للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنَّهَا صَحِيحَةُ الْعَقْلِ وَالْبَدَنِ، وَتَنَازَعَ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ، فَقَالَ الزَّوْجُ: أَنَا شَرَطْتُ ذَلِكَ، وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ وَلَا بَيِّنَةَ، فَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ: لَا رَدَّ بِهِ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ يُفْتِي بِهِ أَشْيَاخُنَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَهُ الرَّدُّ، وَأَمَّا لَوْ شَرَطَ الصِّحَّةَ بِاللَّفْظِ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ لِلزَّوْجِ الرَّدَّ، كَمَا إِذَا كَتَبَ الْمُوَثِّقُ أَنَّهَا سَلِيمَةُ الْبَدَنِ، كَمَا فِي التَّوْضِيحِ.

(ص) لَا بِخُلْفِ الظَّنِّ، كَالْقَرْعِ، وَالسَّوَادِ مِنْ بَيْضِ وَنَتَنِ الْفَمِ.

(ش) مَعْطُوفٌ عَلَى بِبَرَصٍ ... إِلَخْ. وَيَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مَعْنَى أَنَّ شَرْطَ السَّلَامَةِ، وَتَقْدِيرُهُ: وَبِغَيْرِهَا بِشَرْطِ السَّلَامَةِ لَا بِخُلْفِ الظَّنِّ، ثُمَّ هَذَا تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِهِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ، وَلَوْ أَرَادَ عَطْفَهُ عَلَى قَوْلِهِ: بِكَاعْتِرَاضٍ، لَقَالَ: وَلَا بِخُلْفِ الظَّنِّ، فَيَكُونُ الْعَاطِفُ "الْوَاوُ" وَ"لَا" لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ، وَلَا يُوَافِقُ الْمَعْنَى الْمَقْصُودَ مِنْ مُقَابَلَةِ الشَّرْطِ بِخُلْفِ الظَّنِّ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ الظَّنَّ إِذَا تَخَلَّفَ فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ لِصَاحِبِهِ كَلَامًا فِي رَدِّ الزَّوْجَةِ، فَإِذَا تَزَوَّجَ إِنْسَانٌ امْرَأَةً مِنْ قَوْمٍ بِيضٍ، وَظَنَّهَا أَنَّهَا كَذَلِكَ فَإِذَا هِيَ سَوْدَاءُ، أَوْ ظَنَّهَا أَنَّهَا سَالِمَةُ الرَّأْسِ فَوَجَدَهَا قَرْعَاءَ، أَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَوَجَدَهَا مُنْتِنَةَ الْفَمِ - وَهِيَ: الْبَخْرَاءُ - أَوِ الْأَنْفِ - وَهِيَ: الْخَشْمَاءُ - فَإِنَّهُ لَا رَدَّ لَهُ بِذَلِكَ.

(ص) وَالثُّيُوبَةُ إِلَّا أَنْ يَقُولَ: عَذْرَاءُ، وَفِي بِكْرٍ تَرَدُّدٌ.

(ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْقَرْعِ، فَهُوَ مِنْ أَمْثِلَةِ مَا خَالَفَ الظَّنَّ، أَيْ: إِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً ظَانًّا أَنَّهَا بِكْرٌ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا ثَيِّبٌ وَلَا عِلْمَ عِنْدَ الْأَبِ، فَلَا رَدَّ لَهُ بِذَلِكَ، إِلَّا أَنْ يَقُولَ: أَتَزَوَّجُهَا بِشَرْطِ أَنَّهَا عَذْرَاءُ، وَهِيَ الَّتِي لَمْ تُزَلْ بَكَارَتُهَا بِمُزِيلٍ، فَإِذَا وَجَدَهَا ثَيِّبًا فَلَهُ رَدُّهَا، وَسَوَاءٌ عِلْمَ الْوَلِيُّ أَمْ لَا، كَانَتِ الثِّيُوبَةُ بِنِكَاحٍ أَمْ لَا، وَأَمَّا إِذَا شَرَطَ أَنَّهَا بِكْرٌ فَوَجَدَهَا ثَيِّبًا بِغَيْرِ وَطْءِ نِكَاحٍ وَلَمْ يَعْلَمِ الْأَبُ بِذَلِكَ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ، قِيلَ: يُخَيِّرُ، وَقِيلَ: لَا، وَهُوَ أَصْوَبُ؛ لِوُقُوعِ اسْمِ الْبَكَارَةِ عَلَيْهَا وَإِنْ زَنَتْ؛ وَلِأَنَّ الْبَكَارَةَ قَدْ تَزُولُ بِوَثْبَةٍ أَوْ تَكَرُّرِ حَيْضٍ؛ لِأَنَّ الْبِكْرَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ هِيَ الَّتِي لَمْ تُوطَأْ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ جَارٍ مَجْرَى الصَّحِيحِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ أُزِيلَتْ بِكَارَتُهَا بِزِنًا أَوْ وَثْبَةٍ أَوْ بِنِكَاحٍ لَا يُقِرَّانِ عَلَيْهِ، فَهِيَ بِكْرٌ أَعَمُّ مِنَ الْعَذْرَاءِ، أَمَّا إِنْ عَلِمَ الْأَبُ فَهُوَ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ عَلِمَ الْأَبُ بِثِيُوبَتِهَا بِلَا وَطْءٍ وَكَتَمَ، فَلِلزَّوْجِ الرَّدُّ عَلَى الْأَصَحِّ، وَأَحْرَى بِوَطْءٍ وَلَوْ شَرَطَ الْبَكَارَةَ، وَثُيِّبَتْ بِنِكَاحٍ رُدَّ مُطْلَقًا عَلِمَ الْأَبُ أَوْ لَا.

