الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما.
فصل
في الاستحسان، وتخصيص العلة، وموضع الاستحسان هل يقاس عليه أم لا؟ وما يرد من الأحكام الثابتة بالنص والإجماع ويقال: إنها مخالفة للقياس. فإن هذه قواعد كثر اضطراب الناس فيها، والحاجة ماسة إلى تحقيقها في كثير من مسائل الشريعة أصولها وفروعها.
أما الاستحسان فالمشهور من معانيه أنه مخالفة القياس لدليل قد يراد به غير ذلك.
والعلماء في لفظه ومعناه المذكور على ثلاثة أقوال:
منهم من ينكر هذا اللفظ مطلقا، وهم نفاة القياس كداود وأصحابه وكثير من أهل الكلام من المعتزلة والشيعة وغيرهم، فليس عندهم في أدلة الشرع لا قياس ولا استحسان.
ومنهم: من يقر به بهذا المعنى ويجوز مخالفة القياس للاستحسان ويعمل بالقياس فيما عدا صورة الاستحسان، وهذا هو الصواب عن أبي حنفية وأصحابه.
ومنهم: من ذم الاستحسان تارة وقال به تارة كالشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهم.
وفي كتب مالك وأصحابه ذكر لفظ الاستحسان في مواضع.
والشافعي قال: من استحسن فقد شرع، وتكلم في إبطال الاستحسان وبسط القول في ذلك، وكان من أعظم الأئمة إنكارا له،