للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نُوَفِّيَهُ بِذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ أَفْتَحُ لَكُمْ عَلَى أَنْ تُؤَمِّنُونِي عَلَى فُلَانٍ رَأْسِ الْحِصْنِ فَرَضُوا وَفَتَحَ فَالرَّأْسُ مَعَ الرَّجُلِ آمِنَانِ وَكَذَا عَلَى فُلَانٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَطْلُبُ الْأَمَانَ لِغَيْرِهِ إلَّا مَعَ طَلَبِهِ لِنَفْسِهِ.

(ص) وَبِأَمَانِ الْإِمَامِ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَمَّنَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهُ يَجِبُ لَهُ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ التَّأْمِينِ سَوَاءٌ كَانَ فِي بَلَدِ ذَلِكَ السُّلْطَانِ الَّذِي أَمَّنَهُ أَوْ فِي بَلَدٍ غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَأَيُّ إقْلِيمٍ حَلَّ فِيهِ فَمَالُهُ وَدَمُهُ مَعْصُومٌ وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْتَبِيحَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا وَإِذَا أَرَادَ هَذَا الْمُؤْمِنُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى بَلَدِهِ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهُ بَلْ يُخَلِّيَ سَبِيلَهُ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ لَهُ الْوَفَاءُ فِي كُلِّ بَلَدٍ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ وَسَوَاءٌ أَمَّنَهُ قَبْلَ الْفَتْحِ أَوْ بَعْدَهُ، وَمِثْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَمِيرُ الْجَيْشِ (ص) كَالْمُبَارِزِ مَعَ قِرْنِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُبَارِزِ مَعَ قِرْنِهِ الْوَفَاءُ بِمَا شَرَطَهُ عَلَيْهِ مِنْ الْقِتَالِ رَاجِلَيْنِ أَوْ رَاكِبَيْنِ عَلَى بَعِيرَيْنِ أَوْ فَرَسَيْنِ أَوْ رُمْحٍ أَوْ خِنْجَرٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَالْقِرْنُ بِالْكَسْرِ الْمُكَافِئُ فِي الشُّجَاعَةِ أَيْ كَالْمُبَارِزِ مَعَ مُكَافِئِهِ فِي الشُّجَاعَةِ فَالتَّشْبِيهُ فِي وُجُوبِ الْوَفَاءِ وَسَوَاءٌ خِيفَ عَلَيْهِ الضَّعْفُ وَالْغَلَبَةُ أَمْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ مُبَارَزَتَهُ كَالْعَهْدِ عَلَى أَنْ لَا يَقْتُلَهُ إلَّا وَاحِدٌ (ص) وَإِنْ أُعِينَ بِإِذْنِهِ قُتِلَ مَعَهُ (ش) أَيْ، وَإِنْ أُعِينَ الْكَافِرُ الْمُبَارِزُ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ جَمَاعَةٍ بِإِذْنِهِ قُتِلَ الْمُعَانُ مَعَ مُعِينِهِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ قُتِلَ الْمُعِينُ دُونَ الْمُعَانِ ثُمَّ إنَّ الضَّمَائِرَ الثَّلَاثَةَ رَاجِعَةٌ لِلْقِرْنِ وَضَمِيرُ مَعَهُ عَائِدٌ عَلَى الْمُعِينِ الْمَفْهُومِ مِنْ أُعِينَ.

(ص) وَلِمَنْ خَرَجَ فِي جَمَاعَةٍ لِمِثْلِهَا إذَا فَرَغَ مِنْ قِرْنِهِ الْإِعَانَةُ (ش) يَعْنِي لَوْ خَرَجَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِجَمَاعَةٍ مِنْ الْكُفَّارِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ فَرَغَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قِرْنِهِ أَنْ يُعِينَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ عَلَى قِرْنِهِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ خَرَجَتْ لِجَمَاعَةٍ أَيْ فَكَانَ كُلُّ جَمَاعَةٍ بِمَنْزِلَةِ قِرْنٍ وَاحِدٍ وَقَوْلُهُ وَلِمَنْ إلَخْ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَالْإِعَانَةُ مُبْتَدَأٌ وَإِذَا ظَرْفِيَّةٌ تَجَرَّدَتْ عَنْ الشَّرْطِ فَلَا جَوَابَ لَهَا.

