للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْمَعْنَى أَنَّ غَيْرَ الْإِمَامِ إذَا أَمِنَ إقْلِيمًا فَإِنَّ الْإِمَامَ يَنْظُرُ فِي إمْضَائِهِ وَرَدِّهِ بِالْمَصْلَحَةِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ تَأْمِينَ الْإِقْلِيمِ مِنْ خَصَائِصِ الْإِمَامِ وَالْمُرَادُ بِالْإِقْلِيمِ الْعَدَدُ الَّذِي لَا يَنْحَصِرُ.

(ص) وَإِلَّا فَهَلْ يَجُوزُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَوْ يَمْضِي مِنْ مُؤْمِنٌ مَيَّزَ، وَلَوْ صَغِيرًا أَوْ رِقًّا أَوْ امْرَأَةً أَوْ خَارِجًا عَلَى الْإِمَامِ (ش) لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْإِمَامَ يَنْظُرُ فِي تَأْمِينِ غَيْرِ الْعَدْلِ وَمَنْ لَا يَعْرِفُ الْمَصْلَحَةَ تَعَرَّضَ هُنَا لِحُكْمِ تَأْمِينِ الْمُمَيِّزِ مِنْ صَغِيرٍ وَعَبْدٍ وَامْرَأَةٍ، وَالِاسْتِثْنَاءُ الَّذِي ذَكَرَهُ مُنْقَطِعٌ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ وَالْمَعْنَى لَكِنْ اُخْتُلِفَ فِي تَأْمِينِ مَا ذُكِرَ هَلْ يَجُوزُ ابْتِدَاءً وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ فِيهِ خِيَارٌ وَعَلَيْهِ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَيَجُوزُ أَمَانُ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ إنْ عَقَلَ الْأَمَانَ فَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ خِلَافٌ أَوْ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً وَلَكِنْ إنْ وَقَعَ يَمْضِي إنْ أَمْضَاهُ الْإِمَامُ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ حَبِيبٍ وَقَوْلُهُمَا وِفَاقٌ لَهَا وَيَحْتَمِلُ قَوْلُهَا يَجُوزُ أَيْ يَمْضِي. وَأَمَّا أَمَانُ الْخَارِجِ عَلَى الْإِمَامِ الْمُسْلِمِ الْكَبِيرِ الْحُرِّ فَيَمْضِي وَيَجُوزُ بِاتِّفَاقٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ فِيهِ التَّأْوِيلَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا ذِمِّيًّا أَوْ خَائِفًا مِنْهُمْ) إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْمِينُهُمَا؛ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْأَوَّلِ فِي الدِّينِ يَحْمِلُهُ عَلَى سُوءِ النَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِذَا اُتُّهِمَ الْمُسْلِمُ عَلَى ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ فَالْكَافِرُ أَوْلَى بِذَلِكَ فَقَوْلُهُ مِنْ مُؤْمِنٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالٌ أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ وَاقِعًا مِنْ مُؤْمِنٍ وَمَعْنَى مَيَّزَ أَيْ عَقَلَ الْإِمَامُ وَعَرَفَ ثَمَرَتَهُ. وَقَوْلُهُ لَا ذِمِّيًّا عَطْفٌ عَلَى مِنْ مُؤْمِنٍ؛ لِأَنَّهُ وَاقِعٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ وَقَوْلُهُ (تَأْوِيلَانِ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ لَا، وَلَوْ قَدَّمَهُ هُنَاكَ لَكَانَ أَحْسَنَ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْخَارِجَ عَلَى الْإِمَامِ لَيْسَ دَاخِلًا فِي التَّأْوِيلَيْنِ كَمَا فِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ وَغَيْرِهِ (ص) وَسَقَطَ الْقَتْلُ، وَلَوْ بَعْدَ الْفَتْحِ (ش) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ أَيْ لِمَا قَبْلُ لَا ذِمِّيًّا وَخَائِفًا مِنْهُمْ أَيْ وَالْوَفَاءُ بِمَا فَتَحَ لَنَا بِهِ بَعْضُهُمْ وَسَقَطَ الْقَتْلُ وَبِأَمَانِ الْإِمَامِ مُطْلَقًا وَسَقَطَ الْقَتْلُ وَكَتَأْمِينِ غَيْرِهِ إقْلِيمًا وَأَمْضَاهُ الْإِمَامُ وَسَقَطَ الْقَتْلُ أَيْ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَسْرِ وَالِاسْتِرْقَاقِ إنْ وَقَعَ قَبْلَ الْفَتْحِ، وَإِنْ وَقَعَ بَعْدَ الْفَتْحِ فَلَا يَسْقُطُ غَيْرُ الْقَتْلِ مِمَّا مَرَّ وَيَرَى الْإِمَامُ رَأْيَهُ فِي غَيْرِهِ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى الْقَتْلِ مَعَ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لَهُ حَيْثُ وَقَعَ الْأَمَانُ قَبْلَ الْفَتْحِ لِأَجْلِ الْمُبَالَغَةِ عَلَى مَا بَعْدَ الْفَتْحِ إذْ لَا يَسْقُطُ حِينَئِذٍ إلَّا هُوَ دُونَ غَيْرِهِ.

(ص) بِلَفْظٍ أَوْ إشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ (ش) مُتَعَلِّقٌ بِتَأْمِينِ؛ لِأَنَّ التَّأْمِينَ بِلَفْظٍ أَوْ إشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ يَتَضَمَّنُ أَنَّ سُقُوطَ الْقَتْلِ بِذَلِكَ أَيْ يَلْزَمُ مِنْهُ ذَلِكَ فَيُفِيدُ فَائِدَتَيْنِ: كَوْنُ التَّأْمِينِ بِلَفْظٍ أَوْ إشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ وَكَوْنُ سُقُوطِ الْقَتْلِ بِذَلِكَ بِخِلَافِ تَعَلُّقِهِ بِسَقْطٍ فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُ إلَّا وَاحِدَةً وَهُوَ كَوْنُ السُّقُوطِ بِهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَضَمَّنُ كَوْنَ التَّأْمِينِ بِذَلِكَ أَيْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ ذَلِكَ فَكَلَامُ تت أَوْلَى مِنْ كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ ثُمَّ شَرْطُ جَوَازِ الْأَمَانِ وَإِمْضَائِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ الْعَدَدُ الَّذِي لَا يَنْحَصِرُ) أَيْ إلَّا بِعُسْرٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْإِقْلِيمَ الْمَعْرُوفَ وَهُوَ أَرْضٌ ذَاتُ بُلْدَانٍ كَإِقْلِيمِ مِصْرَ وَأَحَدِ الْأَقَالِيمِ السَّبْعَةِ الْهِنْدِ وَالْحِجَازِ وَمِصْرَ وَبَابِلَ وَالرُّومِ وَالصِّينِ، وَالسَّابِعُ التُّرْكُ وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَمِقْدَارُ كُلِّ إقْلِيمٍ سَبْعُمِائَةِ فَرْسَخٍ فِي سَبْعِمِائَةِ فَرْسَخٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْخُلَ فِي ذَلِكَ جَبَلٌ وَلَا وَادٍ وَالْبَحْرُ الْأَعْظَمُ مُحِيطٌ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَيُحِيطُ بِهِ جَبَلُ قَافٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ.

كَذَا فِي شَرْحِ شب وَفِي عِبَارَةِ عب خِلَافُهُ وَنَصُّهُ وَخَامِسُهَا الرُّومُ وَالتُّرْكُ وَسَادِسُهَا يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَسَابِعُهَا الصِّينُ.

