أصحاب أحمد، ثم طرد أبو حنيفة قياسه فصحح نكاح الشغار بناء على أن لا موجب لفساده إلا إشغاره عن المهر، وهذا ليس مفسدًا.
وأما الشافعي ومن وافقه من أصحاب أحمد فتكلفوا الفرق بن الشغار وغيره بأن فيه تشريكا في البضع أو تعليقًا للعقد أو غير ذلك مما قد بسط في غير هذا الموضع، وبين فيه أن كل هذه فروق غير مؤثرة، وأن الصواب مذهب أهل المدينة مالك وغيره وهو المنصوص عن أحمد في عامة أجوبته وعليه أكثر قدماء أصحابه: أن العلة في إفساده هي شرط إشغار النكاح عن المهر، وأن النكاح ليس بلازم إذا شرط فيه نفي المهر أو مهر فاسد، فإن الله فرض فيه المهر، فلم يحل لغير الرسول النكاح بلا مهر، فمن تزوج بشرط أن لا يجب مهر فلم يعقد النكاح الذي أذن الله فيه فإن الله إنما أباح العقد لمن يبتغي بما له محصنا غير مسافح كما قال تعالى:{وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ}[٢٤/٤] فمن طلب النكاح بلا مهر فلم يفعل ما أحل الله، وهذا بخلاف من اعتقد أنه لا بد من مهر لكن لم يقدره، كما قال تعالى:{لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ * وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً} الآية [٢٣٦-٢٣٧/٢] فهذا نكاح المهر المعروف وهو مهر المثل.
قالوا: فهذا هو الفرق بين النكاح وبين البيع، فإن البيع بثمن المثل وهو السعر أو الإجارة بثمن المثل لا يصح بخلاف النكاح.
وقد سلم لهم هذا الأصل الذي قاسوا عليه الشافعي وكثير من أصحاب أحمد في البيع، وأما في الإجارة فأصحاب أبي حنيفة ومالك وأحمد وغيرهم يقولون: إنه يجب أجرة المثل فيما جرت العادة فيه، في مثل ذلك، كمن دخل حمام حمامي يدخلها الناس بالكراء، أو سكن في