للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التَّوْفِيقَ وَالْعِصْمَةَ، فَإِنْ قُلْت هَلَّا سَأَلَ التَّوْفِيقَ قُلْت اللُّطْفُ أَعَمُّ وَقَصَدَ بِالتَّصْرِيحِ بِهِ الرَّدَّ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ الَّذِينَ أَوْجَبُوهُ عَلَيْهِ تَعَالَى إذْ لَوْ كَانَ وَاجِبًا عَقْلِيًّا لَمْ يُسْأَلْ كَمَا لَا يُسْأَلُ الْمَوْتَ وَالْإِعَانَةُ وَالْمَعُونَةُ وَالْعَوْنُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَالْمُرَادُ الْإِشْرَافُ وَالظُّهُورُ عَلَى الْأَمْرِ وَالْإِقْدَارُ عَلَيْهِ أَيْ نَسْأَلُهُ الْإِقْدَارَ عَلَى الَّذِي نَطْلُبُهُ وَالْأَحْوَالُ جَمْعُ حَالٍ وَيُقَالُ حَالَةٍ وَهِيَ صِفَاتُ الشَّيْءِ الَّتِي يَكُونُ عَلَيْهَا مِنْ الْمُتَّصِلَاتِ وَالْإِضَافِيَّاتِ كَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَغَيْرِهِمَا وَأَلْ فِي اللُّطْفِ وَالْإِعَانَةِ لِلْحَقِيقَةِ وَفِي الْأَحْوَالِ لِلْعُمُومِ الْمُضَافِ وَفِي الْإِنْسَانِ لِلْعَهْدِ أَوْ الْجِنْسِ وَالْإِعَانَةِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ؛ لِأَنَّهَا مِنْ اللُّطْفِ.

(ص) وَحَالِ

ــ

[حاشية العدوي]

الرَّبِّ قَالَ صَاحِبُ الْجَوْهَرَةِ

وَعِصْمَةُ الْبَارِي لِكُلٍّ حَتْمَا

(فَإِنْ قُلْت) الْعِصْمَةُ خَاصَّةٌ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ (قُلْت) تِلْكَ الْعِصْمَةُ الْوَاجِبَةُ لَا الْجَائِزَةُ وَالْمَقْصُودُ بِالدُّعَاءِ هَذَا الثَّانِي (فَإِنْ قُلْت) قَضِيَّةُ تَفْسِيرِ اللُّطْفِ بِمَا ذَكَرَ أَنْ يَكُونَ طَالِبًا لِلتَّوْفِيقِ وَالْعِصْمَةِ فِي حَالِ حُلُولِهِ فِي قَبْرِهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَحَالِ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ (قُلْت) لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُلَاحَظُ التَّوْزِيعُ فِي الْأَحْوَالِ بِحَسَبِ الْحَالِ الْمُنَاسِبِ فَالتَّوْفِيقُ وَالْعِصْمَةُ بِاعْتِبَارِ حَالَةِ الدُّنْيَا وَالرِّفْقِ فِيمَا يَهُمُّ غَيْرَ التَّوْفِيقِ وَالْعِصْمَةِ فِي الْحَالَتَيْنِ الدُّنْيَا وَالْأُخْرَى وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ اللُّطْفَ الَّذِي ظَرْفُهُ الدُّنْيَا التَّوْفِيقُ وَالْعِصْمَةُ وَالرِّفْقُ فِيمَا يَهُمُّ وَاللُّطْفُ الَّذِي ظَرْفُهُ حَالُ حُلُولِ الْإِنْسَانِ الرِّفْقُ فِيمَا يَهُمُّ كَسُؤَالِ الْمَلَكَيْنِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ وَقَصَدَ بِالتَّصْرِيحِ بِهِ) أَيْ بِاللُّطْفِ أَيْ بِسُؤَالِهِ بِقَوْلِهِ وَنَسْأَلُهُ.

