للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ فِي الْجَمِيعِ. وَبَقِيَ مِنْ الْجَائِزَاتِ عَلَى الْمُؤَلِّفِ الصَّلَاةُ وَالدَّفْنُ لَيْلًا كَمَا قَالَهُ مُطَرِّفٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ وَقَدْ دُفِنَ الصِّدِّيقُ وَفَاطِمَةُ وَعَائِشَةُ لَيْلًا. وَبَقِيَ عَلَيْهِ تَقْبِيلُ الْمَيِّتِ وَهُوَ جَائِزٌ وَقَدْ فَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ بِالنَّبِيِّ، وَالنَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِعُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ. قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ

(ص) وَكُرِهَ حَلْقُ شَعْرِهِ وَقَلْمُ ظُفْرِهِ وَهُوَ بِدْعَةٌ وَضُمَّ مَعَهُ إنْ فَعَلَ وَلَا تُنْكَأُ قُرُوحُهُ وَيُؤْخَذُ عَفْوُهَا (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي مَكْرُوهَاتِ هَذَا الْبَابِ بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنْ جَائِزَاتِهِ. وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُكْرَهُ حَلْقُ شَعْرِ الْمَيِّتِ كَرَأْسِهِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَجُوزُ حَلْقُهُ فِي الْحَيَاةِ وَتَقْلِيمُ أَظَافِرِهِ وَنَقْيُ وَسَخِهَا، وَلَا يَفْعَلُهُ هُوَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِقَصْدِ أَنْ يَكُونَ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ مَيِّتًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ قَصَدَ رَاحَةَ نَفْسِهِ فَلَا يُكْرَهُ. وَلَمَّا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ كَرَاهَةِ شَيْءٍ بِدْعَتُهُ وَلَا مِنْ بِدْعَتِهِ كَرَاهَتُهُ جُمِعَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَفْعَلُ الْمَكْرُوهَ لِلتَّشْرِيعِ، وَإِذَا وَقَعَ وَفَعَلَ أَوْ سَقَطَ بِنَفْسِهِ أَوْ خَرَجَ فِي مُشْطٍ بِتَسْرِيحِ لِحْيَتِهِ أَوْ رَأْسِهِ ضُمَّ مَعَهُ وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ وَقَالَ ق: الضَّمُّ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَجْزَاءَ لَا يَجِبُ مُوَارَاتُهَا، وَأَيْضًا لَوْ كَانَ الضَّمُّ وَاجِبًا حَرُمَتْ إزَالَتُهَا، وَالْمُؤَلِّفُ حَكَمَ بِالْكَرَاهَةِ. وَيُنْهَى أَنْ تُنْكَأَ قُرُوحُهُ كَدَمَامِلَ وَبَثَرَاتٍ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِخُرُوجِ مَا فِيهَا وَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَلَكِنْ يُؤْخَذُ عَفْوُهَا أَيْ: يُزَالُ مِنْهَا مَا سَالَ مِنْ الدَّمِ وَالْقَيْحِ مِمَّا يَسْهُلُ إزَالَتُهُ وَإِنَّمَا كَانَ يُزَالُ عَفْوُهَا وَإِنْ عُفِيَ عَنْهُ لِلْحَيِّ؛ قَصْدًا لِلنَّظَافَةِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُؤْخَذُ عَفْوُهَا وَلَوْ كَانَ قَيْحًا دُونَ دِرْهَمٍ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْحَيِّ، وَقَدْ اُعْتُرِضَ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ: لِأَنَّهُ مِنْ النَّظَافَةِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ، بِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: وَيُؤْخَذُ عَفْوُهَا، أَنَّهُ يُغْسَلُ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ.

(ص) وَقِرَاءَةٌ عِنْدَ مَوْتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يُقْرَأَ بِسُورَةِ يس أَوْ غَيْرِهَا عِنْدَ الْمُحْتَضَرِ إذَا فُعِلَ ذَلِكَ اسْتِنَانًا وَإِلَّا فَلَا. وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ أَنْ يُطَافَ فِي الدَّارِ بِالْبَخُورِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (كَتَجْمِيرِ الدَّارِ) . وَأَمَّا عِنْدَ خُرُوجِ رُوحِهِ وَغُسْلِهِ فَمُسْتَحَبٌّ كَتَجْمِيرِ ثِيَابِهِ، وَإِنَّمَا كُرِهَ أَنْ يُطَافَ فِي الدَّارِ بِالْبَخُورِ؛ لِأَنَّ فَاعِلَهُ يَفْعَلُهُ بِقَصْدِ زَوَالِ رَائِحَةِ الْمَوْتِ غَالِبًا، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ بِفِعْلِهِ إزَالَةَ مَا يُكْرَهُ مِنْ الرَّائِحَةِ لَمْ يَكُنْ مَكْرُوهًا. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَبَعْدَهُ وَعَلَى قَبْرِهِ) إلَى أَنَّ الْقِرَاءَةَ لَيْسَتْ أَيْضًا مَشْرُوعَةً بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَا عِنْدَ الْقَبْرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ السَّلَفِ.

(ص) وَصِيَاحٌ خَلْفَهَا وَقَوْلُ اسْتَغْفِرُوا لَهَا

ــ

[حاشية العدوي]

اطِّلَاعِهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ وَالْجُمُعَةِ وَلَيْلَةَ السَّبْتِ (أَقُولُ) وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ الشَّارِحِ بِأَنَّهُ عَبَّرَ بِالتَّعْيِينِ، فَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَا يَتَعَيَّنُ لِلزِّيَارَةِ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ. وَفِي الْقُرْطُبِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ مَرَّ عَلَى الْمَقَابِرِ وَقَرَأَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] إحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً ثُمَّ وَهَبَ أَجْرَهُ لِلْأَمْوَاتِ أُعْطِيَ مِنْ الْأَجْرِ بِعَدَدِ الْأَمْوَاتِ.» (قَوْلُهُ أَوْ فِي الْجَمِيعِ) هَذَا هُوَ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ الدَّفْنُ لَيْلًا) إلَّا أَنَّهُ أَفْضَلُ نَهَارًا فَيَكُونُ دَفْنُ الصِّدِّيقِ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ لَيْلًا لِأَمْرٍ عَرَضَ. وَقَوْلُهُ: لَيْلًا رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الصَّلَاةِ وَالدَّفْنِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ صَرِيحًا.

(قَوْلُهُ وَكُرِهَ حَلْقُ شَعْرِهِ) أَيْ: وَخَتْنُهُ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا كَالْجُزْءِ مِنْ الْمَيِّتِ وَلَيْسَ جُزْءًا حَقِيقَةً كَمَا هُوَ الْحَقُّ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ بِدْعَةٌ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى تَأَكُّدِ تِلْكَ الْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ مِمَّا يَجُوزُ حَلْقُهُ. . . إلَخْ) احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ اللِّحْيَةِ وَالشَّارِبِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ حَلْقُهُمَا فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ. (قَوْلُهُ بِقَصْدِ أَنْ يَكُونَ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ مَيِّتًا) فِي شَرْحِ عب وَغَيْرِهِ: وَيَنْبَغِي ضَمُّهُ مَعَهُ قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ، وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ شَيْئًا. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِثْلُ مَا إذَا قَصَدَ أَنْ يَكُونَ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ مَيِّتًا لِإِطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ جُمِعَ بَيْنَهُمَا) أَيْ: لِيُفِيدَ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَبِدْعَةٌ قَالَ عج: لَكِنَّ الْغَرَضَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ هُنَا بِبَيَانِ حُكْمِهِ لَا بِبَيَانِ بِدْعَتِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَفْعَلُ الْمَكْرُوهَ) أَيْ: فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لَهُ فَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ بَلْ إمَّا وَاجِبٌ أَوْ مَنْدُوبٌ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ جُزْءًا حَقِيقِيًّا كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ فَلَا يُعْطَى حُكْمَهُمَا فَالظَّاهِرُ كَلَامُ اللَّقَانِيِّ. (قَوْلُهُ وَيُنْهَى أَنْ تُنْكَأَ قُرُوحُهُ) أَيْ: عَلَى وَجْهِ الْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ وَبَثَرَاتٍ) قَالَ فِي ك: وَالْبَثْرَةُ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَسُكُونِ الثَّاءِ وَبِفَتْحِهِمَا أَيْضًا خُرَّاجٌ صَغِيرٌ اهـ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ مَكْرُوهٌ) أَيْ: خُرُوجُ مَا فِيهَا هَذَا ظَاهِرُهُ إلَّا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْإِخْرَاجُ أَيْ: وَإِذَا كَانَ الْإِخْرَاجُ مَكْرُوهًا يَكُونُ الْإِنْكَاءُ مَكْرُوهًا، وَفِيهِ أَنَّ الْإِخْرَاجَ نَفْسُ الْإِنْكَاءِ.

