للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منصوصًا على منصوص خالف حكمه، بل هذا من جنس الذين قالوا: {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} [٢٧٥/٢] وهذا هو الذي قال أحمد فيه: أنا أذهب إلى كل حديث كما جاء ولا أقيس عليه. أي لا أقيس عليه صورة الحديث الآخر فأجعل الأحاديث متناقضة وأدفع بعضها ببعض بل أستعملها كلها.

والذين يدفعون بعض النصوص ببعض يقولون: الصورتان سواء لا فرق بينهما فيكون أحد النصين ناسخا للآخر.

ومثل هذا كثيرا ما يتنازع فيه فقهاء الحديث ومن ينازعهم ممن يقيس منصوصًا على منصوص ويجعل أحد النصين منسوخا لمخالفته قياس النص الآخر فيمضي هذا القياس ويبقى الأمر دائرا: هل دل الشرع على التسوية بين الصورتين حتى يجعل حكمهما سواء ويجعل الحكم الوارد في إحداهما منسوخا بالحكم المضاد له الوارد في الأخرى كما يقوله من يجعل القرعة منسوخة بآية الميسر، وأمر المأمومين بأن يتبعوا الإمام فإذا كبر كبروا وإذا ركع ركعوا وإذا صلى جالسا صلوا جلوسا أجمعين (١) قياسهم على الصلاة التي صلوا بعضها خلف إمام قائم وباقيها خلف إمام قاعد، ويجعل حديث الأضحية والهدي أحدهما منسوخا بالآخر ويجعلون قطع جاحد العارية منسوخًا بقوله: «ليس على المختلس ولا المنتهب ولا الخائن قطع» ويجعلون العقوبة المالية منسوخة بالنهي عن إضاعة المال، ويجعلون تضعيف الغرم على من درئ عنه القطع منسوخا بقوله: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [٤٠/٤٢] ويجعل بعضهم ما شرطه النبي - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين المشركين من الهدنة منسوخا بقوله: «من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فهو باطل»


(١) كلمة في الأصل غير واضحة ولعلها: فيطردون.

<<  <  ج: ص:  >  >>