فَيَقُولُ جِئْت إلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أُخِذَ بِفَوْرِ دُخُولِهِ وَحَدَثَانِ قُدُومِهِ قُبِلَ مِنْهُ وَرُدَّ لِمَأْمَنِهِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ حَتَّى طَالَتْ إقَامَتُهُ عِنْدَنَا لَمْ يُصَدَّقْ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَكُونُ لِمَنْ أَخَذَهُ وَيَرَى الْإِمَامُ فِيهِ رَأْيَهُ وَلَا يُقْتَلُ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ جَاسُوسٌ لِلْعَدُوِّ.
(ص) ، وَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ فَعَلَيْهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْرِكَ إذَا أَخَذْنَاهُ فِي بَلَدِهِ وَهُوَ مُقْبِلٌ إلَيْنَا أَوْ أَخَذْنَاهُ فِي بَلَدِنَا وَقَدْ دَخَلَ بِلَا أَمَانٍ أَوْ أَخَذْنَاهُ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ وَقَامَتْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى التِّجَارَةِ أَوْ الْحِرَابَةِ عُمِلَ عَلَيْهَا.
(ص) ، وَإِنْ رُدَّ بِرِيحٍ فَعَلَى أَمَانِهِ حَتَّى يَصِلَ (ش) أَيْ، وَإِنْ رُدَّ الْمُؤْمِنُ بِرِيحٍ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى مَأْمَنِهِ فَهُوَ عَلَى أَمَانِهِ السَّابِقِ حَتَّى يَصِلَ إلَى مَأْمَنِهِ فَإِذَا قَامَ فَلَيْسَ لِلْإِمَامِ إلْزَامُهُ الذَّهَابَ؛ لِأَنَّهُ عَلَى الْأَمَانِ وَلَا مَفْهُومَ لِلرِّيحِ فَمَنْ رُدَّ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَى مَأْمَنِهِ، وَلَوْ اخْتِيَارًا فَهُوَ عَلَى أَمَانِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ، وَإِنْ رُدُّوا بَعْدَ بُلُوغِهِمْ مَأْمَنَهُمْ بِرِيحٍ غَالِبَةٍ أَوْ اخْتِيَارًا فَقِيلَ الْإِمَامُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَنْزَلَهُمْ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُمْ وَقِيلَ هُمْ حِلٌّ وَقِيلَ إنْ رُدُّوا غَلَبَةً فَالْإِمَامُ مُخَيَّرٌ، وَإِنْ رُدُّوا اخْتِيَارًا فَهُمْ حِلٌّ.
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مُتَعَلَّقِ الْأَمَانِ شَرَعَ فِي شَيْءٍ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ الِاسْتِئْمَانِ وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ تَأْمِينُ حَرْبِيٍّ يَنْزِلُ لِأَمْرٍ يَنْصَرِفُ بِانْقِضَائِهِ فَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (ص) ، وَإِنْ مَاتَ عِنْدَنَا فَمَالُهُ فَيْءٌ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَى التَّجْهِيزِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَرْبِيَّ الْمُسْتَأْمَنَ إذَا مَاتَ عِنْدَنَا فِي غَيْرِ مَعْرَكَةٍ وَلَمْ يُؤْسَرْ قَبْلَ مَوْتِهِ فَإِنَّ مَالَهُ وَدِيَتَهُ إنْ قُتِلَ يَكُونَانِ فَيْئًا لِبَيْتِ الْمَالِ إنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ فِي بَلَدِنَا وَارِثٌ وَدَخَلَ إلَيْنَا عَلَى الْإِقَامَةِ أَوْ كَانَتْ عَادَتُهُمْ ذَلِكَ أَوْ جَهِلَ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ وَلَا عَادَةَ أَوْ دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ أَوْ كَانَتْ عَادَتُهُمْ ذَلِكَ وَطَالَتْ إقَامَتُهُ فِيهِمَا بِالْعُرْفِ تَنْزِيلًا لِطُولِ الْإِقَامَةِ مَنْزِلَةَ الدُّخُولِ عَلَيْهَا وَلَا يُمْكِنُ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ مِنْ الرُّجُوعِ لَوْ أَرَادَهُ، فَإِنْ وُجِدَ لَهُ وَارِثٌ فِي بَلَدِنَا سَوَاءٌ جَاءَ مَعَهُ أَمْ لَا فَمَالُهُ لِوَارِثِهِ سَوَاءٌ دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ أَمْ لَا وَالْمُرَادُ بِوَارِثِهِ وَارِثُهُ فِي دِينِهِمْ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَمَفْهُومُ وَلَمْ يَدْخُلْ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ أَوْ كَانَتْ عَادَتُهُمْ التَّجْهِيزَ وَلَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ فِيهِمَا فَيُرْسَلُ لِوَارِثِهِ كَمَا يَأْتِي.
