اليهود، قال:{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا} أي في التوراة ولنا: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى}[١٧٨/٢] .
قال شيخنا: قلت: فقد ذكر القاضي أنه إنما تلزمنا أحكامه في حيث صارت شريعة لنبينا لا من حيث كانت شريعة لمن كان قبله، فيكون اتباعه لأمر الله لنا على لسان محمد - صلى الله عليه وسلم - بذلك، وهو الذي حكاه عن الحنفية، ولهذا قالوا: لم يكن قبل البعث متعبدا به، وعلى ما ذكره أبو محمد البغدادي في جدله وذكره القاضي في أثناء المسألة كما ذكره أبو محمد وهو أن الحكم إذا ثبت في الشرع لم يجز تركه حتى يرد دليل نسخه، وليس في نفس بعثة النبي ما يوجب نسخ الأحكام التي قبله، فإن النسخ إنما يكون عند [التنافي] ولأنه شرع مطلق فوجب أن يدخل فيه كل مكلف إذا لم ينسخ كشرع نبينا، ولأن نبينا كان قبل بعثته متعبدا فدل على أنه كان مأمورا به بشرع من قبله.
قال شيخنا: قلتِ: هذه الطريقة فيها نظر، وقد تأول القاضي قوله: وكل نبي مبعوث إلى قومه المتبوع وغيره تبع له. والذي ذكره أبو محمد أنه ثابت في حقنا استصحاب الحال، لأنه شرع شرعه الله، ولم ينسخه، وعلى هذا يكون ثبوته في حقنا إما لشمول الحكم لنا لفظا، وإما بالعقل بناء على أن الأصل تساوي الأحكام وهو الاعتبار الذي ذكره الله في قصصهم.
فصار لها ثلاثة مآخذ: إما الكتاب والسنة، والإجماع، وإما الكتاب الأول وإما العقل والاعتبار فيكون من باب الخاص لفظا العام حكما. والمسألة مبنية على أنه لو لم يبعث إلينا محمد - صلى الله عليه وسلم -: هل كان يجوز أو يجب التعبد بتلك الشرائع؟ وهي تشبه حاله قبل البعثة.
قال شيخنا: قول القاضي: «من دليل مقطوع عليه» قد أعاده في المسألة وقال: إنه متى لم يقطع على ذلك ونعلمه من جهة يقع العلم