ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَاتِلْ حِينَئِذٍ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا.
(ص) وَانْتِقَالٌ مِنْ مَوْتٍ لِآخَرَ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ غَلَبَهُ الْعَدُوُّ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ سَبَبِ مَوْتٍ إلَى سَبَبِ مَوْتٍ آخَرَ كَمَا إذَا أَحْرَقَ الْعَدُوُّ مَرْكَبًا لِلْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُمْ إذَا مَكَثُوا فِيهَا هَلَكُوا، وَإِنْ طَرَحُوا أَنْفُسَهُمْ فِي الْبَحْرِ هَلَكُوا (ص) وَوَجَبَ إنْ رَجَا حَيَاةً أَوْ طُولَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَلَبَهُ الْعَدُوُّ وَرَجَا الْحَيَاةَ الْمُسْتَمِرَّةَ بِهُرُوبِهِ أَوْ رَجَا طُولَ الْحَيَاةِ، وَلَوْ أَسَرُوهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَفِرَّ إلَى تِلْكَ الْجِهَةِ الَّتِي تَطُولُ حَيَاتُهُ بِسَبَبِهَا؛ لِأَنَّ حِفْظَ النُّفُوسِ وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ، وَلَوْ طَالَتْ الْحَيَاةُ مَعَ مَوْتِ أَشَدَّ وَأَصْعَبَ مِنْ الْمَوْتِ الْمُعَجَّلِ (ص) كَالنَّظَرِ فِي الْأَسْرَى بِقَتْلٍ أَوْ مَنٍّ أَوْ فِدَاءٍ أَوْ جِزْيَةٍ أَوْ اسْتِرْقَاقٍ (ش) التَّشْبِيهُ فِي وُجُوبِ النَّظَرِ مِنْ الْإِمَامِ فِي أَحْوَالِ الْأَسْرَى قَبْلَ الْقَسْمِ فَمَا رَأَى فِيهِ الْمَصْلَحَةَ لِلْمُسْلِمِينَ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ، فَإِنْ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى قَتْلِهِمْ قَتَلَهُمْ وَيَحْسُبُ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِمِلْكِهَا بِالْأَخْذِ، وَإِنْ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى إبْقَائِهِمْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَإِنْ أَدَّاهُ إلَى أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِمْ وَيُخَلِّيَ سَبِيلَهُمْ فَعَلَ ذَلِكَ وَيَحْسُبُ مِنْ الْخُمُسِ وَإِنْ أَدَّاهُ إلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ الْفِدَاءَ بِالْأَسْرَى الَّذِينَ عِنْدَهُمْ أَوْ بِمَالٍ فَعَلَ ذَلِكَ وَيَحْسُبُ مِنْ الْخُمُسِ أَيْضًا، وَإِنْ أَدَّاهُ إلَى ضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ فَعَلَ ذَلِكَ وَيَحْسُبُ الْمَضْرُوبَ عَلَيْهِ مِنْ الْخُمُسِ وَإِنْ أَدَّاهُ إلَى اسْتِرْقَاقِهِمْ فَعَلَ ذَلِكَ وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْغَنِيمَةِ وَهَذِهِ الْوُجُوهُ بِالنِّسْبَةِ لِلرِّجَالِ الْمُقَاتِلَةِ.
وَأَمَّا الذَّرَارِيُّ وَالنِّسَاءُ فَلَيْسَ إلَّا الِاسْتِرْقَاقُ أَوْ الْمُفَادَاةُ فَأَوْ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ لِلتَّنْوِيعِ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ لِلتَّخْيِيرِ وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُعْتَبَرُ النَّظَرَ فِيمَا هُوَ مَصْلَحَةٌ فَأَيْنَ التَّخْيِيرُ، وَالْجَوَابُ أَنَّ التَّخْيِيرَ حَيْثُ رَأَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الْأُمُورِ مَصْلَحَةٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالتَّخْيِيرِ لَازِمَهُ وَهُوَ عَدَمُ تَعَيُّنِ وَاحِدٍ مِنْهَا ابْتِدَاءً.
