للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ فِي حَالَة الْغَضَبِ، وَإِلَّا قُتِلَ بِلَا خِلَافٍ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ الثَّانِي إذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: أَتَتَّهِمُنِي مُسْتَفْهِمًا فَقَالَ لَهُ: الْأَنْبِيَاءُ يُتَّهَمُونَ، فَكَيْفَ أَنْتِ فَقِيلَ: يُقْتَلُ بِلَا اسْتِتَابَةٍ لِبَشَاعَةِ هَذَا اللَّفْظِ، وَقِيلَ: لَا يُقْتَلُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَخْبَرَ عَمَّنْ اتَّهَمَهُ مِنْ الْكُفَّارِ، لَكِنْ يُعَاقَبُ، وَيُطْلَقُ الثَّالِثُ إذَا قَالَ: جَمِيعُ الْبَشَرِ يَلْحَقُهُمْ النَّقْصُ حَتَّى النَّبِيِّ. - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قِيلَ: يُقْتَلُ بِلَا اسْتِتَابَةٍ، وَقِيلَ: يُعَزَّرُ فَقَطْ، وَهَذَا كَاَلَّذِي قَبْلَهُ فِي جَرَيَانِ الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ

. (ص) وَاسْتُتِيبَ فِي هُزِمَ. أَوْ أَعْلَنَ بِتَكْذِيبِهِ، أَوْ تَنَبَّأَ. (ش) لَمَّا فَرَّعَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْمَسَائِلِ الَّتِي تُوجِبُ الْقَتْلَ بِلَا اسْتِتَابَةٍ أَتْبَعهَا بِمَسَائِلَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا هَلْ هِيَ تُوجِبُ الْقَتْلَ بِلَا اسْتِتَابَةٍ، أَوْ لَا تُوجِبُ الْقَتْلَ؟ ، وَإِنَّمَا فِيهَا الْعُقُوبَةُ فَقَطْ؟ ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا قَالَ فِي حَقِّ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: أَنَّهُ هُزِمَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ بِذَلِكَ مُرْتَدًّا يُسْتَتَابُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَا جُوعٍ وَلَا عَطَشٍ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَالْمُؤَلِّفُ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ الْمُرَابِطِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالصَّوَابُ مَا جَزَمَ بِهِ الْقُرْطُبِيُّ وَهُوَ أَنَّهُ يُقْتَلُ، وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ، وَمِثْلُهُ هُزِمَتْ جُيُوشُهُ، وَالْمُرَادُ بِهِمْ مَنْ هُوَ فِيهِمْ؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا هُنَاكَ أَنَّ بَعْضَ الْأَفْرَادِ فَرُّوا هَذَا نَادِرٌ، وَكَذَلِكَ يُسْتَتَابُ مَنْ أَعْلَنَ بِتَكْذِيبِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَأَنَّهُ يُوحَى إلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُعْلِنْ بِتَكْذِيبِهِ، بَلْ أَسَرَّ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ زِنْدِيقًا، فَيُقْتَلُ بِلَا اسْتِتَابَةٍ إلَّا أَنْ يَجِيءَ تَائِبًا قَبْلَ الظُّهُورِ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ دَعْوَاهُ النُّبُوَّةَ سِرًّا، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِلَا اسْتِتَابَةٍ عَلَى مَا اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ إنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَنَا تَائِبًا، فَقَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يُسِرَّ عَلَى الْأَظْهَرِ) قَاصِرٌ عَلَى قَوْلِهِ: أَوْ تَنَبَّأَ لِكَوْنِ اسْتِظْهَارِ ابْنِ رُشْدٍ إنَّمَا هُوَ فِيهِ؛ وَلِأَنَّ الْإِسْرَارَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ: أَعْلَنَ لَكِنَّ الَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ فِي قَوْلِهِ: أَوْ تَنَبَّأَ وَفِي قَوْلِهِ: أَوْ أَعْلَنَ بِتَكْذِيبِهِ، وَفِي قَوْلِهِ: أَوْ هُزِمَ الْقَتْلَ بِلَا اسْتِتَابَةٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ السَّبِّ، وَالْمُرَادُ بِالْإِسْرَارِ أَنْ يَدَّعِيَ النُّبُوَّةَ سِرًّا

