للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَجْعِيًّا أَوْ كَانَتْ سُرِّيَّةً، فَإِنَّهَا لَا تُقْتَلُ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ، وَمَا زَادَ عَنْ الْحَيْضَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحُرَّةِ، فَإِنَّهُ تَعَبُّدٌ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ، وَأَمَّا إذَا ارْتَدَّتْ، وَهِيَ مُرْضِعٌ، فَإِنَّهَا لَا تُقْتَلُ حَتَّى يُوجَدَ مَنْ يُرْضِعُ وَلَدَهَا، وَيَقْبَلَ غَيْرَ أُمِّهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ

(ص) وَمَالُ الْعَبْدِ لِلسَّيِّدِ، وَإِلَّا فَفَيْءٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ إذَا ارْتَدَّ فَإِنَّ مَالَهُ يَكُونُ لِسَيِّدِهِ بِمُجَرَّدِ ارْتِدَادِهِ يَأْخُذُهُ بِالْمِلْكِ لَا بِالْإِرْثِ، وَيَأْتِي أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ يَرْجِعُ مَالُهُ لَهُ إذَا تَابَ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَإِنْ تَابَ فَمَالُهُ لَهُ: وَإِنْ كَانَ الْمُرْتَدُّ حُرًّا وَمَاتَ، أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ، فَإِنَّ مَالَهُ يَكُونُ فَيْئًا مَحَلُّهُ بَيْتُ الْمَالِ لَيْسَ لِوَرَثَتِهِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ لَهُ وَرَثَةٌ كُفَّارٌ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ ارْتَدَّ فِي مَرَضِهِ وَقُتِلَ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ فِيمَا إذَا قُتِلَ قَالَهُ بَعْضٌ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمَوْتَ فِي زَمَنِ الِاسْتِتَابَةِ كَذَلِكَ، وَإِذَا مَاتَ مَنْ يَرِثُهُ الْمُرْتَدُّ فِي حَالِ رِدَّتِهِ، فَإِنَّهُ يَرِثُهُ مَنْ يَسْتَحِقُّ إرْثَهُ مِنْ أَقَارِبِهِ وَمَوَالِيهِ وَإِذَا أَسْلَمَ لَا يَسْتَرْجِعُ لَهُ

. (ص) وَبَقِيَ وَلَدُهُ مُسْلِمًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُرْتَدَّ إذَا قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ، فَإِنَّ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ يَبْقَى عَلَى الْإِسْلَامِ، وَلَا يَتْبَعُ أَبَاهُ فِي رِدَّتِهِ؛ لِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ لِلْأَبِ إنَّمَا تَكُونُ فِي دِينٍ يُقَرُّ عَلَيْهِ، وَبِعِبَارَةِ وَبَقِيَ وَلَدُهُ مُسْلِمًا أَيْ: حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ صَغِيرًا كَانَ، أَوْ كَبِيرًا وُلِدَ قَبْلَ الرِّدَّةِ، أَوْ بَعْدَهَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقَوْلُهُ: (كَأَنْ تَرَكَ) تَشْبِيهٌ فِيمَا قَبْلَهُ أَيْ: كَمَا إذَا تَرَكَ وَلَدَ الْمُرْتَدِّ أَيْ: غَفَلَ عَنْهُ حَتَّى بَلَغَ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ، فَإِنْ ارْتَدَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَجْرَى عَلَيْهِ حُكْمَ الْمُرْتَدِّ

