للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والذين قدروا التعزير من أصحابنا إنما هو فيما إذا كان تعزيرا على ما مضى من فعل أو ترك، فإن كان تعزيرا لأجل ترك ما هو فاعل له فهو بمنزلة قتل المرتد والحربي وقتال الباغي والعادي، وهذا تعزير غير مقدر، بل قد ينتهي إلى القتل، كما في الصائل لأخذ المال يجوز أن يمنع من الأخذ ولو بالقتل، وعلى هذا فإذا كان المقصود دفع الفساد ولم يندفع إلا بالقتل قتل، وحينئذ فمن تكرر منه فعل الفساد، ولم يرتدع بالحدود المقدرة بل استمر على ذلك الفساد هو كالصائل الذي لا يندفع إلا بالقتل فيقتل، ويمكن أن يخرج قتل الشارب في الرابعة على هذا.

ويقتل الجاسوس الذي تكرر منه التجسس على المسلمين لعدوهم، وقد ذكر الحنفية والمالكية شيئا من هذا، وإليه يرجع قول ابن عقيل، وهو أصل عظيم في إصلاح الناس.

وكذلك تارك الواجب، فلا يزال يعاقب حتى يفعله.

ومن فر إلى بلاد العدو ولم يندفع ضرره إلا بقتله قتل.

والتعزير بالمال سائغ، إتلافا وأخذا وهو جار على مذهب أحمد؛ لأنه لم يختلف أصحابه أن العقوبات في الأموال غير منسوخة كلها.

وقول الشيخ أبي محمد المقدسي: لا يجوز أخذ ماله، يعني المعزر، فإشارة منه إلى ما يأخذه الولاة الظلمة.

ومن وطئ امرأة مشركة قدح ذلك في عدالته وأدب.

والتعزير يكون على فعل المحرمات وترك الواجبات.

فمن ترك الواجبات: من كتم ما يجب بيانه كالبائع المدلس، والمؤجر المدلس والناكح وغيرهم من العالمين، وكذا الشاهد والمخبر والمفتي والحاكم ونحوهم، فإن كتمان الحق مشبه بالكذب.

وينبغي أن يكون سببا للضمان، كما أن الكذب سبب للضمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>