(ص) وَإِلَّا تَزْوِيجَ الْحُرِّ الْأَمَةَ، وَالْحُرَّةِ الْعَبْدَ.

(ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: إِلَّا أَنْ يَقُولَ: عَذْرَاءُ، لَكِنَّهُ مُنْقَطِعٌ فِي الْمَعْطُوفِ؛ إِذْ لَيْسَ مُسْتَثْنًى مِمَّا اسْتَثْنَى مِنْهُ الْأَوَّلَ، كَمَا قَالَهُ الْجِيزِيُّ، وَعِنْدِي أَنَّهُ لَيْسَ بِمُنْقَطِعٍ، بَلْ هُوَ مُسْتَثْنًى مِمَّا قَبْلَهُ وَهُوَ بِخُلْفِ الظَّنِّ، وَكَذَلِكَ: " وَالْحُرَّةِ الْعَبْدَ "؛ إِذِ الْحُرَّةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْحُرِّ، وَالْعَبْدُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْأَمَةِ؛ إِذْ لَيْسَ هُنَا شَرْطُ الْحُرِّيَّةِ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: كَمَا إِذَا كَتَبَ الْمُوَثِّقُ أَنَّهَا سَلِيمَةٌ) ، قَالَ: بَعْضُهُمْ إِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ صَحِيحَةٍ وَسَلِيمَةٍ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ عَادَةٌ جَارِيَةٌ فِي تَلْفِيقِ الْمُوثِّقِينَ، وَلَمْ يُجْرِ الْعَادَةَ بِالثَّانِي، ذَكَرَهُ بَهْرَامُ فِي كَبِيرِهِ.

(قَوْلُهُ: لَا بِخُلْفِ الظَّنِّ) ، أَيِ: الْمَظْنُونُ، أَيْ: تَخَلُّفُهُ.

(قَوْلُهُ: وَنَتَنُ الْفَمِ) ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ نَتَنِ الْفَمِ وَنَتَنِ الْفَرْجِ هُوَ أَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَهَمَّ مِنَ الزَّوْجَةِ وِقَاعُهَا فِي الْفَرْجِ، فَنَتَنُهُ هُوَ الْمَانِعُ لَا نَتَنُ الْفَمِ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَانَ نَتَنُ الْفَمِ مِنْ تَغَيُّرِ الْمَعِدَةِ أَوْ مِنَ التَّغَيُّرِ بِوَسَخِ الْأَسْنَانِ لِزَوَالِهِ بِالتَّنْظِيفِ.

(قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ عَلَى بِبَرَصٍ) انْظُرْهُ، فَإِنَّ (لَا) لَا تَعْطِفُ إِلَّا الْمُفْرَدَاتِ، ثُمَّ هَذَا يَأْتِي فِيهِ الْبَحْثُ الْآتِي مِنْ أَنَّهُ لَا يُوَافِقُ الْمَعْنَى الْمَقْصُودَ مِنْ مُقَابَلَةِ الشَّرْطِ بِخُلْفِ الظَّنِّ. وَقَوْلُهُ: "جَرَى مَجْرَى الصَّحِيحِ"، هُوَ الَّذِي يَدْرَأُ الْحَدَّ، وَلَوْ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ: لَا يُقِرَّانِ عَلَيْهِ لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ: وَلَوْ دَرَأَ الْحَدَّ مَعَ أَنَّهُ إِذَا دَرَأَ الْحَدَّ يَجْرِي مَجْرَى الصَّحِيحِ.

(قَوْلُهُ: بِمَفْهُومِهِ) ، أَيْ: مَفْهُومُ إِنَّ شَرْطَ السَّلَامَةِ.

(قَوْلُهُ: إِلَّا أَنْ يَقُولَ: عَذْرَاءُ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، فَإِنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِخُلْفِ الظَّنِّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَمْثِلَتِهِ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلِاشْتِرَاطِ فَهُوَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ. (قَوْلُهُ: وَلَا عِلْمَ عِنْدَ الْأَبِ) ، بَلْ وَلَوْ كَانَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمٌ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إِنْ شَرَطَ أَنَّهَا بِكْرٌ فَوَجَدَهَا ثَيِّبًا) ، أَيْ: أَوْ كَتَبَهَا الْمُوَثِّقُ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ تَلْفِيقِهِ.