. (ص) وَأُدِّبَ اجْتِهَادًا فِي أَدِّ وَاشْكُ لِلنَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، أَوْ لَوْ سَبَّنِي مَلَكٌ لَسَبَبْته، أَوْ يَا ابْنَ أَلْفِ كَلْبٍ، أَوْ خِنْزِيرٍ، أَوْ عُيِّرَ بِالْفَقْرِ، فَقَالَ: تُعَيِّرُنِي بِهِ وَالنَّبِيُّ قَدْ رَعَى الْغَنَمَ، أَوْ قَالَ لِغَضْبَانَ: كَأَنَّهُ وَجْهُ مُنْكَرٍ، أَوْ مَالِكٍ. (ش) يَعْنِي إنْ طَلَبَ شَيْئًا يَأْخُذُهُ مِنْ شَخْصٍ كَمَا فِي قَضِيَّةِ الْعَشَّارِ فَقَالَ: أَشْكُوكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ: أَدِّ إلَيَّ، وَاشْكُنِي لِلنَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ ابْنِ عَتَّابٍ الَّتِي أَفْتَى فِيهَا بِقَتْلِ الْعَشَّارِ فَفِيهَا زِيَادَةٌ عَلَى مَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ فَلَيْسَتْ كَكَلَامِ

ــ

[حاشية العدوي]

أَيْ: فَعَلَى الْمُصَنِّفِ الدَّرَكُ فِي إسْقَاطِ هَذَا الْقَيْدِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ قَالَ لَا صَلَّى اللَّهُ إلَخْ) أَيْ: أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَا صَلَّى اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ فَيُقْتَلُ قَوْلًا وَاحِدًا كَذَا النَّصُّ. (قَوْلُهُ: فَقِيلَ يُقْتَلُ بِلَا اسْتِتَابَةٍ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ قَالَ بِقَتْلِهِ رَأَى أَنَّ هَذَا إخْبَارٌ صَدَرَ مِنْهُ، وَفِيهِ نِسْبَةُ النَّقْصِ لِمَنْ لَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ مِنْ عُمُومِ جَمِيعِ الْبَشَرِ مَعَ دُخُولِ الْأَنْبِيَاءِ فِيهِمْ، وَمِمَّا صَرَّحَ بِهِ فِي الْإِغْيَاءِ مِنْ قَوْلِهِ: حَتَّى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ قَالَ بِعَدَمِ قَتْلِهِ رَأَى احْتِمَالَهُ لِلْأَخْبَارِ مِمَّنْ قَالَهُ قَالَ: بَعْضُهُمْ وَفِي هَذَا الِاحْتِمَالِ الْأَخِيرِ بُعْدٌ.

قَالَ بَهْرَامُ وَالْقَوْلُ بِالْقَتْلِ فِي الْفَرْعِ الثَّالِثِ أَظْهَرُ. اهـ. أَيْ: فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: لِبَشَاعَةِ هَذَا اللَّفْظِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مُطْلَقَ الْبَشَاعَةِ لَا يَقْتَضِي الْقَتْلَ، وَقَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ إلَخْ هَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ فَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي الْمَصِيرُ إلَيْهِ

