للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ فَهَلْ يَجُوزُ إلَخْ قَوْلُهُ.

(إنْ لَمْ يَضُرَّ) الْأَمَانُ بِالْمُسْلِمِينَ بِأَنْ حَصَلَتْ بِهِ الْمَصْلَحَةُ أَوْ اسْتَوَى حَالَتَا الْمَصْلَحَةِ وَعَدَمِ الضَّرَرِ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِ ابْنِ شَاسٍ لَا تُشْتَرَطُ الْمَصْلَحَةُ بَلْ عَدَمُ الضَّرَرِ اهـ وَبِعِبَارَةٍ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَضُرَّ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ صُوَرِ الْأَمَانِ وَهُوَ شَرْطٌ فِي اللُّزُومِ لَا فِي الصِّحَّةِ أَيْ، فَإِنْ أَضَرَّ كَإِشْرَافِهِمْ عَلَى فَتْحِ حِصْنٍ وَتَيَقُّنِ أَخْذِهِ فَأَمَّنَهُمْ مُسْلِمٌ فَإِنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ فِي رَدِّهِ قَالَهُ سَحْنُونَ.

(ص) ، وَإِنْ ظَنَّهُ حَرْبِيًّا فَجَاءَ أَوْ نَهَى النَّاسَ عَنْهُ فَعَصَوْا أَوْ نَسُوا أَوْ جَهِلُوا أَوْ جُهِلَ إسْلَامُهُ لَا إمْضَاءَهُ أُمْضِيَ أَوْ رُدَّ لِمَحَلِّهِ (ش) الضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ بِظَنَّ وَالْمَجْرُورُ بِعَنْ رَاجِعًا إلَى الْأَمَانِ وَالْمُسْتَتِرُ فِي نَهَى رَاجِعٌ لِلْإِمَامِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا ظَنَّ الْأَمَانَ فَجَاءَ مُعْتَمِدًا عَلَى ظَنِّهِ كَمَا لَوْ حَلَفَ الْمُسْلِمُ عَلَى أَنَّهُ يَقْتُلُهُ فَجَاءَ الْحَرْبِيُّ وَقَالَ ظَنَنْت بِذَلِكَ الْأَمَانَ أَوْ نَهَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ التَّأْمِينِ خَالَفُوا وَأُمِّنُوا إمَّا نِسْيَانًا لِمَقَالَتِهِ لَهُمْ وَإِمَّا عِصْيَانًا لِأَمْرِهِ وَإِمَّا جَهْلًا بِأَنْ جَهِلُوا حُرْمَةَ الْمُخَالَفَةِ أَوْ جَهِلُوا النَّهْيَ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِهِ فَأَمِنُوا فَجَاءَ الْحَرْبِيُّ إلَيْنَا فَإِنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إمْضَائِهِ أَوْ رَدِّهِ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي كَانَ فِيهِ قَبْلَ الْقُدُومِ وَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ وَلَا اسْتِرْقَاقُهُ، وَكَذَلِكَ يُخَيَّرُ الْإِمَامُ فِي الْإِمْضَاءِ وَالرَّدِّ لِمَحَلِّهِ إذَا نَزَلَ الْحَرْبِيُّ عَلَى تَأْمِينِ مَنْ ظَنَّهُ مُسْلِمًا فَإِذَا هُوَ ذِمِّيٌّ، أَمَّا لَوْ عَلِمَ عَدَمَ إسْلَامِهِ وَجَهِلَ أَنَّ أَمَانَهُ مَاضٍ كَأَمَانِ الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ فَلَا يُعْذَرُ بِذَلِكَ وَهُوَ فَيْءٌ أَيْ فِي بَيْتِ الْمَالِ.

(ص) وَإِنْ أُخِذَ مُقْبِلًا بِأَرْضِهِمْ وَقَالَ جِئْت أَطْلُبُ الْأَمَانَ أَوْ بِأَرْضِنَا وَقَالَ ظَنَنْت أَنَّكُمْ لَا تَعْرِضُونَ لِتَاجِرٍ أَوْ بَيْنَهُمَا رُدَّ لِمَأْمَنِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا أَخَذْنَاهُ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ وَهُوَ مُقْبِلٌ إلَيْنَا فَلَمَّا ظَفَرِنَا بِهِ قَالَ لَنَا جِئْت أَطْلُبُ الْأَمَانَ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي مَقَالَتِهِ وَيُرَدُّ إلَى مَأْمَنِهِ وَكَذَا إذَا أُخِذَ فِي أَرْضِنَا وَمَعَهُ تِجَارَةٌ وَدَخَلَ عِنْدَنَا بِلَا أَمَانٍ وَقَالَ لَنَا إنَّمَا جِئْت لِأَتَّجِرَ وَظَنَنْت أَنَّكُمْ لَا تَعْرِضُونَ لِلتُّجَّارِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ وَيُرَدُّ إلَى مَأْمَنِهِ وَمِثْلُهُ إذَا أَخَذْنَاهُ بَيْنَ أَرْضِ الْعَدُوِّ وَأَرْضِنَا، وَقَالَ جِئْت أَطْلُبَ الْأَمَانَ فَقَوْلُهُ رُدَّ لِمَأْمَنِهِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ كَمَا هُوَ جَوَابُ مَالِكٍ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ وَحَكَى فِي تَوْضِيحِهِ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ فِي الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ وَقَالَ ظَنَنْت أَنَّكُمْ لَا تَعْرِضُونَ لِتَاجِرٍ، أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ تَاجِرٌ وَكَذَا إذَا أَخَذَ بِأَرْضِهِمْ وَقَالَ ظَنَنْت أَنَّكُمْ لَا تَعْرِضُونَ لِتَاجِرٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ تَاجِرٌ.