(ص) وَأُجْبِرُوا عَلَى حُكْمِ مَنْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ إنْ كَانَ عَدْلًا وَعَرَفَ الْمَصْلَحَةَ وَإِلَّا نَظَرَ الْإِمَامُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْرِكِينَ إذَا نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ عَدْلٍ قَدْ عَرَفَ الْمُصْلِحَةَ لِلْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ الْعَدُوَّ يُجْبَرُ عَلَى حُكْمِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْمُؤْمِنُ عَدْلًا، وَلَوْ عَرَفَ الْمَصْلَحَةَ أَوْ لَمْ يَعْرِفْ الْمَصْلَحَةَ، وَلَوْ كَانَ عَدْلًا أَوْ انْتَفَيَا جَمِيعًا فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَنْظُرُ فِيمَا أَمِنَ فِيهِ فَمَا كَانَ صَوَابًا أَبْقَاهُ وَمَا كَانَ غَيْرَ صَوَابٍ رَدَّهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ عَدْلًا أَيْ فِيمَا حَكَمَ بِهِ مِنْ الْأَمَانِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدَلَ شَهَادَةً (ص) كَتَأْمِينِ غَيْرِهِ إقْلِيمًا (ش) تَشْبِيهٌ فِي نَظَرِ الْإِمَامِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ رَأْسِ الْحِصْنِ) أَيْ كَبِيرِهِ.

(قَوْلُهُ وَبِأَمَانٍ) عَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَمَانَ بِقَوْلِهِ رَفْعُ اسْتِبَاحَةِ دَمِ الْحَرْبِيِّ وَرِقِّهِ وَمَالِهِ حِينَ قِتَالِهِ أَوْ الْعَزْمُ عَلَيْهِ مَعَ اسْتِقْرَارِهِ تَحْتَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ مُدَّةً مَا فَقَوْلُهُ رَفْعُ مَصْدَرٌ مُنَاسِبٌ لِلْأَمَانِ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ مَصْدَرٍ وَقَوْلُهُ اسْتِبَاحَةِ إلَخْ احْتَرَزَ بِهِ مِنْ رَفْعِ اسْتِبَاحَةِ دَمِ غَيْرِهِ كَالْعَفْوِ عَنْ الْقَاتِلِ، وَقَوْلُهُ وَرِقِّهِ أَخْرَجَ بِهِ الْمُعَاهَدَ وَقَوْلُهُ حِينَ قِتَالِهِ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الصُّلْحِ وَالْمُهَادَنَةِ وَالِاسْتِئْمَانِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) حَالٌ مِنْ الْوَفَاءِ أَوْ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ وَهُوَ الصَّوَابُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جُعِلَ حَالًا مِنْ الْوَفَاءِ لَأَفَادَ مَعْنًى فَاسِدًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَوَجَبَ الْوَفَاءُ فِي حَالِ كَوْنِهِ مُطْلَقًا. وَأَمَّا فِي حَالَةِ التَّقْيِيدِ فَلَا يَجِبُ الْوَفَاءُ هَذَا مَعْنَاهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَيَكْفِي إخْبَارُهُ بِأَنَّهُ أَمَّنَ غَيْرَهُ دُونَ غَيْرِ الْإِمَامِ كَأَمِيرِ الْجَيْشِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَى أَنَّهُ أَمَّنَ غَيْرَهُ وَمِثْلُ الْإِمَامِ الْأَمِيرُ الْمَجْعُولُ لَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْمَوَّازِ مِنْ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِإِعَانَتِهٍ لَكِنْ قَالَ الْبِسَاطِيُّ لَوْ سَقَطَ الْمُسْلِمُ وَأَرَادَ الْإِظْهَارَ عَلَيْهِ مَنَعَهُ الْمُسْلِمُونَ فِي ذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ أَيْ بِغَيْرِ الْقَتْلِ مَا أَمْكَنَ وَإِلَّا فَبِهِ (قَوْلُهُ الضَّمَائِرَ الثَّلَاثَةَ) أَيْ ضَمِيرَ أُعِينَ وَبِإِذْنِهِ وَقَتَلَ.

