طهورا فكذلك هنا لم يعلل انتفاء النجاسة عنه بكونه طهورا؛ بل هناك علل جواز استعمال سؤر عائشة بأن الماء لا يجنب وهنا علل وضوءه من بئر بضاعة بأن الماء لا ينجس، وزاد مع ذلك «أن الماء طهور» وهذا بين لمن تأمله؛ بل هو ظاهر الحديث.
وبيان ذلك: أنه قد سمى التراب طهورا في نجاسة الحدث والخبث، فقال:«جعلت لي الأرض مسجدا وتربتها طهورا» وقال في النعلين: «فليدلكهما بالتراب فإن التراب لهما طهور» ومع هذا فإن التراب وغيره من أجزاء الأرض في النجاسة سواء لا فرق بين التراب وغيره، إذا ظهرت فيه النجاسة كان نجسا، وإذا زالت بالشمس ونحوها؛ فإما أن يقال: تزول مطلقا، أو لا تزول مطلقا، لم يفرق بين التراب والرمل وغيرهما من أجزاء الأرض كما فرق بينهما من فرق في طهارة الحدث؛ احتج من يقول بزوالها بحديث البخاري:«وكانت الكلاب تقبل وتدبر وتبول في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يكونوا يرشون من ذلك شيئا» ، والمسجد كان فيه التراب وغيره.
فإذا كان قوله:«فإن التراب لهما طهور» صريحا في التعليل ولم يخص التراب بذلك، فقوله في الماء:«إنه طهور لا ينجسه شيء» أولى أن يخص بذلك.
لكن هل يقال: إن غير الماء يشاركه في وإزالة النجاسة كما يشارك التراب ما ليس بتراب؟ هذا فيه نزاع مشهور.
وللعلماء في إزالة النجاسة بغير الماء ثلاثة أقوال:
قيل: يجوز مطلقا، وهو قول أبي حنيفة، ورواية عن أحمد.
وقيل: لا يجوز مطلقا، كقول الشافعي، والظاهر عن أحمد.
وقيل: يجوز عند الحاجة، وهو قول ثالث في مذهب أحمد، كما