معنى صورة النقض ألحقت بها، وإن كانت في معنى صورة الأصل ألحقت بها.
فمن قال: إن العلة لا يجوز تخصيصها مطلقا لفوات شرط أو وجود مانع فهذا مخطئ قطعا، وقوله مخالف لإجماع السلف كلهم الأئمة الأربعة وغيرهم؛ فإنهم كلهم يقولون بتخصيص العلة لمعنى يوجب الفرق، وكلامهم في ذلك أكثر من أن يحصر. وهذا معنى قول من قال: تخصيصها مذهب الأئمة الأربعة. والقول بالاستحسان المخالف للقياس لا يكون إلا مع القول بتخصيص العلة. وما ذكروه من اعتراض النص على قياس الأصول فهو أحد أنواع تخصيص العلة، وهذا تسليم منهم لكون العلة تقتضي التخصيص في الجملة.
وأما من جوز تخصيص العلة بمجرد دليل لا يبين الفرق بين صورة التخصيص وغيرها فهذا مورد النزاع في الاستحسان المخالف للقياس وغيره.
ثم هذه العلة إن كانت مستنبطة وخصت بنص ولم يتبين الفرق المعنوي بين صورة التخصيص وغيرها فهذا أضعف ما يكون. وهذا هو الذي كان ينكره كثيرا الشافعي وأحمد وغيرهما على من يفعله من أصحاب أبي حنيفة وغيرهم. وكلام أحمد فيما تقدم أراد به هذا؛ فإن العلة السببية لم تعلم صحتها إلا بالرأي، فإذا عارضها النص كان مبطلا لها. والنص إذا عارض العلة دل على فسادها، كما أنه إذا عارض الحكم الثابت بالقياس دل على فساده بالإجماع.
وأما إذا كانت العلة منصوصة وقد جاء نص بتخصيص بعض صور العلة فهذا مما لا ينكره أحمد بل ولا الشافعي ولا غيرهما، كما إذا جاء نص في صورة وجاء نص يخالفه في صورة أخرى لكن بينهما شبه لم يقم دليل على أنه مناط الحكم فهؤلاء يقرون النصوص ولا يقيسون