للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْقَرَافِيِّ وَابْنِ جُزَيٍّ وَابْنِ جَمَاعَةَ التُّونُسِيِّ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ هَارُونَ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ رَاشِدٍ فِي اللُّبَابِ وَابْنِ مُعَلَّى وَالتَّادَلِيِّ وَابْنِ فَرْحُونٍ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ، وَتَبِعَهُ الْأَبِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَأَنْكَرَ كَوْنَهُ مِنْ الْبَيْتِ جَمَاعَةٌ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَمِمَّنْ بَالَغَ فِي إنْكَارِهِ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ الْخَطِيبُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ رُشَيْدٍ مُصَغَّرُ رُشْدٍ بِالْمُعْجَمَةِ اُنْظُرْ ح.

(ص) وَسِتَّةُ أَذْرُعٍ مِنْ الْحِجْرِ (ش) أَيْ: مُنْتَهِيَةٌ إلَى الْبَيْتِ أَيْ: وَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الطَّوَافِ خُرُوجُ كُلِّ الْبَدَنِ أَيْضًا عَنْ مِقْدَارِ سِتَّةِ أَذْرُعٍ مِنْ الْحِجْرِ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ سُمِّيَ حِجْرًا لِاسْتِدَارَتِهِ وَهُوَ مَحُوطٌ مُدَوَّرٌ عَلَى صُورَةِ نِصْفِ دَائِرَةٍ خَارِجٌ عَنْ جِدَارِ الْكَعْبَةِ فِي جِهَةِ الشَّامِ وَيُقَالُ لَهُ الْجَدْرُ بِفَتْحِ الْجِيمِ فَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ مِنْ وَضْعِ الْخَلِيلِ قَالَ الْأَزْرَقِيُّ عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ جَعَلَ إبْرَاهِيمُ الْحِجْرَ إلَى جَنْبِ الْبَيْتِ عَرِيشًا مِنْ أَرَاكٍ تَقْتَحِمُهُ الْغَنَمُ وَكَانَ زَرْبًا لِغَنَمِ إسْمَاعِيلَ، ثُمَّ إنَّ قُرَيْشًا أَدْخَلَتْ فِيهِ أَذْرُعًا مِنْ الْكَعْبَةِ انْتَهَى.

وَأَثْبَتَ التَّاءَ فِي سِتَّةٍ؛ لِأَنَّ ذِرَاعَ الْيَدِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ (ص) وَنَصْبِ الْمُقْبِلِ قَامَتَهُ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا قَبَّلَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ، أَوْ اسْتَلَمَ الْيَمَانِيَ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ مَكَانَهُ وُجُوبًا حَتَّى يَعْتَدِلَ قَائِمًا عَلَى قَدَمَيْهِ، ثُمَّ يَطُوفُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ طَافَ مُطَأْطِئًا رَأْسَهُ، أَوْ يَدُهُ فِي هَوَاءِ الشَّاذَرْوَانِ، أَوْ وَطِئَهُ بِرِجْلِهِ لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ.

(ص) دَاخِلَ الْمَسْجِدِ (ش) يَعْنِي: أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الطَّوَافِ أَنْ يَكُونَ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ فَلَوْ طَافَ خَارِجَهُ لَمْ يُجْزِهِ وَيُسْتَحَبُّ لِلطَّائِفِ الدُّنُوُّ مِنْ الْبَيْتِ كَالصَّفِّ الْأَوَّلِ فِي الصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ: " دَاخِلَ " مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنْ الطَّوَافِ.

(ص) وَوِلَاءً (ش) يَعْنِي: أَنَّ التَّوَالِي بَيْنَ أَشْوَاطِ الطَّوَافِ شَرْطٌ، فَإِنْ فَرَّقَهُ لَمْ يُجْزِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّفْرِيقُ يَسِيرًا، أَوْ يَكُونَ لِعُذْرٍ، وَهُوَ عَلَى طَهَارَتِهِ.

