للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قاس عليه وفي علة الحكم في الأصل -وهو جواب- سؤال المطالبة -فمن أحكم هذا الأصل استقام قياسه، وهذا كما أن زفر اعتقد أن النكاح إلى أجل يبطل التوقيت ويصح النكاح لازمًا، وخرج بعضهم ذلك قولا في مذهب أحمد، فكان مضمون هذا القول، إن نكاح المتعة يصح لازما غير مؤقت، وهو خلاف النصوص، وخلاف إجماع السلف والأمة إذا اختلفت في مسألة على قول (١) لم يكن لمن بعدهم أحداث قول يناقض القولين ويتضمن إجماع السلف على الخطأ والعدول عن الصواب، وليس في السلف من يقول في المتعة إلا أنه باطل، أو يصح مؤجلا، فالقول بلزومه مطلقا خلاف الإجماع.

وسبب هذا القول: اعتقادهم أن كل شرط فاسد في النكاح فإنه يبطل وينعقد النكاح لازما بدون حصول غرض المشترط، فألزموه مالم يلتزمه ولا ألزمه به الشارع، ولهذا صحح من قال ذلك نكاح الشغار، ونحوه مما شرط فيه نفي المهر، وصححوا نكاح التحليل لازما مع إبطال شرط التحليل، وأمثال ذلك.

وقد ثبت في الصحيحين عن عقبة بن عامر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج" فدل النص على أن الوفاء بالشروط في النكاح أولى منه بالوفاء بالشروط في البيع، فإذا كانت الشروط الفاسدة في البيع لا يلزم العقد بدونها، بل إما أن يبطل العقد وإما أن يثبت الخيار لمن فات غرضه بالاشتراط إذا بطل الشرط فكيف بالشروط في النكاح؟

وأصل عمدتهم: كون النكاح يصح بدون تقدير الصداق، كما ثبت بالكتاب والسنة والإجماع.

فقاسوا النكاح الذي شرط فيه نفي المهر على النكاح الذي ترك تقدير الصداق فيه، كما فعل أصحاب أبي حنيفة والشافعي وأكثر متأخري


(١) كذا في الأصل ولعله: على قولين.

<<  <  ج: ص:  >  >>