للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا مُسْلِمًا، وَهَذَا الْقَدْرُ لَا بُدَّ مِنْهُ إلَّا أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَكْفِي الْإِيمَانُ بِهَا إجْمَالًا بِأَنْ يُصَدِّقَ بِأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَالتَّصْدِيقُ بِالرِّسَالَةِ تَصْدِيقٌ بِمَا جَاءَ بِهِ إجْمَالًا، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْمُتَيْطِيُّ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْدِيقِ بِهِ تَفْصِيلًا فَتَأَمَّلْ، ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْأَدَبِ قَوْلَهُ

: (ص) كَسَاحِرٍ ذِمِّيٍّ إنْ لَمْ يُدْخِلْ ضَرَرًا عَلَى مُسْلِمٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّاحِرَ الذِّمِّيَّ يُؤَدَّبُ إذَا سَحَرَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يُدْخِلْ عَلَيْهِمْ ضَرَرًا بِسِحْرِهِ، وَأَمَّا إنْ أَدْخَلَ عَلَيْهِمْ ضَرَرًا بِسِحْرِهِ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ لِنَقْضِ عَهْدِهِ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ كَمَنْ سَبَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَظَاهِرُهُ أَيُّ ضَرَرٍ كَانَ، قَالَ الْبَاجِيُّ وَإِنْ سَحَرَ أَهْلَ دِينِهِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ إلَّا أَنْ يَقْتُلَ أَحَدًا بِسِحْرِهِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ، وَبِعِبَارَةٍ: وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا أَدْخَلَ بِسِحْرِهِ ضَرَرًا عَلَى مُسْلِمٍ أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ عَلَى حُكْمِ مَنْ نَقَضَ عَهْدَهُ، فَيُخَيَّرُ الْإِمَامُ فِيهِ بَيْنَ الْقَتْلِ وَالِاسْتِرْقَاقِ، أَوْ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ لَا أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ قَتْلُهُ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ كَمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْبَاجِيِّ

. (ص) وَأَسْقَطَتْ صَلَاةً وَصِيَامًا وَزَكَاة وَحَجًّا تَقَدَّمَ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا فَرَّطَ فِي الْعِبَادَاتِ قَبْلَ رِدَّتِهِ مِنْ صَلَاةٍ، أَوْ صِيَامٍ، أَوْ زَكَاةٍ، ثُمَّ تَابَ وَرَجَعَ لِلْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِقَضَاءِ ذَلِكَ، وَتَسْقُطُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ جَبَّ مَا قَبْلَهُ، وَصَارَ كَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ يُسْلِمُ الْآنَ، وَلَمْ يَجُزْهُ مَا فَعَلَهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ مِنْ الْحَجِّ، بَلْ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ، وَبِعِبَارَةٍ: وَأَسْقَطَتْ صَلَاةً وَصِيَامًا وَزَكَاةً فُعِلَتْ أَمْ لَا إلَّا أَنَّهَا إنْ لَمْ تُفْعَلْ أَسْقَطَتْ قَضَاءَهَا، وَإِنْ فَعَلَتْ أَسْقَطَتْ ثَوَابَهَا، وَقَوْلُهُ: وَحَجًّا تَقَدَّمَ هَذَا فُعِلَ قَطْعًا، وَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّ وَقْتَهُ بَاقٍ، فَصِلَةُ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ عَنْهُ وَصِلَةُ الْحَجِّ لَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ تُقَيِّدَ هَذِهِ الْأُمُورُ بِمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِالرِّدَّةِ إسْقَاطَهَا، وَإِلَّا لَمْ تَسْقُطْ مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، وَقَدْ نَقَلَهُ الْمَشَذَّالِيُّ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ فِي الْإِحْصَانِ، قَوْلُهُ: وَحَجًّا إلَخْ بِخِلَافِ عِتْقِهِ وَتَدْبِيرِهِ وَاسْتِيلَادِهِ الْمُتَقَدِّمِ فَلَا تُسْقِطُهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَقْفَ كَذَلِكَ