وَأَمَّا لَوْ أُخِذَ بِأَرْضِنَا وَقَالَ جِئْت أَطْلُبُ الْأَمَانَ فَحَكَى الْحَطَّابُ خِلَافًا فِيمَا إذَا وُجِدَ بِأَرْضِنَا وَقَالَ جِئْت لِلْإِسْلَامِ أَوْ لِلْفِدَاءِ هَلْ يُرَدُّ لِمَأْمَنِهِ أَمْ لَا. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا قَالَ جِئْت أَطْلُبُ الْأَمَانَ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَضُرَّ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ خَبَرُ قَوْلِهِ شَرْطٌ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ ثُمَّ شَرْطُ جَوَازِ الْأَمَانِ مَضْمُونُ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَضُرَّ (قَوْلُهُ أَوْ اسْتَوَى حَالَتَا إلَخْ) أَيْ بِأَنْ تَرَدَّدَ هَلْ هُنَاكَ مَصْلَحَةٌ أَوْ لَيْسَ هُنَاكَ مَصْلَحَةٌ بَلْ انْتِفَاءُ الضَّرَرِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ إمَّا تَحْقِيقًا أَوْ احْتِمَالًا أَقُولُ بَلْ، وَلَوْ تَيَقَّنَ عَدَمَ الْمَصْلَحَةِ، بَلْ الْمَدَارُ عَلَى انْتِفَاءِ الضَّرَرِ بِدَلِيلِ قَوْلِ ابْنِ شَاسٍ (قَوْلُهُ لَا فِي الصِّحَّةِ) ؛ لِأَنَّ تَخْيِيرَهُ يَقْتَضِي الصِّحَّةَ.

(قَوْلُهُ كَإِشْرَافِهِمْ عَلَى فَتْحِ حِصْنٍ) هَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ سَحْنُونَ أَنَّ الْأَمَانَ بَعْدَ الْفَتْحِ لَا يَصِحُّ وَلَا يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْقَائِلِ بِصِحَّةِ الْأَمَانِ، وَلَوْ بَعْدَ الْفَتْحِ فَاَلَّذِي يُمَثِّلُ بِهِ لِلضَّرَرِ عَلَى مَذْهَبِهِ بِأَنْ يَكُونَ أَمَّنَ جَاسُوسًا مَثَلًا وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي التَّأْمِينِ بَعْدَ الْإِشْرَافِ وَقَبْلَ الْفَتْحِ هَلْ هُوَ تَأْمِينٌ مُطْلَقًا أَوْ كَبَعْدِ الْفَتْحِ يَكُونُ أَمَانًا لِسُقُوطِ الْقَتْلِ فَقَطْ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ الْأَوَّلِ هَذَا حَاصِلُ مُحَشِّي تت.

(قَوْلُهُ فَإِنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ فِي رَدِّهِ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى تَخْيِيرِهِ فِي رَدِّهِ مَعَ فَرْضِ أَنَّهُ يَضُرُّ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ الضَّرَرُ فِي الْحَالِ وَتُتَوَقَّعُ الْمَصْلَحَةُ فِيمَا بَعْدُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَنَّهُ حَرْبِيًّا) أَيْ مِنْ غَيْرِ إشَارَةٍ مِنَّا وَلَمْ يَقْصِدْهُ الْمُؤْمِنُ كَقَوْلِهِ لِرَيِّسِ مَرْكَبِ الْعَدُوِّ أَرْخِ قَلْعَك فَظَنَّ ذَلِكَ أَمَانًا.

