فإذا عللنا الملك بالبيع أو الإرث أو الاغتنام ونحو ذلك وقلنا في صورة قد عللنا الملك فيها بالبيع: هذا باطل فلا يحصل الملك كان كاملا صحيحا وإن علمنا أن الملك يثبت بإرث وغيره، لكن التقدير أنه لا يثبت له هنا غير البيع. وإذا قلنا: هذا يملك هذه السلعة لأنه اشتراها شراء شرعيا أو لأنه ورثها كان كاملا صحيحا ولا يلزم من ذلك أن يكون الملك منتفيا في كل موضع انتفى فيه البيع أو الإرث؛ لأن الملك له أسباب متعددة. وكذلك الطهارة إذا كان لها سببان فعلل الشارع طهارة بعض الأعيان بسبب كان ذلك كاملا صحيحا، ولا يلزم من ذلك أن يكون كل موضع انتفى عنه هذا السبب أن يكون الملك منتفيا في كل موضع انتفى فيه البيع، ولا كان منه أن ما انتفى عنه هذا السبب يكون نجسا.
فقوله في الهر:«إنها من الطوافين» دليل على أن الطواف سبب الطهارة فإذا انتفى ما هو سبب فيه زالت طهارته، وقد تثبت الطهارة لغيره وهو الحل كطهارة الصيد والأنعام فإنها طيبة من الطيبات التي أباحها الله تعالى فلا يحتاج إلى تعليل طهارتها بالطواف؛ فإن الطواف يدل على أن ذلك لدفع الحرج في نجاستها.
وقوله:«الماء طهور لا ينجسه شيء» قد يقال فيه: أولا: قد يكون المقصود وصف الماء بكونه طهورا وبكونه لا ينجسه شيء، فيكون صفة بعد صفة، ليس المقصود جعل إحداهما علة للأخرى ووصفه بهاتين الصفتين يبين مفارقته للبدن والثوب ونحوهما من هذين الوجهين: من جهة أنه طهور، ومن جهة أنه لا ينجسه شيء.
وإذا لم يعلل نفي النجاسة بكونه طهورا لم يوجب ذلك
حصول النجاسة فيما ليس بطهور بمجرد الملاقاة فإذا
أمكن أن تكون هذه علتان لجواز استقائه من البئر لم يجب أن
يقال: إن إحداهما علة للأخرى؛ بل كان قوله:«لا ينجس» كقوله: «الماء لا ينجسه شيء» وهناك لم يعلل انتفاء النجاسة عنه بكونه