. (ص) وَنَذْرًا وَكَفَّارَةً وَيَمِينًا بِاَللَّهِ، أَوْ بِعِتْقٍ، أَوْ ظِهَارٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ التَّوْبَةَ تُسْقِطُ عَنْ الْمُرْتَدِّ هَذِهِ الْأُمُورَ سَوَاءٌ حَنِثَ فِيهَا، أَمْ لَا، كَانَ الْعِتْقُ مُعَيَّنًا، أَمْ لَا وَالتَّفْصِيلُ ضَعِيفٌ. (ص) وَإِحْصَانًا وَوَصِيَّةً. (ش) يَعْنِي أَنَّ التَّوْبَةَ مِنْ الرِّدَّةِ تُسْقِطُ الْإِحْصَانَ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ، وَيَأْتَنِفَانِ الْإِحْصَانَ إذَا أَسْلَمَا وَمَنْ زَنَى مِنْهُمَا بَعْدَ رُجُوعِهِ لِلْإِسْلَامِ لَمْ يُرْجَمْ حَتَّى يَتَزَوَّجَ، وَإِذَا أَوْصَى بِوَصَايَا، ثُمَّ ارْتَدَّ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنَّ تَوْبَتَهُ تُسْقِطُ مَا أَوْصَى بِهِ، قَالَ فِيهَا: إذَا قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ عَتَقَتْ أُمُّ وَلَدِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَعَتَقَ مُدَبَّرُهُ فِي

ــ

[حاشية العدوي]

وَالْأَفْعَالِ أَيْ: مُدْرَكٌ بِهَا فَهِيَ دَالَّةٌ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: فَمَنْ لَمْ يَلْتَزِمْهَا لَمْ يُصَدَّقْ بِهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّصْدِيقَ هُوَ الِانْقِيَادُ الْبَاطِنِيُّ فَإِذَا لَمْ يَلْتَزِمْهَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ انْقِيَادٌ بَاطِنِيٌّ، وَقَوْلُهُ: فَلَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا وَلَا مُسْلِمًا، أَمَّا كَوْنُهُ لَيْسَ مُؤْمِنًا فَلِانْتِفَاءِ التَّصْدِيقِ الَّذِي هُوَ الِانْقِيَادُ الْبَاطِنِيُّ الرَّاجِعُ لِقَوْلٍ نَفْسَانِيٍّ كَآمَنْتُ، وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا أَيْ: لِفَقْدِ الدَّالِّ عَلَيْهِ، وَهِيَ الْأَقْوَالُ وَالْأَفْعَالُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَوْلُهُ: وَهَذَا الْقَدْرُ لَا بُدَّ مِنْهُ، الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَهَذَا الْقَدْرُ لَا بُدَّ مِنْهُ أَيْ: لَا بُدَّ فِي تَحَقُّقِ الْإِيمَانِ مِنْ التَّصْدِيقِ تَفْصِيلًا فِيمَا عُلِمَ تَفْصِيلًا، وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ لَا يَتِمُّ إلَّا بِزِيَادَةِ مَا قُلْنَاهُ فِي حَلِّهِ أَيْ: تَفْصِيلًا فِيمَا عُلِمَ تَفْصِيلًا، وَمُفَادُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا نَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَصَدَّقَ إجْمَالًا ثُمَّ لَحِقَهُ الْمَوْتُ أَنَّهُ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا وَلَا مُسْلِمًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُغَسَّلُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ لَمْ يُصَدِّقْ بِالْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ فِي الْقُرْآنِ بِأَنْ كَانَ جَاهِلًا بِهِمْ إذَا سُئِلَ عَنْهُمْ يَقُولُ: لَا أَدْرِي يَكُونُ كَافِرًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ الْعِلْمُ التَّفْصِيلِيُّ مَعَ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ إلَّا بِإِنْكَارِ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ إلَخْ) أَيْ: فَقَضِيَّةُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ إذَا رَجَعَ قَبْلَ الْوُقُوفِ عَلَى الدَّعَائِمِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ عُذْرُهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ قَتْلِهِ وَأَقُولُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ مُرَادَ اللَّخْمِيِّ بِذَلِكَ أَنَّهُ يَكْفِي فِي جَرَيَانِ الْأَحْكَامِ بِحَيْثُ إنَّهُ إذَا مَاتَ عَقِبَ ذَلِكَ أَيْ: عَقِبَ تَصْدِيقِهِ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ أَنَّهُ يُغَسَّلُ، وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُوَرَّثُ يَرِثُهُ الْمُسْلِمُونَ، وَهَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَهُ: أَنَّهُ إذَا رَجَعَ قَبْلَ الْوُقُوفِ عَلَى الدَّعَائِمِ يُقْبَلُ عُذْرُهُ وَلَا نَقْتُلُهُ. (قَوْلُهُ: فَتَأَمَّلْ) أَمَرَ بِالتَّأَمُّلِ لِمَا فِي الْمَقَامِ مِنْ الْبَحْثِ كَمَا تَبَيَّنَ

. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ أَيُّ ضَرَرٍ كَانَ) أَقُولُ: إنَّ السِّحْرَ ضَرَرٌ فَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُدْخِلْ ضَرَرًا تَنَاقُضٌ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: أَنَّهُ فِعْلٌ مَعَهُ السِّحْرِ الَّذِي شَأْنُهُ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ الضَّرَرُ، فَقُدِّرَ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ الضَّرَرُ الَّذِي شَأْنُهُ أَنْ يَحْصُلَ عَادَةً

. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ وَقْتَهُ بَاقٍ) وَمِثْلُهُ مَنْ أَدَّى صَلَاةً فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا، ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُهَا، وَكَذَا كُلُّ عِبَادَةٍ فُعِلَتْ وَرَجَعَ لِلْإِسْلَامِ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا. (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ تُقَيِّدَ هَذِهِ الْأُمُورُ) أَيْ: الَّتِي أَفَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الرِّدَّةَ تُسْقِطُهَا فَيَشْمَلُ قَوْلَهُ بَعْدُ: وَنَذْرًا إلَخْ.

(قَوْلُهُ: فَلَا تُسْقِطُهُ) أَيْ: سَوَاءٌ أَسْلَمَ، أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ فَيَخْرُجُ الْمُدَبَّرُ مِنْ ثُلُثِهِ، وَأُمُّ الْوَلَدِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَيَسْتَمِرُّ الْوَقْفُ مَوْقُوفًا

. (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ ظِهَارٍ) ظَاهِرُهُ الْجَرُّ فَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ: بِعِتْقٍ وَيَكُونُ سَاكِتًا عَنْ تَنْجِيزِ الظِّهَارِ أَيْ: بِدُونِ يَمِينٍ كَأَنْ يَقُولَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ التَّوْبَةَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الرِّدَّةَ هِيَ الْمُسْقِطَةُ لَا التَّوْبَةُ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْأَثَرُ لَا يَظْهَرُ إلَّا بَعْدَ التَّوْبَةِ أَسْنَدَ الْإِسْقَاطَ إلَيْهَا.

(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ حَنِثَ فِيهَا أَمْ لَا) أَيْ: حَنِثَ فِي حَالِ الرِّدَّةِ كَمَا أَفَادَهُ غَيْرُهُ أَيْ: وَأَمَّا لَوْ حَنِثَ فِي الْعِتْقِ قَبْلَ الرِّدَّةِ فَقَدْ تَمَّ الْعِتْقُ بِمَثَابَةِ تَنْجِيزِ عِتْقِهِ قَبْلَ رِدَّتِهِ، وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّهَا تُسْقِطُ هَذِهِ الْأُمُورَ حَنِثَ فِيهَا أَمْ لَا، وَكَذَا تُسْقِطُ الظِّهَارَ الْمُنَجَّزَ فَهِيَ تُسْقِطُ الظِّهَارَ الْمُنَجَّزَ، وَالْيَمِينَ بِالظِّهَارِ، وَكَفَّارَةَ الظِّهَارِ حَيْثُ وَجَبَتْ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَالتَّفْصِيلُ ضَعِيفٌ) أَيْ: إنَّ ابْنَ كِنَانَةَ يُفَصِّلُ أَيْ: يُقَيِّدُ الْعِتْقَ بِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ فَقَدْ انْعَقَدَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ حَقٌّ لِمُعَيِّنٍ فَلَا يَسْقُطُ. (قَوْلُهُ: تُسْقِطُ الْإِحْصَانَ) أَيْ: الْكَائِنَ فِي نَفْسِهِ، وَأَمَّا تَحْصِينُهُ لِلزَّوْجَةِ فَلَا يَسْقُطُ بِارْتِدَادِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْغَيْرِ، وَكَذَا عَكْسُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>