وأما أبو الخطاب فيختار تخصيص العلة موافقة لأصحاب أبي حنيفة؛ فإن هذا هو الاستحسان كما تقدم. وهو لا يجوز أن يخصصها بمجرد دليل يدل على التخصيص وإن لم يبين اختصاص صورة النقض بفوات شرط أو وجود مانع. وهذا حقيقة ما ذكره القاضي، وهو لا ينفي الاستحسان كما ذكره من الأمثلة؛ لكن القاضي وغيره ممن يقول بالاستحسان ومنع تخصيص العلة فرقوا بينهما فقالوا: واللفظ للقاضي لا يجوز تخصيص العلة الشرعية، وتخصيصها نقضها. قال: ولذلك قال أحمد في رواية الحسن بن حيان: القياس كأن يقاس الشيء على الشيء إذا كان مثله في كل أحواله، فأما إذا أشبهه في حال وخالفه في حال فهذا خطأ. قال: وهذا الكلام يمنع من تخصيصها قال: وقد ذكر أبو إسحاق -يعني ابن شاقلا- في شرح الخرقي فقال: أصحابنا على وجهين؛ منهم: من يرى تخصيص العلة، ومنهم من لا يرى ذاك. وقال: وقد ذكرها أبو الحسن الجزري في جزء فيه مسائل الأصول: لا يجوز تخصيصها. قال: وقول أحمد: القياس كان يقتضي ألا يجوز شراء أرض السواد؛ لأنه لا يجوز بيعها. ليس موجبا لتخصيص العلة بأنها من حكم خاص. وما ذكره أحمد إنما هو اعتراض النص على قياس الأصول من الحكم العام. وقد يترك قياس الأصول للخبر، ولذلك أجاب من احتج على جواز تخصيصها بالاستحسان، وقد قال: كيف يشتري ممن لا يملك؟ فقال أحمد: القياس كما تقول وإنما هو استحسان، واحتج بقول الصحابة في المصاحف وقال في الجواب بمثل تخصيص العلة كالمنع من جريها في حكم خاص. وما ذكره أحمد إنما هو اعتراض النص على قياس الأصول، ولأنهم يعدلون في الاستحسان