(قَوْلُهُ أَوْ جَهِلَ إسْلَامَهُ) أَيْ عُدِمَ إسْلَامُهُ وَقِيلَ إنَّ الْمَعْنَى أَيْ تَصَوَّرَهُ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ لَا إمْضَاءَهُ وَحَيْثُ فَسَّرَ جَهْلَ الْإِسْلَامِ بِمَا تَقَدَّمَ فَيَشْمَلُ اعْتِقَادَ الْإِسْلَامِ أَوْ ظَنَّهُ، وَهَلْ الشَّكُّ فِي إسْلَامِهِ أَوْ تَوَهُّمُهُ بِمَنْزِلَةِ الظَّنِّ وَالِاعْتِقَادِ أَيْ ظَنِّ الْإِسْلَامِ أَوْ اعْتِقَادِهِ فَيُمْضِيهِ أَوْ يَرُدُّهُ لِمَحَلِّهِ أَوْ بِمَنْزِلَةِ اعْتِقَادِ أَنَّهُ ذِمِّيٌّ وَنَصَّ الْمَوَّاقُ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ، وَإِلَّا فَهَلْ يَجُوزُ إلَخْ يُفِيدُ الثَّانِيَ (قَوْلُهُ لِمَحَلِّهِ) أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ لِمَأْمَنِهِ لِصِدْقِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَ قَبْلَ التَّأْمِينِ بِمَحَلِّ خَوْفٍ فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ بِحَيْثُ يَأْمَنُ بَلْ لِمَحَلِّهِ قَبْلَ التَّأْمِينِ (فَإِنْ قُلْت) مَا وَجْهُ الرَّدِّ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَا عَدَا مَسْأَلَةً أَوْ جُهِلَ إسْلَامُهُ لِمَحَلِّهِ وَيَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا أَنَّهُ يُرَدُّ لِمَأْمَنِهِ قُلْنَا لَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ قُوَّةُ دَعْوَاهُ فِي الثَّانِيَةِ وَضَعْفُهَا فِي هَذِهِ عج وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَالْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ مَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ مِنْ أَنَّهُ يُرَدُّ لِمَأْمَنِهِ (قَوْلُهُ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي كَانَ فِيهِ قَبْلَ التَّأْمِينِ) أَيْ الصَّادِقُ بِكَوْنِهِ مَحَلَّ خَوْفٍ.

(قَوْلُهُ مُقْبِلًا) حَالٌ مِنْ نَائِبِ فَاعِلِ أُخِذَ وَجُمْلَةُ وَقَالَ جِئْت حَالِيَّةٌ عَلَى تَقْدِيرِ قَدْ وَمِثْلُهُ جُمْلَةُ وَقَالَ ظَنَنْت (قَوْلُهُ هَلْ يُرَدُّ لِمَأْمَنِهِ أَوْ لَا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ بِأَرْضِنَا عُيِّنَ. قَوْلَهُ، وَإِنْ أُخِذَ بِبَلَدِنَا فَأَرْضُنَا وَبَلَدُنَا الْحُكْمُ فِيهِمَا وَاحِدٌ وَهُوَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ فَالْأَوَّلُ هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ، فَإِنْ أُخِذَ بِفَوْرِ دُخُولِهِ إلَخْ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالثَّانِي مَا قَالَهُ سَحْنُونَ مِنْ أَنَّهُ فَيْءٌ سَوَاءٌ أُخِذَ بِقُرْبِ دُخُولِهِ أَوْ بَعْدَ طُولٍ فَيَرَى الْإِمَامُ فِيهِ رَأْيَهُ إلَّا فِي الْجَاسُوسِ فَيُقْتَلُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تَارَةً يُوجَدُ بِأَرْضِهِمْ وَتَارَةً بِأَرْضِنَا وَتَارَةً بَيْنَهُمَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَقُولَ جِئْت أَطْلُبُ الْأَمَانَ أَوْ أَنَّكُمْ لَا تَتَعَرَّضُونَ لِتَاجِرٍ فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ فِي الثَّلَاثَةِ أَرَاضٍ فِيمَا إذَا قَالَ ظَنَنْت أَنَّكُمْ لَا تَتَعَرَّضُونَ لِتَاجِرٍ.

وَأَمَّا إذَا قَالَ جِئْت أَطْلُبُ الْأَمَانَ وَأَخَذْنَاهُ بِأَرْضِهِمْ أَوْ بَيْنَ الْأَرْضَيْنِ فَحُكْمُهُمَا وَاحِدٌ فِي أَنَّهُ يُرَدُّ لِمَأْمَنِهِ. وَأَمَّا إذَا أَخَذْنَاهُ بِأَرْضِنَا وَقَالَ جِئْت أَطْلُبُ الْأَمَانَ فَيَجْرِي عَلَى مَا إذَا قَالَ جِئْت أَطْلُبُ الْإِسْلَامَ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَمِثْلُ مَا إذَا قَالَ جِئْت لِلْإِسْلَامِ مَا إذَا قَالَ جِئْت لِلْفِدَاءِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>