للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد أوجب أحمد الكبش في ذلك واحتج بالآية عليه، وهي شريعة إبراهيم. وقال أيضا في رواية أبي الحارث والأثرم وحنبل والفضل بن زياد وعبد الصمد، وقد سئل عن القرعة، فقال: في كتاب الله في موضعين قال الله تعالى: {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} [١٤١/٣٧] ، وقال: {إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ} [٤٤/٣] فقد احتج بالآيتين في إثبات القرعة، وهي في شريعة يونس ومريم. وقال أيضا في رواية أبي طالب وصالح قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [٤٥/٥] فلما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يقتل مؤمن بكافر» دل على أن الآية ليست في النفس على ظاهرها، وكأنها أنزلت في بني إسرائيل بقوله: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا} . قال: فقد بين أن الآية على ظاهرها شرع لنا حتى ورد البيان من النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلم أنها خاصة فيهم. وكذلك نقل أبو الحارث عنه: «لا يقتل مؤمن بكافر» قيل له: أليس قد قال الله تعالى: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} قال: ليس هذا موضعه، علي بن أبي طالب يحكي ما في الصحيفة: «لا يقتل مؤمن بكافر» وعن عثمان ومعاوية: «لم يقتلوا المؤمن بالكافر» (١) . قال: وهذا يدل على أن الآية على ظاهرها في المسلمين ومن قبلهم ولكن عارضها بحديث الصحيفة ولو لم يكن كذلك لما عارضها ولقال: ذلك خاص لمن قبلنا وبهذه الرواية قال أبو الحسن التميمي في جملة مسائل خرجها في الأصول.

وفيه رواية أخرى: أنه لم يكن متعبدا بشيء من الشرائع إلا ما دل الدليل على ثبوته في شرعه؛ فيكون شرعا له مبتدأ أومأ إليه في رواية أبي طالب في موضع آخر، فقال: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} كتبت على


(١) نسخة: «مؤمنا بكافر» .

<<  <  ج: ص:  >  >>