(ص) وَابْتَدَأَ إنْ قَطَعَ لِجِنَازَةٍ، أَوْ نَفَقَةٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الطَّوَافَ، وَلَوْ تَطَوُّعًا إذَا قَطَعَهُ لِجِنَازَةٍ غَيْرِ مُتَعَيِّنَةٍ عَلَيْهِ وَلَوْ قَلَّ الْفَصْلُ، أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ لِنَفَقَةٍ نَسِيَهَا فَإِنَّهُ يَبْتَدِئُهُ، وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْقَطْعَ لِلْجِنَازَةِ غَيْرُ مَطْلُوبٍ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالْحُكْمُ مَنْعُ الْقَطْعِ، وَأَمَّا إنْ قَطَعَ لِنَفَقَةٍ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى طَوَافِهِ، فَإِنْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ وَخَشِيَ عَلَى الْمَيِّتِ التَّغَيُّرَ فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ الْقَطْعِ كَالْفَرَائِضِ، وَفِي كَلَامِ سَنَدٍ وَأَبِي الْحَسَنِ مَا يُفِيدُهُ، وَأَمَّا إنْ تَعَيَّنَتْ وَلَمْ يَخْشَ تَغَيُّرَهَا فَلَا يَقْطَعُهُ لَهَا وَإِذَا قُلْنَا يَقْطَعُ، فَالظَّاهِرُ حِينَئِذٍ يَبْنِي كَالْفَرِيضَةِ كَمَا فِي شَرْحِ هـ (ص) أَوْ نَسِيَ بَعْضَهُ إنْ فَرَغَ سَعْيُهُ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ لَا يَبْنِي إذَا نَسِيَ بَعْضًا مِنْ طَوَافِهِ، وَلَوْ بَعْضَ شَوْطٍ حَتَّى فَرَغَ مِنْ سَعْيِهِ وَطَالَ الْأَمْرُ أَوْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ، وَأَمَّا إنْ ذَكَرَ ذَلِكَ بِأَثَرِ سَعْيِهِ وَلَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُهُ فَإِنَّهُ يَبْنِي كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْجَهْلُ كَالنِّسْيَانِ قَالَ سَنَدٌ إنْ قِيلَ كَيْفَ يَبْنِي بَعْدَ فَرَاغِ السَّعْيِ وَهَذَا تَفْرِيقٌ كَثِيرٌ يَمْنَعُ مِثْلُهُ الْبِنَاءَ فِي الصَّلَاةِ قُلْنَا: لَمَّا كَانَ السَّعْيُ مُرْتَبِطًا بِالطَّوَافِ حَتَّى لَا يَصِحَّ دُونَهُ جَرَى مَعَهُ مَجْرَى الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ فَمَنْ تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ الْأُولَى، ثُمَّ قَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ الْبَقَرَةَ عَادَ إلَى سُجُودِ الْأُولَى، وَإِنَّمَا يُرَاعَى الْقُرْبُ مِنْ الْبُعْدِ لِلْحَالَةِ الَّتِي فَرَغَ فِيهَا مِنْ السَّعْيِ، فَإِنْ قَرُبَ مِنْهَا بَنَى، وَإِنْ بَعُدَ ابْتَدَأَ وَيَرْجِعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ.

(ص) وَقَطَعَهُ لِلْفَرِيضَةِ وَنُدِبَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: التُّونُسِيِّ) بَدَلٌ مِنْ ابْنِ جَمَاعَةَ

(قَوْلُهُ: وَسِتَّةُ أَذْرُعٍ إلَخْ) تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي ذَلِكَ اللَّخْمِيَّ، قَالَ الْحَطَّابُ: وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا طَافَ دَاخِلَ الْحِجْرِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْ جَمِيعِ الْحِجْرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ شَامِلٌ لِلسِّتَّةِ أَذْرُعٍ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ أَصْحَابِنَا ا. هـ. وَجَعَلَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: مُدَوَّرٌ) تَفْسِيرٌ لِمَحُوطٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ وَضْعِ الْخَلِيلِ) أَيْ: الْخَلِيلِ إبْرَاهِيمَ أَيْ: مِنْ بِنَائِهِ (قَوْلُهُ: عَرِيشًا مِنْ أَرَاكٍ تَقْتَحِمُهُ الْغَنَمُ) أَيْ: تَدْخُلُهُ الْغَنَمُ (قَوْلُهُ وَنَصْبِ الْمُقْبِلِ) يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالِاسْمِ أَيْ: وَبِنَصْبِ وَبِالْفِعْلِ، وَالْأَصْلُ فِي الْفِعْلِ الْوُجُوبُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ) أَيْ: وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَرْجِعُونَ بِلَا حَجٍّ بِسَبَبِ الْجَهْلِ بِذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ الْمُعَلَّى فِي مَنْسَكِهِ وَنَازَعَهُ غَيْرُهُ فِي قَوْلِهِ: يَرْجِعُونَ بِلَا حَجٍّ لَكِنْ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا الْمُنَازَعَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْبَيْتِ، وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ مِنْ ذَهَابِ الْجَمَاعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ إلَى أَنَّهُ مِنْ الْبَيْتِ.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ طَافَ خَارِجَهُ لَمْ يُجْزِهِ) قَالَ بَعْضٌ وَمِثْلُهُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - مَنْ طَافَ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ وَلَمْ أَرَهُ مَنْصُوصًا وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ بِجَوَازِهِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْحَنَابِلَةُ (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ لِلطَّائِفِ الدُّنُوُّ مِنْ الْبَيْتِ إلَخْ) هَذَا فِي الرِّجَالِ، وَأَمَّا النِّسَاءُ فَقَالَ الْبَاجِيُّ: السُّنَّةُ لَهُنَّ خَلَفَ الرِّجَالِ كَالصَّلَاةِ

