للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويأكل الإنسان من بيت صديقه وقريبه بغير إذنه إذا لم يحرزه عنه (١) .

قال الشيخ عبد القادر: والشيخ تقي الدين أيضًا: يأكل الضيف على ملك صاحب الطعام على وجه الإباحة، وليس ذلك بتمليك (٢) .

وقال غير واحد: يكره غسل اليد بشيء من المطعوم، ولا بأس بالنخالة. قال في المغني: واستدل الخطابي على ذلك بحديث «الملح والملح طعام» ففي معناه ما أشبهه. قال الشيخ تقي الدين: وهذا من أبي محمد يقتضي جواز غسلهما بالمطعوم. وهذا خلاف المشهور (٣) .

قال الشيخ تقي الدين: يستدل على كراهة الاغتسال بالأقوات بأن ذلك يفضي إلى خلطها بالأدناس والأنجاس فنهي عنه كما ينهى عن إزالة النجاسة بها، والملح ليست قوتًا وإنما يصلح به القوت. نعم ينهى في الاستنجاء عن قوت الآدميين والبهائم للإنس والجن. هذا لا يستنجي بالنخالة وإن غسل يده بها، فأما إن دعت الحاجة إلى استعمال القوت مثل الدبغ بدقيق الشعير أو التطبب للجرب باللبن والدقيق ونحو ذلك فينبغي أن يرخص فيه، كما رخص في قتل دود القز بالتشميس لأجل الحاجة؛ إذ لا يكون حرمة القوت أعظم من حرمة الحيوان، وبهذا قد يجاب عن الملح أنها استعملت لأجل الحاجة. وعلى هذا فيستدل بهذا الأصل الشرعي على المنع من إهانتها بوضع الإدام فوقها كما ذكره الشيخ عبد القادر. ودليل آخر وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بلعق الأصابع والصحفة وأخذ اللقمة الساقطة وإماطة الأذى عنها كل ذلك يضيع شيء من القوت. والتدلك به إضاعة له لقيام غيره مقامه، وهو من أنواع التبذير الذي هو من فعل الشيطان.


(١) إنصاف ٨/ ٣٨٨ واختيارات ٢٤٥ ف ٢/ ٢٩٨.
(٢) إنصاف ٨/ ٣٤٠ ف ٢/ ٢٩٨.
(٣) الآداب ٣/ ١٩٦ ف ٢/ ٢٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>