القصير والطويل والقصر في ذلك. فأما منع قصر الكثير فهو مخالف للسنة العامة بلا ريب، وإنما خالف ذلك من عمل على هذه السنة (١) .
وأما قصر غير الكثير فلأن القصر ليس من خصائص الحج ولا متعلقا به، وإنما هو معلق بالسفر طردًا وعكسًا.
وكلامهم في هذه المسألة يقتضي أن ما قيل فيه: إنه خالف القياس من صور الاستحسان فلابد أن يكون قياسه فاسدًا، أو أن يكون تخصيصه بالاستحسان فاسدًا، إذا لم يكن هناك فرق مؤثر. وهذا هو الصواب في هذا الباب.
قالوا: واحتج المخالف بأن قياس الشيء لا يصح مع وجود ما ينافيه، فلما كان القياس مانعا مما ورد به الأثر لم يجز لنا استعمال القياس فيه، لأنه لو جاز ذلك لم يكن فرق بينه وبين سائر الأصول التي يمنع قياسها منه فكان يخرج حينئذ من كونه مخصوصًا من جملة القياس.
قالوا: والجواب عنه من وجهين:
أحدهما: أنا لا نسلم أن ههنا ما ينافيه؛ لأن المنافاة تكون بدليل خاص، وما يذكرونه في هذه المسائل ليس بدليل خاص لما نذكر من التأويل.
والثاني: أن المنافاة إنما تحصل بقياسه على غيره في إسقاط حكم النص.
فأما قياس غيره عليه فلا ينافيه لأنه لا يسقط حكم النص عندهم فيصح القياس عليه.