وَأَمَّا الْمَغْرِبُ وَالشَّامُ فَمِنْ مِصْرَ بِدَلِيلِ اتِّحَادِ الْمِيقَاتِ وَالدِّيَةِ اهـ (قَوْلُهُ فَهَلْ يَجُوزُ) أَيْ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ أَوْ يَمْضِي) أَيْ إنْ أَمْضَاهُ الْإِمَامُ أَوْ يُقْرَأُ يُمْضَى بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَلَا يَحْتَاجُ لِلْقَيْدِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَمْضَى أَيْ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ إمْضَاؤُهُ وَرَدُّهُ وَقَوْلُهُ مِنْ مُؤْمِنٍ ضَائِعٌ؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْأَمَانَ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ مُؤْمِنٍ فَالْمَدَارُ عَلَى قَوْلِهِ مَيَّزَ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ مِنْ مُمَيِّزٍ، وَاشْتِرَاطُ الْإِسْلَامِ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ لَا ذِمِّيًّا ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِيمَا ذُكِرَ حَيْثُ كَانَ عَدْلًا وَعَرَفَ الْمَصْلَحَةَ وَإِلَّا نَظَرَ الْإِمَامُ وَقَوْلُهُ مَيَّزَ أَمَّا مِنْ غَيْرِهِ كَمَجْنُونٍ أَوْ صَبِيٍّ لَا يَعْقِلُ فَبَاطِلٌ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَغِيرًا) يَقْتَضِي أَنَّ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَهُوَ الْحُرُّ الْبَالِغُ فِيهِ الْخِلَافُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْوَاوُ لِلْحَالِ، وَلَوْ كَانَ الْحُرُّ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ خَسِيسًا وَهُوَ مَنْ لَا يُسْأَلُ عَنْهُ إنْ غَابَ وَلَا يُشَاوَرُ إنْ حَضَرَ إلَّا أَنَّ الشَّارِحَ تَنَبَّهَ حَيْثُ قَالَ تَأْمِينُ الْمُمَيِّزِ مِنْ صَغِيرٍ.

(قَوْلُهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ إلَخْ) فِيهِ تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ اسْتِثْنَاءً وَإِنَّمَا هُوَ أَدَاةُ شَرْطٍ وَالْأَصْلُ، وَإِنْ لَمْ يُؤَمِّنْ الْغَيْرَ إقْلِيمًا بَلْ أَمَّنَ وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَةً مَحْصُورِينَ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى لَكِنْ اخْتَلَفَ) لَا يَخْفَى مَا فِي عِبَارَتِهِ مِنْ التَّسَامُحِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ بِالْوِفَاقِ لِلْمُدَوَّنَةِ وَالْخِلَافُ لَا بِالْجَوَازِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) فَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ خِلَافٌ إلَّا أَنَّ فِي فَهْمِ الْخِلَافِ وَالْوِفَاقِ عُسْرًا فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ بَعْدَ أَوْ بِمُضِيٍّ وَهَلْ هُوَ خِلَافٌ أَوْ وِفَاقٌ تَأْوِيلَانِ؛ لِأَنَّ الْجَوَازَ لَا تَأْوِيلَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ تَأْمِينُهُمَا) أَيْ وَلَا يَمْضِي (قَوْلُهُ حَالَةَ كَوْنِهِ وَاقِعًا) فِيهِ تَسَامُحٌ فَالْأَوْلَى حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْغَيْرِ كَائِنًا مِنْ مُمَيِّزٍ إلَخْ.

(قَوْلُهُ بِلَفْظٍ أَوْ إشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ) أَيْ يَفْهَمُ الْكَافِرُ الْأَمَانَ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْمُشِيرُ الْأَمَانَ بَلْ ضِدَّهُ كَمَا يُفِيدُهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَالْمَوَّاقُ وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ حَذْفُ، وَإِنْ ظَنَّهُ حَرْبِيًّا فَجَاءَ أُمْضِيَ أَوْ رُدَّ لِمَحَلِّهِ لِمُنَاقَضَتِهِ لِمَا هُنَا وَكَذَا إذَا قَصَدَ بِهَا الْمُشِيرُ الْأَمَانَ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِهَا الْأَمَانُ، وَإِنْ فَهِمَ مِنْهَا الْكَافِرُ ضِدَّ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُ إلَّا وَاحِدَةً) بَلْ يُفِيدُ كَوْنَ التَّأْمِينِ بِلَفْظٍ أَوْ إشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ.

(قَوْلُهُ فَكَلَامُ تت أَوْلَى مِنْ كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ) عِبَارَةُ تت وَصِيغَةُ التَّأْمِينِ تَحْصُلُ أَوْ حَاصِلَةٌ أَوْ مُعْتَبَرَةٌ بِلَفْظِ إلَخْ اهـ فَأَنْتَ تَفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ تت جَعَلَهُ مُرْتَبِطًا بِمَحْذُوفٍ وَالشَّارِحُ فَهِمَ أَنَّ هَذَا يَتَضَمَّنُ كَوْنَهُ مُتَعَلِّقًا بِتَأْمِينٍ وَابْنُ غَازِيٍّ جَعَلَهُ مُتَعَلِّقًا بِسَقْطٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>