. (ص) وَأَخَذَ مِنْهُ مَا جَنَى عَمْدًا عَلَى عَبْدٍ، أَوْ ذِمِّيٍّ لَا حُرٍّ مُسْلِمٍ كَأَنْ هَرَبَ لِدَارِ الْحَرْبِ إلَّا حَدَّ الْفِرْيَةِ (ش) أَيْ: مِنْ مَالِ الْمُرْتَدِّ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُرْتَدَّ إذَا جَنَى عَمْدًا عَلَى ذِمِّيٍّ، أَوْ عَلَى عَبْدٍ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً بَعْدَ رِدَّتِهِ، أَوْ قَبْلَهَا، فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ قِيمَةُ الْعَبْدِ وَدِيَةُ الذِّمِّيِّ، وَأَمَّا لَوْ جَنَى عَمْدًا عَلَى حُرٍّ مُسْلِمٍ، فَإِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ لِذَلِكَ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ حَدَّهُ الْقَوَدُ، وَهُوَ يَسْقُطُ بِقَتْلِهِ لِرِدَّتِهِ كَمَا إذَا هَرَبَ الْمُرْتَدُّ لِدَارِ الْحَرْبِ، وَقَدْ كَانَ قَتَلَ حُرًّا مُسْلِمًا، فَإِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ شَيْءٌ لِذَلِكَ وَإِذَا رَجَعَ قُتِلَ لِلرِّدَّةِ إنْ لَمْ يُسْلِمْ، وَلِلْقَتْلِ إنْ أَسْلَمَ، وَإِذَا قَذَفَ الْمُرْتَدُّ شَخْصًا فِي بَلَدِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ هَرَبَ إلَى بَلَدِ الْحَرْبِ، ثُمَّ أُسِرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ حَدَّ الْقَذْفِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْفِرْيَةِ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ لِمَا يَلْحَقُ الْمَقْذُوفَ مِنْ الْمَعَرَّةِ، وَأَمَّا إذَا قَذَفَهُ فِي بِلَادِ الْحَرْبِ، ثُمَّ أُسِرَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّ حَدَّ الْفِرْيَةِ يَسْقُطُ عَنْهُ، وَإِنْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ، فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ: عَمْدًا بِالنِّسْبَةِ لِلْعَبْدِ، لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ مِنْ الْعَاقِلَةِ، وَهِيَ لَا تَحْمِلُ عَبْدًا، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْعَمْدَ لِأَجْلِ الذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّ خَطَأَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَالْمُسْلِمِ (ص) ، وَالْخَطَأُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ كَأَخْذِهِ جِنَايَةً عَلَيْهِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ جِنَايَةَ الْمُرْتَدِّ خَطَأٌ عَلَى الذِّمِّيِّ، وَعَلَى الْحَرِّ الْمُسْلِمِ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ كَمَا أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ يَأْخُذُ أَرْشَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ مِمَّنْ جَنَى فَكَمَا يَغْرَمُ عَنْهُ يَأْخُذُ مَالَهُ، فَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِ، وَلَهُ مَا لَهُ، وَأَمَّا عَلَى الْعَبْدِ سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَفِي مَالِ الْمُرْتَدِّ

. (ص) وَإِنْ تَابَ فَمَالُهُ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُرْتَدَّ إذَا تَابَ، وَرَجَعَ لِلْإِسْلَامِ، فَإِنَّ مَالَهُ يَرْجِعُ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عَبْدًا؛ لِأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يَكُونُ

ــ

[حاشية العدوي]

أَيْ: وَذَلِكَ لِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ: يُسْتَتَابُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ انْتَهَى.

. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا لَا تُقْتَلُ حَتَّى تُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ) وَهَذَا إذَا كَانَتْ تَحِيضُ وَلَوْ فِي كُلِّ خَمْسِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ لَا تَحِيضُ لِضَعْفٍ، أَوْ إيَاسٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ فَلَا تُسْتَبْرَأُ إلَّا إنْ كَانَتْ مِمَّنْ يُتَوَقَّعُ حَمْلُهَا، وَحِينَئِذٍ فَإِنَّهَا تُسْتَبْرَأُ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ إلَّا أَنْ تَحِيضَ فِي أَثْنَائِهَا، وَكُلُّ هَذَا فِيمَنْ لَهَا زَوْجٌ، أَوْ سَيِّدٌ مُرْسَلٌ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَلَا اسْتِبْرَاءَ إلَّا أَنْ تَدَّعِي حَمْلًا وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ فِي ذَلِكَ أَوْ شَكُّوا ذَكَرَهُ عج

. (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ ارْتِدَادِهِ إلَخْ) ضَعِيفٌ فَقَوْلُهُ: وَيَأْتِي أَنَّ الرَّاجِحَ مُقَابِلُهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ، وَلَكِنَّ كَلَامَ أَبِي الْحَسَنِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ: يَكُونُ كَمَوْتِهِ بَعْدَ الِاسْتِتَابَةِ فَيَكُونُ مَالُهُ فَيْئًا وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ

. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ إلَخْ) مُقَابِلُهُ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ النَّوَادِرِ وَابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَمَّا مَا وُلِدَ فِي حَالِ الِارْتِدَادِ فَإِنْ أَدْرَكُوا قَبْلَ أَنْ يَحْتَمِلُوا، أَوْ تَحِيضَ النِّسَاءُ، فَلْيُجْبَرُوا عَلَى الْإِسْلَامِ، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكُوا حَتَّى كَبُرُوا وَصَارُوا رِجَالًا وَنِسَاءً رَأَيْت أَنْ يُقَرُّوا عَلَى دِينِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا وُلِدُوا عَلَى ذَلِكَ. (قَوْلُهُ كَأَنْ تَرَكَ إلَخْ) جَعَلَ الشَّارِحُ ضَمِيرَ تَرَكَ لِوَلَدِ الْمُرْتَدِّ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى الْمُرْتَدِّ يَغْفُلُ عَنْهُ، وَيُولَدُ لَهُ وَلَدٌ، وَهُوَ مُرْتَدٌّ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِإِسْلَامِهِ وَيُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ

. (قَوْلُهُ: كَأَنْ هَرَبَ لِدَارِ الْحَرْبِ) أَيْ: بَعْدَ قَتْلِهِ لِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ، ثُمَّ أَسَرْنَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ قَوَدًا وَيُقْتَلُ لِرِدَّتِهِ، وَإِنْ أَسْلَمَ قُتِلَ قِصَاصًا. (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ) أَيْ: لِأَنَّ قَوْلَهُ إلَّا حَدَّ الْفِرْيَةِ مَعْنَاهُ أَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ لَا يَسْقُطُ، وَحَدُّ الْفِرْيَةِ الَّذِي حَكَمَ بِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ لَيْسَ مَالًا مِنْ الْأَمْوَالِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى عَبْدٍ) شَمَلَ الْمُكَاتَبَ وَغَيْرَهُ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ هَرَبَ لِدَارِ الْحَرْبِ) فِيهِ تَخْصِيصٌ لِلْمَسْأَلَةِ بِالْهَارِبِ مَعَ أَنَّهَا عَامَّةٌ فِيهِ، وَفِي غَيْرِهِ كَمَا أَفَادَهُ الْمُحَقِّقُونَ، وَالْمُرَادُ بِالْفِرْيَةِ الْكَذِبُ، وَسُمِّيَ فِرْيَةً؛ لِأَنَّهُ كَذِبٌ عِنْدَ الشَّارِعِ، وَإِنْ احْتَمَلَ كَوْنَهُ فِي نَفْسِهِ حَقًّا. (قَوْلُهُ: لِمَا يَلْحَقُ إلَخْ) أَيْ: فَيُحَدُّ لِلْقَذْفِ، وَيُقْتَلُ بَعْدَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ لَا تَحْمِلُ عَبْدًا) أَيْ: مُطْلَقًا عَمْدًا أَوْ خَطَأً. (قَوْلُهُ: وَالْخَطَأُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ بَيْنَ جِنَايَتِهِ عَلَى نَفْسٍ، أَوْ جَزْءٍ حِسِّيِّ، أَوْ مَعْنَوِيِّ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: كَمَا أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ إلَخْ) وَلَا يُقْتَصُّ مِمَّنْ جَنَى عَلَيْهِ، وَلَوْ عَبْدًا، أَوْ كَافِرًا؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْقِصَاصِ أَنْ يَكُونَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مَعْصُومًا. (قَوْلُهُ: فَفِي مَالِ الْمُرْتَدِّ) أَيْ: لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا بَيْتُ الْمَالِ لَا تَحْمِلُ قِيمَةَ الْعَبْدِ، وَالذِّمِّيُّ وَالْعَبْدُ إنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِي الْخَطَأِ دُونَ الْعَمْدِ، فَإِنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْأَخْذِ مِنْ مَالِ الْمُرْتَدِّ

. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْمُرْتَدَّ إلَخْ) أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الِارْتِدَادِ لَا يُنَافِي أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ يَكُونُ مَالُهُ لَهُ، وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْتُ النَّقْلَ عَنْ ابْنِ مَرْزُوقٍ حَيْثُ قَالَ: هَذَا أَيْ: كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَالَ الْمُرْتَدِّ يُنْزَعُ مِنْهُ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ، وَيُوقَفُ حَتَّى يُعْلَمَ حَالُهُ. انْتَهَى، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَكَتَبَ بَعْضُ الشُّيُوخِ مَا يُوَافِقُهُ حَيْثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>