للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حُلُولِ الْإِنْسَانِ فِي رَمْسِهِ (ش) أَيْ وَنَسْأَلُهُ اللُّطْفَ وَالْإِعَانَةَ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَفِي حَالِ حُلُولِ الْإِنْسَانِ فِي قَبْرِهِ فَسَأَلَ مِنْ اللَّهِ اللُّطْفَ اللَّائِقَ بِهِ جَلَّ جَلَالُهُ مِنْ التَّوْفِيقِ لِلطَّاعَةِ وَالْعِصْمَةِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ وَالْإِتْحَافِ بِالنِّعَمِ وَالرِّفْقِ بِهِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ فِي الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ وَحَالِ إلَخْ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْحَاجَةَ إلَى اللُّطْفِ فِي تِلْكَ الْحَالِ أَشَدُّ مِنْهَا إلَيْهِ فِي غَيْرِهَا أَوْ يُرِيدُ بِجَمِيعِ الْأَحْوَالِ الْخُصُوصَ أَيْ الْكَائِنَةُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ خَاصٍّ عَلَى خَاصٍّ إشَارَةً إلَى حَاجَةِ الْإِنْسَانِ إلَى لُطْفِ مَوْلَاهُ وَافْتِقَارِهِ إلَيْهِ فِي الْحَيَاةِ وَالْمَمَاتِ وَلِذَا عَبَّرَ بِالْإِنْسَانِ الْمَخْلُوقِ ضَعِيفًا وَمِنْ ضَعْفٍ (ص) وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدٍ (ش) لَمَّا أَثْنَى عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَشَكَرَهُ عَلَى نِعَمِهِ أَدَاءً لِبَعْضِ مَا يَجِبُ لَهُ تَعَالَى إجْمَالًا وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الْوَاسِطَةُ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ الْعِبَادِ وَجَمِيعُ النِّعَمِ الْوَاصِلَةِ إلَيْهِمْ الَّتِي أَعْظَمُهَا الْهِدَايَةُ لِلْإِسْلَامِ إنَّمَا هِيَ بِبَرَكَتِهِ وَعَلَى يَدَيْهِ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَدَاءً لِبَعْضِ مَا يَجِبُ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَامْتِثَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: ٥٦] وَعَمَلًا

ــ

[حاشية العدوي]

نَصْبٍ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ لِإِعَانَةٍ (قَوْلُهُ حُلُولِ) ، فَإِنْ قُلْت الْأَفْضَلُ وَحَالِ مُكْثِ الْإِنْسَانِ فِي رَمْسِهِ لِلْقُصُورِ وَالْجَوَابُ أَنَّ اللُّطْفَ فِي حَالَةِ الْحُلُولِ لُطْفٌ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا أَوْ أَرَادَ بِالْحُلُولِ الْمُكْثَ (قَوْلُهُ فِي رَمْسِهِ) الرَّمْسُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ رَمَسَتْ الرِّيحُ الْأَرْضَ بِالتُّرَابِ إذَا سَتَرَتْهَا بِالتُّرَابِ، ثُمَّ نُقِلَ إلَى تُرَابِ الْقَبْرِ، ثُمَّ إلَى الْقَبْرِ نَفْسِهِ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا انْتَهَى وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْقَبْرُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يُرْمَسُ فِيهِ الْمَيِّتُ أَيْ يَغِيبُ فِيهِ كَذَا فِي (ك) وَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَفِي حَالِ إلَخْ) يَأْتِي عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْمُتَعَلِّقَيْنِ بِ " حَالِ " (قَوْلُهُ اللَّائِقِ بِهِ جَلَّ جَلَالُهُ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّوْفِيقَ لِلطَّاعَةِ هُوَ الَّذِي يَلِيقُ بِاَللَّهِ لَا بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ مِنْ التَّوْفِيقِ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ نَسْأَلُ اللَّهَ أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُ مُتَعَلِّقِ السُّؤَالِ قَوْلُهُ جَمِيعِ الْأَحْوَالِ إلَخْ لَا خُصُوصُ قَوْلِهِ وَحَالِ (قَوْلُهُ وَالْعِصْمَةَ إلَخْ) لَازِمٌ لِلَّذِي قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَالْإِتْحَافِ بِالنِّعَمِ) مَعْطُوفٌ عَلَى التَّوْفِيقِ فَالتَّوْفِيقُ لِلطَّاعَةِ وَالْعِصْمَةِ فِي خُصُوصِ الدُّنْيَا وَقَوْلُهُ وَالْإِتْحَافِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ الرِّفْقِ وَقَوْلُهُ وَالرِّفْقُ بِهِ إلَخْ شَامِلٌ لِمَا قَبْلَهُ وَزِيَادَةً وَقَوْلُهُ فِي جَمِيعِ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَالرِّفْقُ إلَخْ (قَوْلُهُ فِي الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ) بَدَلٌ مِنْ جَمِيعِ أَحْوَالِهِ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَالرِّفْقُ بِهِ فِي وَقْتِ حَيَاتِهِ وَوَقْتِ مَوْتِهِ اللَّذَيْنِ هُمَا جَمِيعُ الْأَحْوَالِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَحْوَالِ الْأَوْقَاتُ أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ الْكَائِنَةِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ (قَوْلُهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ) أَيْ الَّذِي هُوَ حَالُ الْحُلُولِ أَيْ وَقْتِ الْحُلُولِ (قَوْلُهُ إشَارَةً إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ ذِكْرُ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ نُكْتَةٍ (قَوْلُهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَيْ وَقْتِ الْحُلُولِ (قَوْلُهُ أَشَدُّ مِنْهَا) أَيْ الْحَاجَةِ أَيْ أَشَدُّ مِنْ نَفْسِهَا إلَيْهِ أَيْ لِلُّطْفِ فِي غَيْرِهَا أَيْ غَيْرِ تِلْكَ الْحَالِ وَلَوْ حَذَفَ إلَيْهِ كَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ أُضِيفَتْ فَالضَّمِيرُ إذَا رَجَعَ إلَيْهَا يَعُودُ عَلَى الْحَاجَةِ الْمَوْصُوفَةِ بِكَوْنِهَا مُضَافَةً فَلَا يَظْهَرُ حِينَئِذٍ ذِكْرُ إلَيْهِ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ أَيْ الْكَائِنَةَ فِي حَالِ الْحَيَاةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَحْوَالِ الْأَوْصَافُ الْقَائِمَةُ بِالشَّخْصِ لَا نَفْسُ الْوَقْتِ، وَهُوَ الْحَلُّ الثَّانِي مَعَ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِقَوْلِهِ وَحَالِ حُلُولِ الْإِنْسَانِ إلَخْ الْحَلُّ الْأَوَّلُ، وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَحْوَالِ الْأَوْقَاتُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِحَالِ الْحُلُولِ وَقْتُ الْحُلُولِ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ خَاصٍّ عَلَى خَاصٍّ) الْقَصْدُ فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ وَلَا يُطْلَبُ فِيهِ نُكْتَةٌ وَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ لَكَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ إشَارَةً) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ خَاصٍّ عَلَى خَاصٍّ أَيْ فَأَتَى بِالْمُتَعَاطِفِينَ إشَارَةً (قَوْلُهُ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ) أَيْ احْتِيَاجِ الْإِنْسَانِ (قَوْلُهُ وَافْتِقَارِهِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ وَالْمَمَاتِ) أَيْ فِي وَقْتِ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ (قَوْلُهُ وَلِذَا إلَخْ) أَيْ وَلِاحْتِيَاجِهِ وَافْتِقَارِهِ (قَوْلُهُ الْمَخْلُوقِ ضَعِيفًا) أَيْ لَا يَصْبِرُ عَنْ النِّسَاءِ وَالشَّهَوَاتِ (قَوْلُهُ مِنْ ضَعْفٍ) أَيْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (قَوْلُهُ وَالصَّلَاةُ إلَخْ) إمَّا بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى اللُّطْفِ أَوْ بِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ أَوْ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ الْحَمْدِ وَالشُّكْرِ إنْ كَانَتَا إنْشَائِيَّتَيْنِ أَيْ لِإِنْشَاءِ الثَّنَاءِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتَا خَبَرِيَّتَيْنِ أَيْ الْإِخْبَارُ بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الثَّنَاءَ وَذَلِكَ الْإِخْبَارُ ثَنَاءٌ فَلَا؛ لِأَنَّ جُمْلَةَ الصِّلَةِ إنْشَاءٌ لَا خَبَرٌ؛ لِأَنَّ الْإِخْبَارَ بِالدُّعَاءِ لَيْسَ بِدُعَاءٍ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُ الْإِنْشَاءِ عَلَى الْخَبَرِ (قَوْلُهُ لَمَّا أَثْنَى) أَيْ لَمَّا حَمِدَ اللَّهَ وَشَكَرَهُ (قَوْلُهُ أَدَاءً لِبَعْضِ مَا يَجِبُ) أَيْ لِأَجْلِ قَصْدِهِ أَدَاءَ مَا يَجِبُ لَهُ كَلَامُهُ يُفِيدُ أَنَّ الْحَمْدَ وَالشُّكْرَ وَاجِبَانِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ السَّنُوسِيُّ حُكْمُ الْحَمْدِ الْوُجُوبُ مَرَّةً فِي الْعُمُرِ كَالْحَجِّ وَكَلِمَتَيْ الشَّهَادَةِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَقَلَهُ الْحَطَّابُ وَالظَّاهِرُ مُسَاوَاةُ الشُّكْرِ لِلْحَمْدِ فِي الْوُجُوبِ أَيْ كَقَوْلِ الْقَائِلِ الشُّكْرُ لِلَّهِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَيَبْعُدُ كُلُّ الْبُعْدِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَأْتِ بِالْحَمْدِ وَالشُّكْرِ الْوَاجِبِ حَتَّى أَلَّفَ هَذَا التَّأْلِيفَ.

وَالْجَوَابُ أَنَّ مُرَدَاه بِقَوْلِهِ يَجِبُ أَيْ يَتَأَكَّدُ (قَوْلُهُ إجْمَالًا) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْبَعْضِ إجْمَالًا، وَهُوَ الْحَمْدُ عَلَى كُلِّ نِعْمَةٍ لَا تَفْصِيلًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْوُسْعِ (قَوْلُهُ وَكَانَ) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ هُوَ) ضَمِيرُ فَصْلٍ (قَوْلُهُ وَجَمِيعُ) النِّعَمِ الْوَاوُ لِلتَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ الْهِدَايَةُ) أَيْ الِاهْتِدَاءُ لَا خَلْقُ الِاهْتِدَاءِ (قَوْلُهُ الْوَاصِلَةُ إلَيْهِمْ) أَيْ إلَى الْعِبَادِ أَيْ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا ظَاهِرُهُ وَلَكِنْ فِي الْوَاقِعِ أَنَّ النِّعْمَةَ الْوَاصِلَةَ لِلْكُفَّارِ بِوَاسِطَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ وَعَلَى يَدَيْهِ) عَطْفٌ مُغَايِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا بِبَرَكَتِهِ أَنْ تَكُونَ عَلَى يَدَيْهِ وَلِأَجْلِ كَوْنِهَا عَلَى يَدَيْهِ قَالُوا إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الْقَاسِمُ عَلَى الْعِبَادِ تُحَفَ مَوْلَاهُ (قَوْلُهُ أَدَاءً لِبَعْضِ مَا يَجِبُ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ التَّأَكُّدُ لَا الْوُجُوبُ الْحَقِيقِيُّ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ فِي الْعُمُرِ مَرَّةً وَيَبْعُدُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَخَّرَهَا لِزَمَنِ التَّأْلِيفِ قَالَهُ فِي ك (قَوْلُهُ {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا} [الأحزاب: ٥٦] إلَخْ) إنَّمَا أَكَّدَ السَّلَامَ دُونَ الصَّلَاةِ إمَّا؛ لِأَنَّ مَصْدَرَ صَلَّى، وَهُوَ التَّصْلِيَةُ مَهْجُورٌ لِاسْتِعْمَالِهِ فِي الْإِحْرَاقِ وَإِمَّا؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَمَّا أُضِيفَتْ لِلَّهِ وَلِمَلَائِكَتِهِ اسْتَغْنَتْ عَنْ التَّأْكِيدِ بِخِلَافِ السَّلَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>