوَاحِدِ دِيوَانُ إقْلِيمٍ وَاحِدٍ فَأَهْلُ مِصْرَ كُلُّهُمْ دِيوَانٌ وَاحِدٌ وَإِنْ اشْتَمَلَتْ عَلَى سَبْعَةِ أَنْفَارٍ كَعَرَبٍ وَشَرَاكِسَةَ وَجَاوِيشِيَّةَ وَاسْتَظْهَرَ غَيْرُهُ أَنَّهُ لَا يَعْقِلُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ إلَّا طَائِفَتُهُ كَالْمُتَفَرِّقَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute