للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِذَا لَا يُكْرَهُ تَغْسِيلُ الْحَائِضِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ طُهْرَهَا كَمَا يَأْتِي.

(ص) كَسِقْطٍ وَتَحْنِيطِهِ وَتَسْمِيَتِهِ وَصَلَاةٍ عَلَيْهِ وَدَفْنِهِ بِدَارٍ وَلَيْسَ عَيْبًا بِخِلَافِ الْكَبِيرِ (ش) هَذَا مَصْدَرٌ مُضَافٌ إلَى مَفْعُولِهِ وَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي الْكَرَاهَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يُغَسَّلَ السِّقْطُ وَالْمُرَادُ بِهِ: مَنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ وُلِدَ قَبْلَ تَمَامِ الْحَمْلِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ يُحَنَّطَ أَوْ يُسَمَّى أَوْ يُدْفَنَ فِي الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْبَشَ مَعَ انْتِقَالِ الْأَمْلَاكِ، لَكِنْ لَيْسَ بِعَيْبٍ إذَا وُجِدَ قَبْرُهُ فِي الدَّارِ الْمَبِيعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حُرْمَةُ الْمَوْتَى. وَأَمَّا دَفْنُ الْكَبِيرِ وَالْمُرَادُ بِهِ: مَنْ اسْتَهَلَّ صَارِخًا فَلَا يُكْرَهُ، وَوُجُودُ قَبْرِهِ فِي الدَّارِ الْمَبِيعَةِ عَيْبٌ يُوجِبُ لِلْمُشْتَرِي الرَّدَّ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ يَسِيرٌ وَهُوَ لَا يُوجِبُ الرَّدَّ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ الْعَيْبَ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ إزَالَتُهُ صَارَ ضَرُورَةً كَثِيرَةً (ص) لَا حَائِضٍ (ش) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى جُنُبٍ أَيْ: لَا يُكْرَهُ أَنْ تُغَسِّلَ لِعَدَمِ قُدْرَتِهَا عَلَى رَفْعِ مَانِعِهَا وَلِذَا لَوْ انْقَطَعَ عَنْهَا كَانَتْ كَالْجُنُبِ.

(ص) وَصَلَاةُ فَاضِلٍ عَلَى بِدْعِيٍّ أَوْ مُظْهِرِ كَبِيرَةٍ (ش) صَلَاةٌ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى الْمَكْرُوهَاتِ أَيْ: وَكُرِهَ صَلَاةُ فَاضِلٍ مِنْ إمَامٍ أَوْ غَيْرِهِ كَعَالِمٍ وَصَالِحٍ عَلَى بِدْعِيٍّ كَحَرُورِيٍّ وَنَحْوِهِ أَوْ مُظْهِرِ كَبِيرَةٍ مِنْ زِنًا وَنَحْوِهِ رَدْعًا لِمَنْ هُوَ بِمَثَابَتِهِمْ مَا لَمْ يَخَفْ ضَيْعَتَهُمْ (ص) وَالْإِمَامِ عَلَى مَنْ حَدُّهُ الْقَتْلُ بِقَوَدٍ أَوْ حَدٍّ (ش) يُرِيدُ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مَنْ حَدُّهُ الْقَتْلُ كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ وَالْمُحَارِبِ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ، أَوْ بِقَوَدٍ كَقَتْلِ مُكَافِئٍ. وَاحْتُرِزَ عَمَّنْ لَيْسَ حَدُّهُ الْقَتْلَ كَالْقَاذِفِ وَالزَّانِي الْبِكْرِ وَنَحْوِهِمَا إذَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِسَبَبِ الْحَدِّ فَإِنَّ الْإِمَامَ يُصَلِّي عَلَيْهِ. قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا مَفْهُومَ لِلْإِمَامِ، وَكَذَا أَهْلُ الْفَضْلِ، وَهَذَا النَّهْيُ نَهْيُ كَرَاهَةٍ وَعُلِّلَتْ بِالرَّدْعِ وَالزَّجْرِ لِأَمْثَالِهِ. وَإِنَّمَا خَصَّ الْمُؤَلِّفُ الْإِمَامَ بِالذِّكْرِ لِيَعُودَ الضَّمِيرُ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ (وَإِنْ تَوَلَّاهُ النَّاسُ دُونَهُ) أَيْ: وَإِنْ تَوَلَّى الْقَتْلَ النَّاسُ دُونَ الْإِمَامِ أَيْ: دُونَ إذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّ الْمُحَارِبَ إذَا قَتَلَهُ النَّاسُ دُونَ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ أَيْ: الْإِمَامُ.

(ص) وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ فَتَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ فَمَاتَ قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ أَوْ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ فَهَلْ لِلْإِمَامِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ أَوْ لَيْسَ لَهُ وَلَا لِأَهْلِ الْفَضْلِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ رَدْعًا لِغَيْرِهِ؟ تَرَدُّدٌ لِأَبِي عِمْرَانَ وَاللَّخْمِيِّ

(ص) وَتَكْفِينٌ بِحَرِيرٍ وَنَجَسٍ وَكَأَخْضَرَ وَمُعَصْفَرٍ أَمْكَنَ غَيْرُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ التَّكْفِينُ بِمَا ذُكِرَ حَيْثُ أَمْكَنَ غَيْرُهُ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ. وَكَرَاهَةُ الْحَرِيرِ - وَلَوْ مَحْضًا - لِلرَّجُلِ؛ لِانْقِطَاعِ التَّكْلِيفِ عَنْهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُبَحْ لِلْمَرْأَةِ لِظُهُورِ قَصْدِ الْفَخْرِ وَالْعَظَمَةِ. وَإِنَّمَا قَرِنَ الْأَخْضَرَ بِكَافِ التَّشْبِيهِ؛ لِيَعُمَّ مَا عَدَا الْأَبْيَضَ مِنْ الْأَلْوَانِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْعُمُومِ مَا تَقَدَّمَ النَّصُّ عَلَى جَوَازِهِ وَهُوَ الْمُزَعْفَرُ وَالْمُوَرَّسُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ نَاحِيَةِ الطِّيبِ بِخِلَافِ الْمُعَصْفَرِ فَمِنْ نَاحِيَةِ الزِّينَةِ. وَقَوْلُهُ: أَمْكَنَ غَيْرُهُ، رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ أَيْ أَمْكَنَ غَيْرُ مَا ذُكِرَ.

(ص) وَزِيَادَةُ رَجُلٍ عَلَى خَمْسٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ الزِّيَادَةُ عَلَى خَمْسَةِ أَثْوَابٍ وَهِيَ الْعِمَامَةُ وَالْمِئْزَرُ وَالْقَمِيصُ وَيُلَفُّ فِي ثَوْبَيْنِ وَصُرِّحَ بِالْكَرَاهَةِ فِي الطِّرَازِ وَبِهَذَا يَسْقُطُ قَوْلُ ابْنِ غَازِيٍّ: لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِكَرَاهَتِهِ، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى السَّبْعِ لِلْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ سَنَدًا قَالَ فِي الطِّرَازِ: وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ (ص) وَاجْتِمَاعُ نِسَاءٍ لِبُكَاءٍ وَإِنْ سِرًّا (ش) يَعْنِي أَنَّ إرَادَةَ الِاجْتِمَاعِ لِلْبُكَاءِ مَكْرُوهَةٌ لِلنِّسَاءِ وَإِنْ سِرًّا وَبَالَغَ عَلَى ذَلِكَ؛ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ جَوَازُ إرَادَةِ مَا ذُكِرَ بِقَيْدِ السِّرِّ، وَحَيْثُ عُلِّقَتْ الْكَرَاهَةُ بِالْإِرَادَةِ حَسُنَتْ الْمُبَالَغَةُ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُنَّ لَوْ أَرَدْنَ الِاجْتِمَاعَ لَا لِبُكَاءٍ فَعَرَضَ لَهُنَّ مَا يُوجِبُهُ فَلَا كَرَاهَةَ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَالْبُكَاءُ مَمْدُودًا: الْعَوِيلُ وَالصُّرَاخُ، وَمَقْصُورًا: إرْسَالُ الدُّمُوعِ مِنْ غَيْرِ صَوْتٍ. فَإِنْ قِيلَ: إذَا كَانَ الْبُكَاءُ مَقْصُورًا بِالدَّمْعِ كَانَ قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَلِذَا لَا يُكْرَهُ تَغْسِيلُ الْحَائِضِ. . . إلَخْ) وَانْظُرْ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَتَجَنُّبُ حَائِضٍ وَجُنُبٍ لَهُ وَقَدْ يُقَالُ: مُفَادُ مَا هُنَا أَنَّ تَغْسِيلَ الْحَائِضِ غَيْرُ مَكْرُوهٍ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى فَيُوَافِقُ مَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنَّهُ يُقَالُ: إنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي حَالَةِ النِّزَاعِ فَلَا يُرَدُّ مَا ذُكِرَ.

(قَوْلُهُ يُغَسَّلَ السِّقْطُ) أَيْ: التَّغْسِيلَ الشَّرْعِيَّ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ السِّقْطَ يُغْسَلُ دَمُهُ وَيُلَفُّ فِي خِرْقَةٍ وَيُوَارَى، ثُمَّ إنَّ فِي سِينِ السِّقْطِ ثَلَاثَ لُغَاتٍ مَشْهُورَاتٍ ذَكَرَهُ فِي ك (قَوْلُهُ كَانَتْ كَالْجُنُبِ) وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْكَرَاهَةِ بِعَدَمِ خَشْيَةِ تَغَيُّرِ الْمَيِّتِ، فَإِنْ خُشِيَ بِتَشَاغُلِهِمَا بِغُسْلِهِمَا غَسَّلَهُ قَبْلُ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُمَا. (قَوْلُهُ أَوْ مُظْهِرِ كَبِيرَةٍ) وَكَذَا إذَا اُشْتُهِرَ بِهَا وَلَمْ يُظْهِرْهَا (قَوْلُهُ تَرَدُّدٌ لِأَبِي عِمْرَانَ وَاللَّخْمِيِّ. . . إلَخْ) فَاللَّخْمِيُّ يَقُولُ بِعَدَمِ الصَّلَاةِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَأَبُو عِمْرَانَ يَقُولُ بِهَا وَمِنْ مَشْمُولَاتِ التَّرَدُّدِ مَا إذَا مَاتَ بِالْحَبْسِ لِلْقَتْلِ الْمَذْكُورِ خِلَافًا لِعْب فَقَدْ جَعَلَهُ مَحَلَّ نَظَرٍ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ بِحَرِيرٍ) أَيْ: وَخَزٍّ وَلَوْ بِبَعْضِ الْأَكْفَانِ. (قَوْلُهُ وَنَجَسٍ) وَلَمْ يَحْرُمْ لِأَنَّهُ آيِلٌ لِلنَّجَاسَةِ وَيُقَدَّمُ الْحَرِيرُ عَلَى النَّجِسِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا. (قَوْلُهُ لِانْقِطَاعِ التَّكْلِيفِ عَنْهُ بِالْمَوْتِ) هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ مَنُوطٌ بِالْحَيِّ لَا بِالْمَيِّتِ إذْ الْكَرَاهَةُ فِي حَقِّ مَنْ كَفَّنَهُ وَهُوَ مُكَلَّفٌ. (قَوْلُهُ وَقَرْنُهُ بِكَافِ التَّشْبِيهِ. . . إلَخْ) فِيهِ أَنَّ كَافَ التَّشْبِيهِ لَا تَدْخُلُ شَيْئًا وَيُجَابُ بِأَنَّهُ تَمْثِيلٌ لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْرِيرُ: وَشَيْءٍ كَأَخْضَرَ.

(قَوْلُهُ حَسُنَتْ الْمُبَالَغَةُ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْمُبَالَغَةَ لَا تُحَسُّ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى هَذَا إذَا كَانَ الِاجْتِمَاعُ لِلْبُكَاءِ جَهْرًا بَلْ وَلَوْ سِرًّا مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ خَبَرُ: ( «لَعَنَ اللَّهُ الصَّالِقَةَ» ) وَهِيَ الرَّافِعَةُ لِصَوْتِهَا بِالْبُكَاءِ هَذَا مَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ عَدَمَ الْحُسْنِ حَيْثُ عُلِّقَتْ الْكَرَاهَةُ بِالِاجْتِمَاعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنَّفِ، وَأَمَّا إذَا عُلِّقَتْ بِالْإِرَادَةِ فَتَحْسُنُ. (وَأَقُولُ) فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ وَلَوْ جُعِلَتْ الْكَرَاهَةُ مُتَعَلِّقَةً بِالْإِرَادَةِ الِاعْتِرَاضُ يُتَوَجَّهُ؛ لِأَنَّ إرَادَةَ الشَّيْءِ تُعْطَى حُكْمَ ذَلِكَ الشَّيْءِ فَإِذَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْمُبَالَغَةُ فِي اجْتِمَاعٍ أَوْ إرَادَتِهِ فَالْمُنَاسِبُ جَعْلُهُمَا لِلْحَالِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ قِيلَ) هَذَا لَا يَأْتِي إلَّا إذَا جُعِلَتْ الْوَاوُ لِلْحَالِ لَا لِلْمُبَالَغَةِ كَمَا هُوَ سِيَاقُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>