(قَوْلُهُ مَا سَالَ) أَيْ: بِغَيْرِ نَكْءٍ كَمَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِبَهْرَامَ مِنْ قَوْلِهِ: وَيُؤْخَذُ عَفْوُهَا أَيْ: مَا سَالَ مِنْهَا مِمَّا هُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ اهـ.

وَقَدْ اعْتَرَضَهُ بَعْضُ أَشْيَاخِ عج بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ مَا سَالَ مِنْهَا بِنَكْءٍ لَيْسَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ كَذَلِكَ أَيْ: وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ سَوَاءٌ كَانَ بِنَكْءٍ أَمْ لَا، وَقَوْلُهُ: مِمَّا يَسْهُلُ إزَالَتُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ لَفْظِ الْعَفْوِ خُذْ الْعَفْوَ أَيْ: مَا يَسْهُلُ عَلَى النَّاسِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْنَى مَا سَالَ سَوَاءٌ كَانَ بِنَكْءٍ أَمْ لَا وَكَانَتْ تَسْهُلُ إزَالَتُهُ فَإِنَّهُ يُزَالُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعْصَرْ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالظَّاهِرِ كَالْجُنُبِ وَإِنَّمَا عُصِرَ بَطْنُهُ خَشْيَةَ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهَا فِي الْأَكْفَانِ وَإِذَا أُخِذَ عَفْوُ الْقُرُوحِ لَمْ يَبْقَ مَادَّةٌ بِسُرْعَةٍ لِضِيقِ مَجَارِي الدَّمِ بِذَهَابِ الْحَيَاةِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ أَخْذَ الْعَفْوِ وَاجِبٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ. (قَوْلُهُ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْحَيِّ) أَيْ: فَيَكُونُ زَوَالُ دُونِ الدِّرْهَمِ وَاجِبًا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ وَاجِبَةٌ. (قَوْلُهُ إذَا فُعِلَ ذَلِكَ اسْتِنَانًا) أَيْ: عَلَى أَنَّ قِرَاءَةَ سُورَةِ يس سُنَّةٌ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ أَنَّهَا سُنَّةٌ بَلْ قَصَدَ مُجَرَّدَ حُصُولِ الْبَرَكَةِ أَوْ لَا قَصْدَ لَهُ فَلَا كَرَاهَةَ بَلْ رُبَّمَا كَانَ مَنْدُوبًا عِنْدَ قَصْدِ حُصُولِ الْبَرَكَةِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ فَاعِلَهُ يَقْصِدُ. . . إلَخْ) مُفَادُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يُكْرَهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ شَيْئًا وَهُوَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ رَائِحَةِ الْمَوْتِ) أَيْ: بِحَسَبِ مَا يُتَخَيَّلُ وَإِلَّا فَالْمَوْتُ عَرَضٌ لَا رَائِحَةَ لَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: رَائِحَةُ الْكَبْشِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ السَّلَفِ) أَيْ: فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ فَعَلَهُ اسْتِنَانًا أَمْ لَا فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْقِرَاءَةِ عِنْدَ مَوْتِهِ وَعِبَارَةُ تت:

<<  <  ج: ص:  >  >>