الخروج، ويجوز أن يحبس ويرسم عليه إذا حصل المقصود بذلك بحيث يمنعه من الخروج (١) .
وهذا أشبه بالسنة فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الغريم بملازمة غريمه وقال له:«ما فعل أسيرك» ؟ وإنما المرسم وكيل الغريم في الملازمة. فإن لم يكن للزوج من يحفظ امرأته غير نفسه وأمكن أن يحبسهما في بيت واحد فتمنعه هي من الخروج ويمنعها هو من الخروج فعل ذلك؛ فإن له عليها حبسها في منزله، ولها عليه حبسه في دينها، وحقه عليها أوكد، فإن حق نفسه في المبيت ثابت ظاهرًا وباطنًا، بخلاف حبسها له فإنه بتقدير إعساره لا يكون حبسه مستحقًا في نفس الأمر، إذ حبس العاجز لا يجوز، لقوله تعالى:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}[٢٨٠/٢] ولأن حبسها له عقوبة حتى يؤدي الواجب عليه وحبسه لها حق يثبت له بموجب العقد وليس بعقوبة، بل حقه عليها كحق المالك على المملوك؛ ولهذا كان النكاح بمنزلة الرق والأسر للمرأة، قال عمر رضي الله عنه: النكاح رق، فلينظر أحدكم عند من يرق كريمته. وقال زيد بن ثابت: الزوج سيد في كتاب الله وقرأ: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ}[٢٥/١٢] ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم» والعاني الأسير.
وإذا كان كذلك ظهر أن ما يستحقه عليها من الحبس أعظم مما تستحقه عليه؛ إذ غاية الغريم أن يكون كالأسير، ولأنه يملك من حبسها في منزله الاستمتاع بها متى شاء فحبسه لها دائمًا يستوفي في حبسها ما يستحقه عليها، وحبسها له عارض إلى أن يوفيها حقها،
والحبس الذي يصلح لتوفية الحق مثل المالك لأمته، بخلاف الحبس إلى أن يستوفى الحق فإنه من جنس حبس الحر للحر، ولهذا لا يملك الغريم منع المحبوس من تصرف يوفي به الحق، ولا يمنعه من حوائجه إذا احتاج