(قَوْلُهُ: وَوِلَاءً) أَيْ: وَيَكُون وِلَاءً فَهُوَ مَنْصُوبٌ وَيَصِحُّ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى الْمَجْرُورِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّفْرِيقُ يَسِيرًا) أَيْ: فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ، وَلَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ كَذَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَلِسَنَدٍ أَيْضًا: أَنَّ التَّفْرِيقَ الْيَسِيرَ لَا يَضُرُّ وَلَكِنَّهُ إنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ كُرِهَ وَنُدِبَ لَهُ أَنْ يَبْتَدِئَهُ انْتَهَى.

(أَقُولُ) : وَهُوَ لَا يُخَالِفُ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَلَّ الْفَصْلُ) ؛ لِأَنَّهَا فِعْلٌ آخَرُ غَيْرُ مَا هُوَ فِيهِ وَيَمْتَنِعُ الْقَطْعُ. (قَوْلُهُ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ لِنَفَقَةٍ نَسِيَهَا) قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَلَوْ قِيلَ بِجَوَازِ الْخُرُوجِ لِلنَّفَقَةِ لَكَانَ أَظْهَرُ كَمَا أَجَازُوا قَطْعَ الصَّلَاةِ لِمَنْ أُخِذَ لَهُ مَالٌ لَهُ بَالٌ وَهِيَ أَشَدُّ حُرْمَةً وَأُجِيبَ بِالْفَرْقِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ لَمَّا لَمْ يُبَحْ فِيهَا إلَّا يَسِيرَ الْكَلَامِ لِإِصْلَاحِهَا فَقَطْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْدُوحَةٌ فِي الْقَطْعِ لِحِفْظِ مَالِهِ وَلَا كَذَلِكَ الطَّوَافُ فَعَدَمُ حُرْمَةِ الْكَلَامِ فِيهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُوَكِّلُ فِي عَوْدِ نَفَقَتِهِ بِدُونِ قَطْعٍ فَلِذَلِكَ بَطَلَ إنْ قَطَعَ لَهَا وَخَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: إنْ فَرَغَ سَعْيُهُ) أَشْعَرَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ فَرَغَ سَعْيُهُ أَنَّ ذَلِكَ فِي طَوَافِ قُدُومٍ وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَ لَا سَعْيَ بَعْدَهُ كَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَالْوَدَاعِ وَالتَّطَوُّعِ رُوعِيَ الْقُرْبُ وَالْبُعْدُ مِنْ فَرَاغِهِ مِنْ الطَّوَافِ فَإِنْ قَرُبَ بَنَى، وَإِنْ بَعُدَ ابْتَدَأَ.

(قَوْلُهُ وَقَطَعَهُ لِلْفَرِيضَةِ) أَيْ: لِإِقَامَتِهَا عَلَيْهِ وَلَزِمَهُ الدُّخُولُ مَعَ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ بِأَيِّ مَحَلٍّ عَلَى رَأْيٍ، أَوْ بِمَقَامِ إبْرَاهِيمَ عَلَى آخَرَ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَبَعْضُ الشُّرَّاحِ إنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّاهَا أَصْلًا، أَوْ صَلَّاهَا مُنْفَرِدًا بِبَيْتِهِ، أَوْ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، أَوْ جَمَاعَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>