للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شيئًا ولا يخسر؛ بل إما سالمًا وإما غانمًا، فهل يحسن هذا في شرع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟! وإن كان القائلون علماء فضلاء أئمة. فإنما وقعت الشبهة من حيث ظنوا أن الميسر المحرم الذي هو القمار حرم لما فيه من المخاطرة، ثم منهم من رأى المخاطرة كلها محرمة من المحلل وعدمه، وهذا أقرب إلى الأصل الذي ظنوا لو كان صحيحًا. ومنهم من رأى الحاجة إلى السبق، وقد جاء الشرع بها، فجمع بين ما أمر الله به وبين ما أبطله من القمار، فأباحه مع المحلل فقط. والمقصود هنا بالجعل أن يظهر أنه قوي؛ لأن صاحبه يغلبه ويأخذ ماله، بخلاف الجعالة فإن الغرض بها العمل من العامل الذي يأخذ الجعل، فليست هذه جعالة، والجاعل قصده وجود الشرط، والمسابق الذي أظهر المال قصده ألا يوجد الشرط الذي هو سبق صاحبه له؛ بل قصده عدمه. فأين هذا من هذا؟! هذا يكره أن يغلب، وذاك يجب أن يحصل قصده الذي هو رد آبقه أو بناء حائطه، كما يقول الحالف: إن فعلت كذا فمالي صدقة، أو علي الحج. ومقصده أنه لا يفعله؛ بخلاف الناذر الذي يقول: أن شفى الله مريضي فعلي أن أصوم شهرًا، وكالمخالع الذي يقول: إن أبرأتيني من صداقك فأنت طالق.

ومن تبين حقيقة هذه المسألة تبين له أن من رأى أنه حرام ولو مع المحلل فقوله أصح على ما ظنوه.

وأما إذا تقرر أن تحريم الميسر لما نص الله تعالى على أنه يوقع العداوة والبغضاء ويصد عن ذكر الله عز وجل وعن الصلاة، وقد يشتد تحريمه لما فيه من أكل المال بالباطل. والمسابقة التي أمر الله بها ورسوله لا تشتمل لا على هذا الفساد ولا على هذا فليست من الميسر، وليس إخراج السبق فيها مما حرمه الله ورسوله، ولا من القمار الداخل في الميسر؛ فإن لفظ القمار المحرم ليس في القرآن، إنما فيه لفظ الميسر، والقمار داخل في هذا الاسم، والأحكام الشرعية يجب أن تتعلق

<<  <  ج: ص:  >  >>