قال: ومما قلنا فيه بذلك للإجماع: جواز سلم الدراهم والدنانير في الموزونات، وكان القياس ألا يجوز ذلك لوجود العلة وهي الوزن إلا أنهم استحسنوا فيه للإجماع.
قلت: من ذلك أن نفقة الصغير وأجرة مرضعته على أبيه أو أبي أمه بالنص والإجماع، والقياس عند من يجعل النفقة على كل وارث بفرض أو تعصيب، أو على كل ذي رحم محرم أو على عمودي النسب مطلقا -أي تكون على من لا يرث- وكذلك يقولون: جواز إجارة الظئر ثابتة بالنص والإجماع على خلاف القياس؛ بل قد يقولون بجواز الإجارة بل وجواز القرض والقراض وغير ذلك على خلاف القياس للإجماع؛ لكن إذا أبدوا معنى يقتضي التخصيص مثل الحاجة فمثل هذا يقول به جميع الأئمة؛ بل جميع علماء الملة، مثل إباحة الميتة للمضطر للنص وصلاة المريض قاعدا للحاجة ونحو ذلك، وإنما يتنازعون إذا لم يظهروا في إحدى الصورتين معنى يوجب الفرق.
ولهذا فسر غير واحد الاستحسان بتخصيص العلة، كما ذكر ذلك أبو الحسن البصري والرازي وغيرهما، وكذلك هو؛ فإن عامة الاستحسان الذي يقال فيه إنه يخالف القياس حقيقته تخصيص العلة.
والمشهور عن أصحاب الشافعي منع تخصيص العلة، وعن أصحاب أبي حنيفة القول بتخصيصها كالمشهور عنهما في منع الاستحسان وإجازته.
ولكن في مذهب الشافعي خلاف في جواز تخصيص العلة، كما في مذهب مالك وأحمد.
ومن الناس من يحكي ذلك روايتين عن أحمد.
والقاضي أبو يعلى وأكثر أتباعه كابن عقيل ينفون تخصيص العلة