(قَوْلُهُ: بِغَيْرِ وَطْءِ نِكَاحٍ ... إِلَخْ) ، بَقِيَ اثْنَانِ: أَنْ لَا يَجْرِي الْعُرْفُ بِاسْتِوَاءِ الْبِكْرِ لِلْعَذْرَاءِ، فَإِنْ جَرَى بِاسْتِوَائِهِمَا كَمَا بِمِصْرَ فَلَهُ عِنْدَ الشَّرْطِ الرَّدُّ، وَأَنْ يَتَّفِقَ مَعَ الزَّوْجِ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ بِكْرٍ، فَإِنِ ادَّعَتْ أَنَّهَا بِكْرٌ وَادَّعَى عَدَمَهَا، فَالْقَوْلُ لَهَا فِي وُجُودِهَا عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبَكَارَتُهَا إِلَى آخِرَ مَا سَيَأْتِي.

(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْبَكَارَةَ ... إِلَخْ) ، كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِالْوَاوِ، وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: لِوُقُوعِ اسْمِ الْبَكَارَةِ هَذَا إِذَا زَالَتْ بِغَيْرِ زِنًا، بَلْ وَإِنْ بِزِنًا، وَإِنَّمَا صَحَّ قَوْلُنَا هَذَا إِذَا كَانَتْ بِغَيْرِ زِنًا؛ لِأَنَّ الْبَكَارَةَ قَدْ تَزُولُ، فَالْوَاوُ دَاخِلَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ كَمَا نَرَى، وَلَكِنَّ الْأَوْلَى قَلْبُ الْمُبَالِغَةِ، أَيْ: هَذَا إِذَا ثَبَتَ بِزِنًا، بَلْ وَإِنْ بِغَيْرِ زِنًا وَصَحَّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَكَارَةَ

إِلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَثْبَةٌ) ، أَيْ: قَفْزَةٌ، وَقَوْلُهُ: " لِأَنَّ الْبَكَارَةَ" تَعْلِيلٌ لِوُقُوعِ اسْمِ الْبَكَارَةِ عَلَيْهَا، وَقَوْلُهُ: "أَوْ فَاسِدٍ " جَرَى مَجْرَى الصَّحِيحِ، أَيْ: فِي دَرْءِ الْحَدِّ، وَلَوْ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: "لَا يُقِرَّانِ عَلَيْهِ" لَا مَفْهُومَ لَهُ.

(قَوْلُهُ: " وَالْحُرَّةِ الْعَبْدَ ") ، وَلَوْ بِشَائِبَةٍ.

(قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ ... إِلَخْ) ، لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ مَقْرُونٌ بِأَنِ الْمَصْدَرِيَّةِ، فَهُوَ اسْمٌ تَأْوِيلًا. نَقَلَ ابْنُ هِشَامٍ فِي الْمُغْنِي عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الِاسْمَ الْمَؤَوَّلَ مِنْ أَنْ وَالْفِعْلِ اسْمٌ صَرِيحٌ، فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: عَطْفُ الْمَصْدَرِ عَلَى الْفِعْلِ، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ، وَقَوْلُ الْأَلْفِيَّةِ: "وَاعْطِفْ

إِلَخْ"، فَهُوَ فِي اسْمٍ يُشْبِهُ الْفِعْلَ كَاسْمِ الْفَاعِلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لَا الْمَصْدَرُ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ مُنْقَطِعٌ فِي الْمَعْطُوفِ) ، أَيِ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: "وَإِلَّا تَزْوِيجَ"، ظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ مُتَّصِلٌ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ أَيْضًا كَمَا بَيَّنَّا.

(قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ مُسْتَثْنًى مِمَّا قَبْلَهُ) ؛ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُسْتَثْنَى، وَالْمَعْطُوفُ عَلَى الْمُسْتَثْنَى مُسْتَثْنًى. (قَوْلُهُ: وَهُوَ بِخُلْفِ الظَّنِّ) ، أَيْ: إِفْرَادُهُ، وَلَوْ قَالَ: مُسْتَثْنًى مِمَّا اسْتَثْنَى مِنْهُ الْأَوَّلَ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَقَوْلُهُ: "وَكَذَلِكَ، وَالْحُرَّةِ ... إِلَخْ" فِيهِ أَنَّ تَزْوِيجَ الَّذِي هُوَ الْمَعْطُوفُ مُسَلَّطٌ عَلَى: "وَالْحُرَّةِ الْعَبْدَ"، فَحِينَئِذٍ لَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ

إِلَخْ. (قَوْلُهُ: إِذِ الْحُرَّةُ) فَهُوَ مِنْ بَابِ الْعَطْفِ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ جَائِزٌ. (قَوْلُهُ: إِذْ لَيْسَ هُنَا شَرْطُ الْحُرِّيَّةِ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ: بَلْ هُوَ مُسْتَثْنًى مِمَّا قَبْلَهُ وَهُوَ بِخُلْفِ الظَّنِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>