. (قَوْلُهُ: هَلْ هِيَ تُوجِبُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ وَلَمَّا كَانَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ضَعِيفًا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ نَظَرَ إلَيْهِ، وَطَرَحَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: تَبِعَ فِيهِ ابْنَ الْمُرَابِطِ إلَخْ) الْعَجَبُ مِنْ ابْنِ الْمُرَابِطِ فِي قَوْلِهِ ذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِ: مَنْ قَالَ: هُزِمَتْ بَعْضُ جُيُوشِهِ يُقْتَلُ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ، وَجُمَعَ بَيْنَ كَلَامَيْهِ بِحَمْلِ هَذَا عَلَى تَأْوِيلِهِ بِقَصْدِ التَّنْقِيصِ، وَالْأَوَّلِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لَمْ يَقْصِدْ تَنْقِيصًا، فَيُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِمْ مَنْ هُوَ فِيهِمْ) أَيْ: مَنْ كَانَ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِمْ فَخَرَجَ جُيُوشُهُ الَّتِي يُرْسِلُهَا وَيُؤَمِّرُ عَلَيْهَا غَيْرَهُ فَإِذَا نَسَبَ الْهَزْمَ إلَيْهِمْ فَلَا يَكُونُ كُفْرًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ غَايَةَ مَا هُنَاكَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِمَحْذُوفٍ، وَالتَّقْدِيرُ وَإِنَّمَا قُتِلَ لِكَذِبِهِ الْمَذْكُورِ الْمُؤَدِّي لِلتَّنْقِيضِ؛ لِأَنَّ جَيْشَهُ لَمْ يُهْزَمْ؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا هُنَاكَ أَنَّ بَعْضَ الْأَفْرَادِ فَرَّ أَيْ: فَكَيْفَ يُنْسَبُ الْهَزِيمَةُ لِلْجَيْشِ، وَقَوْلُهُ: وَهَذَا نَادِرٌ أَيْ: عَلَى أَنَّ هَذَا الَّذِي فِيهِ قَدْ وَقَعَ نَادِرًا فِي بَعْضِ الْجُيُوشِ. (قَوْلُهُ: أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ نَبِيٌّ) هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: أَوْ تَنَبَّأَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ قَبْلُ: أَوْ ادَّعَى شَرِيكًا مَعَ نُبُوَّتِهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ ادَّعَى أَنَّ مُعَيَّنًا كَعَلِيٍّ مُشَارِكٌ لَهُ فِي النُّبُوَّةِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُسِرَّ) أَيْ: يَقُولَ ذَلِكَ سِرًّا.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ الَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ حَاصِلَ مَا أَفَادَهُ نَقْلُ مُحَشِّي تت مِنْ أَنَّ الصَّوَابَ فِي مَسْأَلَةِ أَوْ أَعْلَنَ بِتَكْذِيبِهِ أَوْ تَنَبَّأَ الِاسْتِتَابَةُ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَذَكَرَ النَّقْلَ الْمُفِيدَ لِذَلِكَ وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ التَّنْقِيصِ وَذَلِكَ أَنَّ التَّنْقِيضَ هُوَ أَنْ يَعْتَرِفَ بِرِسَالَتِهِ؛ وَيُثْبِتَ لَهُ نَقْصًا، وَأَمَّا فِي هَذَيْنِ فَلَمْ يُثْبِتْ لَهُ رِسَالَةً

. (قَوْلُهُ: فَفِيهَا زِيَادَةٌ عَلَى مَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ) أَيْ: لِأَنَّهُ قَالَ فِي الشِّفَاءِ أَفْتَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَتَّابٍ فِي عَشَّارٍ قَالَ لِرَجُلٍ: أَدِّ وَاشْكُ لِلنَّبِيِّ وَقَالَ: إنْ سَأَلْتَ أَوْ جَهِلْتَ، فَقَدْ جَهِلَ أَوْ سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْقَتْلِ. اهـ.، فَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَظَاهِرُ الشِّفَاءِ، أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّهَا مِنْ كَلَامِ الْعَشَّارِ قَطْعًا فَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَتَّابٍ بِالْقَتْلِ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ قَطْعًا كَمَا أَفَادَهُ حُلُولُو وَلِذَا قَالَ الْأَبِيُّ: أَفْتَى ابْنُ عَتَّابٍ بِالْقَتْلِ لِاجْتِمَاعِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ إلَّا أَنَّ ابْنَ حَجَرٍ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِهِ فَتْوَى ابْنِ عَتَّابٍ: مَذْهَبُنَا قَاضٍ بِذَلِكَ أَيْضًا بَلْ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مُجَرَّدَ قَوْلِهِ: أَدِّ وَاشْكُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَصْدِ عَدَمِ الْمُبَالَاةِ كُفْرٌ أَيْضًا وَأَقُولُ بَلْ إنْ سَأَلْتَ، أَوْ جَهِلْت فَقَدْ سَأَلَ النَّبِيَّ، أَوْ جَهِلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَفَرَ أَيْضًا غَيْرَ أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ مَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ كَمَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُقْتَلُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ وَفِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا قَالَ: إنْ جَهِلْت أَوْ سَأَلْت إلَخْ فَإِنَّهُ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>