(قَوْلُهُ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ خَرَجَتْ لِلْجَمَاعَةِ) . وَأَمَّا لَوْ خَرَجَتْ جَمَاعَةٌ فِي مُقَابَلَةِ جَمَاعَةٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ ابْتِدَاءً فِي مُقَابَلَةِ وَاحِدٍ فَلَا فَالْمَسَائِلُ ثَلَاثَةٌ.

(قَوْلُهُ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ) أَيْ نَزَلُوا مِنْ حِصْنِهِمْ أَوْ قَدِمُوا بَلَدًا عَلَى حُكْمِهِ إلَخْ أَيْ إذَا أَنْزَلَهُمْ الْإِمَامُ مِنْ حِصْنِهِمْ أَوْ مَدِينَتِهِمْ أَوْ قَدِمُوا بِتِجَارَةٍ مَثَلًا عَلَى حُكْمِ غَيْرِهِ أُجْبِرُوا عَلَى مَا يُحْكَمُ بِهِ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ ابْتِدَاءً إنْزَالُهُمْ عَلَى حُكْمِ غَيْرِهِ وَإِنْزَالُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَنِي قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ إنَّمَا كَانَ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِ الْأَنْصَارِ الْأَوْسِ؛ لِأَنَّ بَنِي قُرَيْظَةَ مَوَالِي الْأَوْسِ مَوْلَى حِلْفٍ لَا مَوْلَى عَتَاقَةٍ وَالْأَصْلُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ بَنُو قُرَيْظَةَ الْقَبِيلَةَ الْمَشْهُورَةَ مِنْ الْيَهُودِ مِنْ قَلْعَتِهِمْ وَكَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ قَدْ حَاصَرَهُمْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَقَذَفَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ وَكَانَ قَرِيبًا مِنْهُ فَجَاءَ عَلَى حِمَارٍ فَلَمَّا دَنَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُومُوا لِسَيِّدِكُمْ فَجَلَسَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ إنَّ هَؤُلَاءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِك قَالَ فَإِنِّي أَحْكُمُ أَنْ تُقْتَلَ الْمُقَاتِلَةُ وَأَنْ تُسْبَى الذُّرِّيَّةُ قَالَ لَقَدْ حَكَمْت فِيهِمْ بِحُكْمِ الْمَلِكِ (قَوْلُهُ عَلَى حُكْمِ) أَيْ اتِّبَاعُ حُكْمِ مَنْ نَزَلُوا أَيْ قَتْلٌ أَوْ أَسْرٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ وَمَا كَانَ غَيْرُ صَوَابٍ رَدَّهُ) وَتَوَلَّى هُوَ الْحُكْمَ بِنَفْسِهِ فِيمَا يَرَاهُ مَصْلَحَةَ مَنْ قَتَلَ أَوْ أَسَرَ أَوْ غَيْرُهُ وَلَا يَرُدُّهُمْ لِمَأْمَنِهِمْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدَلَ شَهَادَةً) فَيَشْمَلُ الْحُرَّ وَالْعَبْدَ وَالْكَبِيرَ وَالصَّغِيرَ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُوَافِقٍ لِلنَّقْلِ، وَالْمَنْقُولُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَدْلِ عَدْلُ الشَّهَادَةِ فَلَوْ حَكَّمُوا فَاسِقًا صَحَّ ثُمَّ نَظَرَ الْإِمَامُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَإِلَّا نَظَرَ الْإِمَامُ فَالْعَدْلُ لَا يُتَعَقَّبُ حُكْمُهُ فَالْعَدَالَةُ شَرْطٌ فِي الْجَوَازِ وَعَدَمُ التَّعَقُّبِ لَا فِي الصِّحَّةِ، فَإِنْ كَانَ عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا لَمْ يَصِحَّ حُكْمُهُ وَكَذَا إنْ كَانَ امْرَأَةً صَرَّحَ بِذَلِكَ كُلِّهِ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا فَالْعَدَالَةُ الَّتِي قُلْنَا أَنَّهَا شَرْطٌ فِي الْجَوَازِ لَا فِي الصِّحَّةِ بِمَعْنَى عَدَمِ الْفِسْقِ مَعَ كَوْنِهِ حُرًّا بَالِغًا ذَكَرًا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت

<<  <  ج: ص:  >  >>