وَأَمَّا مَالُ الصُّلْحِيِّ فَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْجِزْيَةِ. وَأَمَّا الْعَنْوِيُّ فَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْفَرَائِضِ.
(ص) وَلِقَاتِلِهِ إنْ أُسِرَ ثُمَّ قُتِلَ (ش) صُورَتُهَا حَرْبِيٌّ نَزَلَ عِنْدَنَا بِأَمَانٍ ثُمَّ نَقَضَ الْعَهْدَ وَحَارَبَنَا فَأَسَرْنَاهُ ثُمَّ قَتَلْنَاهُ فَإِنَّ مَالَهُ وَوَدِيعَتَهُ يَكُونَانِ لِمَنْ أَسَرَهُ ثُمَّ قَتَلَهُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ رَقَبَتَهُ بِأَسْرِهِ قَبْلَ قَتْلِهِ وَالْقَوْلَانِ الْآتِيَانِ فِي الْوَدِيعَةِ مُخْتَصَّانِ بِمَا إذَا قُتِلَ مِنْ غَيْرِ أَسْرٍ ثُمَّ إنْ كَانَ مَنْ أَسَرَهُ مِنْ الْجَيْشِ أَوْ مُسْتَنِدًا لِلْجَيْشِ فَإِنَّهُ يُخَمَّسُ كَسَائِرِ الْغَنِيمَةِ وَإِلَّا اخْتَصَّ بِهِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ ثُمَّ قُتِلَ بَلْ حَيْثُ أُسِرَ فَمَالُهُ لِآسِرْهُ سَوَاءٌ قُتِلَ بَعْدُ أَوْ لَمْ يُقْتَلْ. قَوْلُهُ ثُمَّ قُتِلَ قَتَلَهُ الْآسِرُ أَوْ غَيْرُهُ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ لِلْآسِرِ؛ لِأَنَّهُ بِأَسْرِهِ صَارَ رَقِيقًا لَهُ (ص) وَإِلَّا أُرْسِلَ مَعَ دِيَتِهِ لِوَارِثِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا دَخَلَ عِنْدَنَا بِأَمَانٍ وَمَاتَ وَلَهُ وَارِثٌ عِنْدَنَا أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ وَدَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ أَوْ كَانَتْ عَادَتْهُمْ التَّجْهِيزَ وَلَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ فِيهِمَا أَوْ قُتِلَ عِنْدَنَا فِي مَعْرَكَةٍ قَبْلَ الْأَسْرِ فَإِنَّ مَالَهُ وَدِيَتَهُ لِوَارِثِهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَيُرْسَلُ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ قُبِلَ مِنْهُ وَرُدَّ لِمَأْمَنِهِ) اُنْظُرْهُ فَإِنَّ الْقِيَاسَ أَنَّهُ يُطْلَبُ مِنْهُ مَا ادَّعَى أَنَّهُ جَاءَ لَهُ، فَإِنْ حَصَلَ مِنْهُ وَإِلَّا كَانَ ذَلِكَ قَرِينَةً عَلَى كَذِبِهِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ فَعَلَيْهَا) أَيْ فَالْعَمَلُ عَلَيْهَا سَوَاءٌ صَدَّقَتْ قَوْلَهُ أَوْ كَذَّبَتْهُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ مَا حَاصِلُهُ إنْ قَامَ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِهِ أَوْ لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ بِالصِّدْقِ وَلَا بِالْكَذِبِ كَانَ آمِنًا وَلَمْ يُسْتَرَقَّ أَوْ عَلَى كَذِبِهِ كَانَ رَقِيقًا بِنَفْسِ الْأَخْذِ.
(قَوْلُهُ وَقِيلَ هُمْ حِلٌّ) أَيْ فَيْءٌ خِلَافًا لِمَا فِي عب (قَوْلُهُ وَقِيلَ إنْ رُدُّوا غَلَبَةً إلَخْ) هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ.
