قال: وكنت أذهب إلى أن الربح لصاحب المال ثم استحسنت. وقال في رواية الميموني: أستحسن أن يتيمم لكل صلاة ولكن القياس أنه بمنزلة الماء يصلي به حتى يحدث أو يجد الماء. وقال في رواية المروذي: يجوز شراء أرض السواد ولا يجوز بيعها. فقيل له: كيف يشتري ممن لا يملك؟ فقال: القياس كما تقول ولكن هو استحسان واضح؛ فإن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخصوا في شراء المصاحف وكرهوا بيعها، وهذا شبه ذاك.
وقال في رواية بكر بن محمد فيمن غصب أرضا وزرعها: الزرع لرب الأرض وعليه النفقة، وليس هذا شيئا يوافق القياس. أستحسن أن يدفع إليه نفقته. اهـ.
وقد جعل القاضي أبو يعلى المسألة على روايتين، ونصر هو وأتباعه كأبي الخطاب وابن عقيل القول بالاستحسان كقول أصحاب أبي حنيفة. ونصر هؤلاء الاستحسان الذي يقولون به بأنه ترك الحكم إلى حكم هو أقل منه. وقيل: هو أولى القياسين.
قالوا -وهذا لفظ القاضي- وأما الحجة التي يرجع إليها في الاستحسان فهي الكتاب تارة، والسنة أخرى، والإجماع ثالثة. وبالاستدلال يترجح شبه بعض الأصول على بعض، كما قلنا بالاستحسان لأجل الكتاب في شهادة أهل الكتاب على المسلمين في الوصية في السفر إذا لم نجد مسلما.
قال: ومما قلنا فيه بالاستحسان للسنة فيمن غصب أرضا وزرعها فالزرع لذي الأرض وعلى صاحب الأرض النفقة لصاحب الزرع، لحديث رافع بن خديج عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من زرع في أرض قوم فالزرع لرب الأرض وله نفقته» وقال: كان القياس أن يكون الزرع لزارعه.