(قَوْلُهُ الَّذِينَ أَوْجَبُوهُ) أَيْ أَوْجَبُوا اللُّطْفَ (قَوْلُهُ وَاجِبًا عَقْلِيًّا) أَيْ أَدْرَكَ وُجُوبَهُ الْعَقْلُ لَا الشَّرْعُ لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْعَقْلَ هُوَ الْمُوجِبُ (قَوْلُهُ كَمَا لَا يُسْأَلُ الْمَوْتُ) التَّشْبِيهُ فِي مُطْلَقِ عَدَمِ السُّؤَالِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ وَاجِبٌ عَادِيًا وَشَرْعِيًّا لَا عَقْلِيًّا (قَوْلُهُ بِمَعْنَى) أَيْ وَالْأَلْفَاظُ الثَّلَاثَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ مِنْ ارْتِبَاطِ الدَّالِّ بِالْمَدْلُولِ أَوْ تِلْكَ الْحَقَائِقُ الثَّلَاثَةُ الْمُجْمَلَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ مِنْ ارْتِبَاطِ الْمُجْمَلِ بِالْمُفَصَّلِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ الْإِشْرَافُ) أَيْ الِاطِّلَاعُ لَا يَخْفَى أَنَّ الْإِشْرَافَ مِنْ صِفَاتِ الْعَبْدِ فَيُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ وَالْإِقْدَارُ عَلَى الْإِشْرَافِ الَّذِي هُوَ مِنْ صِفَاتِ الْمَوْلَى فَإِذَنْ يَكُونُ قَوْلُهُ وَالْإِقْدَارُ بِمَعْنَى خَلْقِ الْقُدْرَةِ تَفْسِيرًا وَقَوْلُهُ وَالظُّهُورُ أَيْ الْإِقْدَارُ عَلَى الظُّهُورِ أَيْ الْإِظْهَارِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ قَوْلَهُ وَالْإِقْدَارُ إلَخْ مُفَسِّرٌ لِكُلٍّ مِنْ اللَّفْظَيْنِ وَلِذَلِكَ قَالَ أَيْ نَسْأَلُهُ الْإِقْدَارَ.

(قَوْلُهُ وَالْأَحْوَالُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ أَوَّلًا فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ إذْ قَضِيَّتُهُ أَنْ يُرَادَ بِالْأَحْوَالِ الْأَوْقَاتُ لَا مَا عَلَيْهِ الشَّخْصُ مِنْ الْمُتَّصِلَاتِ وَالْإِضَافِيَّاتِ إلَخْ وَهُمَا حَلَّانِ الْأَوَّلُ لِلنَّاصِرِ وَالثَّانِي يُفِيدُهُ حَلُّ الْحَطَّابِ؛ لِأَنَّهُ عَرَّفَ الْحَالَ بِمَا يَكُونُ الْإِنْسَانُ عَلَيْهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ انْتَهَى فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ إنَّ مَا أَشَارَ إلَيْهِ النَّاصِرُ تَفْسِيرٌ بِاللَّازِمِ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ لَازِمٌ لِلْحَالِ إذْ لَا يَصْدُرُ حَالٌ إلَّا فِي وَقْتٍ وَمَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ تَفْسِيرٌ بِالْحَقِيقَةِ وَالْبَاعِثُ لِلنَّاصِرِ عَلَى مَا قَالَ إنَّ مَدْخُولَ فِي يَكُونُ ظَرْفًا (فَإِنْ قُلْت) وَهَلْ يَصِحُّ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْحَطَّابُ هُنَا مِنْ إبْقَاءِ اللَّفْظِ عَلَى حَقِيقَتِهِ (قُلْت) يَصِحُّ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ فِي وَقْتِ كُلِّ حَالَةٍ أَوْ بِتَنْزِيلِ الْأَحْوَالِ مَنْزِلَةَ الْأَوْقَاتِ (قَوْلُهُ وَهِيَ صِفَاتُ الشَّيْءِ) تَفْسِيرٌ لِلْأَحْوَالِ أَوْ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِحَالَةٍ بِاعْتِبَارِ إرَادَةِ الْجِنْسِ أَيْ جِنْسِ صِفَةِ الشَّيْءِ.

(قَوْلُهُ مِنْ الْمُتَّصِلَاتِ) أَيْ مِنْ الْأَوْصَافِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْإِنْسَانِ أَيْ الصِّفَاتِ الَّتِي لَهَا قِيَامٌ بِهِ بِاعْتِبَارِ نَفْسِهَا لَا بِاعْتِبَارِ أَمْرٍ آخَرَ كَالصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ وَقَوْلُهُ وَالْإِضَافِيَّاتِ أَيْ الْأَوْصَافِ النِّسْبِيَّةِ أَيْ الَّتِي لَا اسْتِقْرَارَ لَهَا فِي الشَّخْصِ بِذَاتِهَا بَلْ بِاعْتِبَارِ شَيْءٍ آخَرَ (قَوْلُهُ كَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ) أَيْ كَالِاسْتِقْرَارِ فِي الزَّمَانِ إلَخْ؛ لِأَنَّ وَصْفَ الشَّخْصِ هُوَ الِاسْتِقْرَارُ فِي ذَلِكَ لَا نَفْسِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَغَيْرِهِمَا، وَهُوَ الْجِهَةُ (قَوْلُهُ لِلْحَقِيقَةِ) أَيْ فِي ضِمْنِ جَمِيعِ أَفْرَادِهَا إذْ السُّؤَالُ وَاقِعٌ عَلَيْهَا أَوْ يُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ لِأَفْرَادِ الْحَقِيقَةِ فَهِيَ لِاسْتِغْرَاقِ تِلْكَ الْأَفْرَادِ (قَوْلُهُ وَفِي الْأَحْوَالِ لِلْعُمُومِ الْمُضَافِ) أَيْ لِلْعُمُومِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْمُضَافِ فَإِذَنْ يَكُونُ قَوْلُهُ جَمِيعُ تَأْكِيدًا فِي الْمَعْنَى أَتَى بِهَا دَفْعًا لِمَا يَقَعُ فِي الْوَهْمِ أَنَّ أَلْ لِلْجِنْسِ الَّذِي قَدْ يَتَحَقَّقُ وَلَوْ فِي وَاحِدٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَنِّفُ لَاحَظَ أَنَّ أَلْ لِلْجِنْسِ فَالْإِتْيَانُ بِجَمِيعٍ يُحْتَاجُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعُمُومَ لَا يُسْتَفَادُ إلَّا مِنْهُ وَظَهَرَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ جَعْلَ أَلْ فِي اللُّطْفِ لِلْحَقِيقَةِ وَفِي الْأَحْوَالِ لِلْعُمُومِ تَفَنُّنٌ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ الْمُضَافِ أَيْ الْمَنْسُوبِ لِلْأَحْوَالِ؛ لِأَنَّ الْعُمُومَ وَصْفُ الْأَحْوَالِ.