(قَوْلُهُ تَأْمِينُ حَرْبِيٍّ يَنْزِلُ لِأَمْرٍ يَنْصَرِفُ بِانْقِضَائِهِ) أَيْ إعْطَائِهِ الْأَمَانَ إلَّا أَنَّ هَذَا أَمَانٌ خَاصٌّ؛ لِأَنَّهُ يَنْزِلُ لِأَمْرٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُؤَمَّنُ لِنُزُولِهِ لِأَرْضِ الْإِسْلَامِ لِشِرَاءٍ وَنَحْوِهِ فَإِذَا فَرَغَ سَبَبُهُ انْصَرَفَ الْأَمَانُ وَهَذَا الْقَيْدُ أَخْرَجَ بِهِ الْمُهَادَنَةَ وَغَيْرَهَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي ك وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَشْمَلُ صُوَرَ الِاسْتِئْمَانِ كُلَّهَا فَإِنَّهُ لَا يَشْمَلُ مَا إذَا دَخَلَ عَلَى الْإِقَامَةِ وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَيْسَتْ السِّينُ وَالتَّاءُ لِلطَّلَبِ بَلْ زَائِدَتَانِ، فَإِنْ قُلْت إذَا كَانَتَا زَائِدَتَيْنِ فَيَرْجِعُ لِلْأَمَانِ قُلْت هَذِهِ حَقَائِقُ اصْطِلَاحِيَّةٌ لِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ فَلَا يُرَدُّ شَيْءٌ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ مَعْرَكَةٍ) لَا حَاجَةَ لِهَذَا الْقَيْدِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قُتِلَ فِي مَعْرَكَةٍ وَكَانَ مَالُهُ مَعَهُ فَهُوَ غَنِيمَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُؤْسَرْ قَبْلَ مَوْتِهِ) . وَأَمَّا لَوْ أُسِرَ قَبْلَ مَوْتِهِ فَمَالُهُ لِلَّذِي أَسَرَهُ (قَوْلُهُ أَوْ دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَى التَّجْهِيزِ تَفْصِيلًا وَلَا اعْتِرَاضَ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَا يُمَكَّنُ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ مِنْ الرُّجُوعِ لَوْ أَرَادَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ جَاسُوسًا.
(قَوْلُهُ وَلِقَاتِلِهِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَالصَّوَابُ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ تَأْخِيرُ قَوْلِهِ وَلِقَاتِلِهِ إنْ أُسِرَعْنَ قَوْلِهِ قَوْلَانِ؛ لِأَنَّهَا جَارِيَةٌ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ مَاتَ عِنْدَنَا إلَخْ وَفِي قَوْلِهِ وَإِلَّا أُرْسِلَ مَعَ دِيَتِهِ لِوَارِثِهِ وَفِي قَوْلِهِ كَوَدِيعَتِهِ فَهُوَ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ الْمَحَلَّاتِ الثَّلَاثِ أَوْ أَنَّهَا مَحْذُوفَةٌ مِنْ الْأَخِيرَيْنِ لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مَعَ دِيَتِهِ) أَيْ إذَا كَانَ قُتِلَ ظُلْمًا فِي بَلَدِنَا (قَوْلُهُ وَلَهُ وَارِثٌ عِنْدَنَا إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا أُرْسِلَ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ وَمَا بَعْدَهَا إلَّا أَنَّ الْإِرْسَالَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا إذَا كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ يُرَادُ بِهِ الدَّفْعُ (قَوْلُهُ أَوْ قُتِلَ عِنْدَنَا فِي مَعْرَكَةٍ قَبْلَ الْأَسْرِ) أَصْلُهَا لِلشَّيْخِ سَالِمٍ قَالَ عج وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ أَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ التَّجْهِيزَ وَلَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ. وَأَمَّا إذَا طَالَتْ إقَامَتُهُ أَوْ دَخَلَ عَلَى الْإِقَامَةِ فَلَا يُرْسَلُ لِوَارِثِهِ بَلْ يَكُونُ فَيْئًا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى مِنْ مَالِهِ فَحَاصِلُ كَلَامِ عج أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ وَدَخَلَ عَلَى الْإِقَامَةِ أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا وَمَاتَ فَمَالُهُ فَيْءٌ.
وَكَذَا لَوْ قُتِلَ فِي مَعْرَكَةٍ قَبْلَ الْأَسْرِ فَمَالُهُ فَيْءٌ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى وَقَوْلُ الشَّيْخِ سَالِمٍ أَوْ قُتِلَ عِنْدَنَا فِي مَعْرَكَةٍ التَّابِعُ لَهُ الشَّارِحُ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