عن قياس وعن غير قياس، فامتنع أن يكون معناه تخصيص بدليل. وقد تابعه أبو الخطاب.
وهذا الذي ذكره القاضي فيه قد ذكره كثير من العلماء فيما إذا عارض النص قياس الأصول فقالوا: يقدم النص.
واختلفوا فيما إذا عارض خبر الواحد قياس الأصول كحديث المصراة ونحوه، وإنما الأول مثل حمل العاقلة؛ فإنهم يقولون: هو خلاف قياس الأصول، وهو ثابت بالنص والإجماع.
وهذا يذكره بعض الناس قولا ثالثا في تخصيص العلة، ويذكرون قولا رابعا وهو أنه يجوز المنصوصة دون المستنبطة. وأكثر المانعين من التخصيص من أصحاب الشافعي وأحمد كابن حامد وأبي الطيب والقاضي أبي يعلى وغيرهم يقولون: إن اختصت المنصوصة يقينا أنها بعض العلة وإلا فلا يجوز تخصيصها بحال. وهذا النزاع إنما هو في علة قام على صحتها دليل كالتأثير والمناسبة. وأما إذا اكتفى فيها بمجرد الطرد والسلامة من المفسدات فهذه تبطل بالتخصيص باتفاقهم. وأما الطرد المحض الذي يعلم خلوه عن المعاني المعتبرة فذاك لا يحتج به عند أحد من العلماء المعتبرين؛ وإنما النزاع في الطرد الشبهي كالمجوزات الشبهية التي يحتج بها كثير من الطوائف الأربعة، لا سيما قدماء أصحاب الشافعي فإنها كثيرة في حججهم أكثر من غيرهم.
والتحقيق في هذا الباب: أن العلة تقال على «العلة التامة» وهي المستلزمة لمعلولها. فهذه متى انتقضت بطلت بالاتفاق وتقال على «العلة البعضية» وتسمى الديرة، وتسمى السبب، ودليل العلة، ونحو ذلك فهذه إذا انتقضت لفرق مؤثر يفرق فيه بين صورة النقض وغيرها من الصور لم تفسد. ثم إذا كانت صورة الفرع التي هي صورة النزاع في