(قَوْلُهُ وَفِي الْإِنْسَانِ لِلْعَهْدِ أَوْ الْجِنْسِ) وَالْمَعْهُودُ هُوَ وَغَيْرُهُ مِنْ إخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ بِهَذَا نَوْعِيٌّ لَا شَخْصِيٌّ الَّذِي هُوَ خُصُوصُ ذَاتِ الْمُؤَلِّفِ فَلَا يَظْهَرُ الْقَوْلُ بِأَنَّهَا لِلْعَهْدِ أَوْ الْجِنْسِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ جَعَلَ الضَّمِيرَ فِي وَنَسْأَلُهُ لِلْمُتَكَلِّمِ وَحْدَهُ كَانَتْ أَلْ فِي الْإِنْسَانِ لِلْعَهْدِ وَالْمَعْهُودُ وَاحِدٌ مُشَخَّصٌ، وَهُوَ نَفْسُهُ، وَإِنْ جُعِلَ النُّونُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ مِنْ إخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ تَكُونُ أَلْ أَيْضًا لِلْعَهْدِ وَالْمَعْهُودُ هُوَ وَغَيْرُهُ مِنْ إخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ فَيَكُونُ عَهْدًا نَوْعِيًّا فَلَمْ يَظْهَرْ جَعْلُهَا لِلْجِنْسِ نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ وَعَلَى كُلٍّ فَقَوْلُهُ وَحَالُ حُلُولِ الْإِنْسَانِ مِنْ الْإِظْهَارِ فِي مَوْضِعِ الْإِضْمَارِ أَوْ يُقَالُ إنَّهُ يُرَادُ بِالْعَهْدِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْعَهْدِ النَّوْعِيِّ وَالشَّخْصِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النُّونَ لِلْمُتَكَلِّمِ وَمَعَهُ غَيْرُهُ عِنْدَ جَعْلِ الْعَهْدِ نَوْعِيًّا أَوْ الْمُتَكَلِّمِ وَحْدَهُ عِنْدَ جَعْلِهَا لِلْعَهْدِ، وَهُوَ شَخْصِيٌّ وَيَكُونُ إظْهَارًا فِي مَوْضِعِ الْإِضْمَارِ كَمَا قُلْنَا وَقَوْلُهُ أَوْ لِلْجِنْسِ عَلَى تَقْدِيرِ جَعْلِ النُّونِ لِلْمُتَكَلِّمِ وَحْدَهُ وَالدُّعَاءُ عَامٌّ لِلدَّاعِي وَغَيْرِهِ مِنْ إخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ: " الْإِنْسَانِ " مِنْ الْإِظْهَارِ فِي مَوْضِعِ الْإِضْمَارِ وَيَكُونُ هُوَ الدَّاعِي وَحْدَهُ لِكُلِّ إنْسَانٍ بِأَنْ يَلْطُفَ بِهِ الرَّبُّ فِي حَالِ حُلُولِهِ فِي قَبْرِهِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مِنْ اللُّطْفِ) ظَاهِرٌ إنْ خَصَّصَتْ الْإِعَانَةَ بِمَا عَدَا التَّوْفِيقِ وَالْعِصْمَةِ مِنْ الرِّفْقِ فِيمَا يَهُمُّ أَمَّا عَلَى تَفْسِيرِهِ السَّابِقِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الظُّهُورُ عَلَى الْأَمْرِ وَالْإِقْدَارُ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهُ دُنْيَوِيًّا أَوْ أُخْرَوِيًّا فَلَا يَظْهَرُ الْعُمُومُ بَلْ بَيْنَهُمَا تَسَاوٍ (قَوْلُهُ وَحَالِ) يَصِحُّ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَنَصْبُهُ عَطْفًا عَلَى مَحَلِّ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ أَيْ فِي مَحَلِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>