(ص) وَلَا يَمْنَعُهُ حَمْلٌ بِمُسْلِمٍ (ش) أَيْ وَلَا يَمْنَعُ اسْتِرْقَاقَ الْأَمَةِ حَمْلَهَا بِمُسْلِمٍ كَأَنْ تَزَوَّجَهَا مُسْلِمٌ بِبَلَدِ الْحَرْبِ ثُمَّ تُسْبَى حَامِلًا أَوْ يُسْلِمُ زَوْجُهَا قَبْلَ سَبْيِهِ ثُمَّ تُسْبَى هِيَ حَامِلًا وَقَدْ أَحْبَلَهَا وَهُوَ كَافِرٌ أَوْ بَعْدَ إسْلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ أَبَاهُ فِي الدِّينِ وَالنَّسَبِ فَالْحَمْلُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ مُسْلِمٌ وَتُرَقُّ هِيَ فِي جَمِيعِهَا. وَأَمَّا رِقُّ الْحَمْلِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَرِقٌّ إنْ حَمَلَتْ بِهِ بِكُفْرٍ) أَيْ فِي حَالِ كُفْرِ أَبِيهِ كَمَا فِي الصُّورَةِ الْوُسْطَى لَا إنْ حَمَلَتْ بِهِ فِي حَالِ إسْلَامِ أَبِيهِ كَمَا فِي الطَّرَفَيْنِ مِنْ الصُّوَرِ وَبِهَذَا يُقَيَّدُ كَلَامُهُ فِيمَا سَيَأْتِي وَمَالُهُ وَوَلَدُهُ فَيْءٌ مُطْلَقًا فَلَيْسَ مَعْنَى الْإِطْلَاقِ حَمَلَتْ بِهِ بِكُفْرٍ أَوْ إسْلَامٍ بَلْ مَعْنَاهُ كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا.
(ص) وَالْوَفَاءُ بِمَا فَتَحَ لَنَا بِهِ بَعْضُهُمْ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ عَلَيْنَا شَخْصٌ مِنْ الْعَدُوِّ مَثَلًا أَنَّهُ إذَا فَتَحَ لَنَا الْحِصْنَ أَوْ الْبَلَدَ أَوْ الْقَلْعَةَ أَنْ نُؤَمِّنَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى مَالِهِ وَأَوْلَادِهِ أَوْ عَلَى
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ أَيْ وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ اسْتِوَاؤُهُمَا (قَوْلُهُ وَوَجَبَ إنْ رَجَا إلَخْ) قَالَ عِزُّ الدِّينِ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ إنْ رَجَا حَيَاةً سَاعَةً اسْتِعْجَالُ مَوْتِهِ بِشُرْبِ سُمٍّ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ إنْ رَجَا حَيَاةً) أَيْ، وَلَوْ شَكَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ طَالَتْ) ، وَلَوْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ (قَوْلُهُ وَيَحْسُبُ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ) أَيْ بِحَيْثُ يُضَيِّعُ عَلَى الْجَيْشِ (قَوْلُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِمِلْكِهَا بِالْأَخْذِ) وَأَوْلَى عَلَى الْقَوْلِ بِمِلْكِهَا بِالْقَسْمِ فَالْأَوْلَى حَذْفُ هَذَا نَعَمْ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَحْسُبُ مِنْ الْخُمُسِ يَعْقِلُ فِيهِ التَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ يَمْلِكُهَا بِالْأَخْذِ (قَوْلُهُ وَيُخَلِّيَ سَبِيلَهُمْ) أَيْ فَلَهُ بَعْدَ الذَّهَابِ الْعَوْدُ إلَى بَلَدِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ مَنَّ عَلَيْهِ عَلَى الْبَقَاءِ (قَوْلُهُ وَيَحْسُبُ مِنْ الْخُمُسِ) وَإِلَّا كَانَ غَبْنًا عَلَى الْجَيْشِ (قَوْلُهُ وَيَحْسُبُ مِنْ الْخُمُسِ) ظَاهِرُهُ وَيَحْسُبُ الْفِدَاءَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ وَيَحْسُبُ قِيمَةَ هَؤُلَاءِ مِنْ الْمَفْدِيِّينَ مِنْ الْخُمُسِ أَيْضًا وَهَذَا الْمَالُ الَّذِي يَأْخُذُهُ مِنْهُمْ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا يُوضَعُ فِي الْخُمُسِ (قَوْلُهُ أَوْ بِمَالٍ فَعَلَ ذَلِكَ) أَيْ بِأَنْ يَبْذُلَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَيُحْسَبُ الْمَضْرُوبُ عَلَيْهِ) أَيْ الْأَشْخَاصُ الَّذِينَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الْجِزْيَةُ أَيْ قِيمَتُهُمْ وَالْجِزْيَةُ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْهُمْ كُلَّ عَامٍ مَوْضِعُهَا بَيْتُ الْمَالِ اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ مَنْ يَمُنُّ عَلَيْهِ لَا يُحْسَبُ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَلَا تُؤْخَذُ قِيمَتُهُ مِنْ الْخُمُسِ وَكَذَا مَنْ يُضْرَبُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ. وَأَمَّا مَنْ أُخِذَ مِنْهُ الْفِدَاءُ فَإِنَّهُ يُجْعَلُ فِدَاؤُهُ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ لِلتَّخْيِيرِ) وَعِبَارَتُهُ يَعْنِي وَمِمَّا هُوَ أَيْضًا وَاجِبٌ نَظَرُ الْإِمَامِ فِي الْأَسْرَى بَيْنَ الْقَتْلِ وَالْإِبْقَاءِ، فَإِنْ قُتِلَ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ أُبْقِيَ خُيِّرَ بَيْنَ الْمَنِّ وَالْمُفَادَاةِ وَضَرْبِ الْجِزْيَةِ وَالِاسْتِرْقَاقِ وَكُلُّ ذَلِكَ مَعَ مُرَاعَاةِ الْمَصْلَحَةِ لِلْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ وَالْجَوَابُ أَنَّ التَّخْيِيرَ) ، فَإِنْ تَعَارَضَتْ الْمَصْلَحَتَانِ قُدِّمَتْ الْمَصْلَحَةُ الْأَقْوَى، وَإِنْ تَعَارَضَ دَرْءُ الْمَفْسَدَةِ وَجَلْبُ الْمَصْلَحَةِ قُدِّمَ دَرْءُ الْمَفْسَدَةِ عَلَى جَلْبِ الْمَصْلَحَةِ وَلَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُ بَعْدَ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِ وَيَجُوزُ مُفَادَاتُهُ بِرِضَاهُ وَيَجُوزُ بَعْدَ اسْتِرْقَاقِهِ مَا عَدَا الْقَتْلَ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَتْبَعُ أَبَاهُ) تَعْلِيلٌ لِكَوْنِهَا حَمَلَتْ بِشَخْصٍ مُسْلِمٍ وَهُوَ مَا فِي بَطْنِهَا أَيْ إنَّمَا حُكِمَ بِأَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا مُسْلِمٌ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِمُسْلِمٍ بِمَعْنَى مِنْ وَعَلَيْهِ حِلُّ بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ نَقْلُ الْمَوَّاقُ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَهُمَا مُتَلَازِمَانِ، فَإِنْ شَكَّ هَلْ حَمَلَتْ بِهِ فِي حَالِ إسْلَامِ أَبِيهِ أَوْ كُفْرِهِ لَمْ يَرِقَّ إنْ وَضَعَتْهُ لِسِتَّةٍ مِنْ إسْلَامِهِ وَلِأَقَلَّ رَقَّ وَانْظُرْ إذَا جَهِلَ ذَلِكَ ثُمَّ مَحَلُّ رِقِّهِ فِيمَا ذَكَرَ مَا لَمْ يُمَنَّ عَلَى أُمِّهِ بَعْدَ رِقِّهَا، أَوْ يُضْرَبُ عَلَى رِجَالِهَا الْجِزْيَةُ أَوْ تُفْدَى أَوْ تُسْلِمُ قَبْلَ سَبْيِهَا وَإِلَّا كَانَ حُرًّا تَبَعًا لَهَا (قَوْلُهُ وَبِهَذَا يُقَيَّدُ إلَخْ) أَيْ بِقَوْلِنَا إنْ حَمَلَتْ بِهِ بِكُفْرٍ أَيْ فَيُقَالُ مَحَلُّ كَوْنِ وَلَدِهِ فَيْئًا إذَا حَمَلَتْ بِهِ فِي حَالِ كُفْرِ أَبِيهِ لَا إنْ حَمَلَتْ بِهِ فِي حَالِ إسْلَامِ أَبِيهِ.
(تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي ك وَجَدَ عِنْدِي مَا نَصَّهُ وَتُصَدَّقُ أَنَّهَا حَمَلَتْ بِهِ فِي حَالِ إسْلَامِ أَبِيهِ فَلَا يَرِقُّ، وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ رَقِيقَةً؛ لِأَنَّ رِقَّهَا طَارِئٌ فَلَا يُقَالُ إنَّ الْوَلَدَ تَابِعٌ لِأُمِّهِ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ.
(قَوْلُهُ الْحِصْنَ) هُوَ الْمَكَانُ لَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ لِارْتِفَاعِهِ وَجَمْعُهُ حُصُونٌ