للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وحاكمٍ على مُوْلٍ، لا ممَّنْ زالَ عقلُه غيرِ سكران آثمٍ، ولا مِنْ مُكرَه ظُلمًا بعقوبةٍ له، أو لولدِه، أو أخذِ مالٍ يضرُّه، أو تهديد قادرٍ يظنُّ إيقاعَه فطلَّق تبعًا لقوله.

النِّكاحَ يزولُ به؛ لعمومِ حديثِ: "إنَّما الطَّلاقُ لمنْ أخذ بالسَّاق" وتقدمَّ (١).

(و) يصحُّ طلاقُ (حاكمٍ على مُولٍ) أبى الفَيْئةَ (٢) والطلاقَ.

ولا يصحُّ من وليِّ الزوجِ، و (لا ممَّنْ زالَ عقلُه) إنْ كان معذورًا كمجنونٍ، ومغمًى عليه، ونائمٍ، ومَنْ شرب مسكرًا كَرهًا؛ فلهذا قال: (غيرِ سكران آثمٍ) بسُكرِه بأنْ سَكِرَ طوعًا عالمًا، فيقعُ طلاقُه، ويؤاخذُ بسائرِ أقوالِه وكلِّ فعلٍ يُعتبرُ له العَقْل، كإقرارٍ، وقَتْلٍ، وقَذْفٍ، وسرقةٍ.

(ولا) يصحُّ الطلاقُ (من) زوح (مكرَهٍ) على الطَّلاقِ (ظُلْمًا) أي: بغيرِ حقٍّ، بخلاف مُولٍ أبى الفيْئة فأجبره الحاكمُ عليه (بعقوبةٍ) مِنْ ضربٍ أو خَنْقٍ ونحوِهما (له) أي: للزوج (أو لولدِه، أو أخْدِ مالٍ يضرُّه، أو تهديد) بأحدِ المذكوراتِ من (قادرٍ) على الفعل (يظنُّ) الزوجُ (إيقاعَه) أي: إيقاعَ ما هُدِّد به (فطلَّق تبعًا لقوله) أي: لقول المُكرِه -بكسرِ الرَّاء- بأنْ لم ينو حقيقةَ الطلاقِ، وإنَّما لم يقعْ طلاقُه؛ لحديثِ عائشةَ مرفوعًا: "لا طلاقَ ولا عتاقَ (٣) في إغلاقٍ" رواه أحمدُ وأبو داود وابنُ ماجه (٤)، والإغلاق: الإكراه (٥). فلو قصدَ إيقاعَ الطلاق دونَ دَفْعِ الإكراهِ، وَقَعَ طلاقُه، كمن أُكرهَ على طلقةٍ، فطلَّق أكثر.


(١) ص ٢٢٤.
(٢) بعدها في (م): "بفتح الفاء: الرجوع"، وهي حاشية في هامش الأصل و (س)، وبعدها في (س): "مصباح [(فاء)]. قرَّره".
(٣) جاء في هامش الأصل ما نصه: "بفتح العين المهملة".
(٤) أحمد (٢٦٣٦٠)، وأبو داود (٢١٩٣)، وابن ماجه (٢٠٤٦). قال الحافظ في "التلخيص الحبير" ٣/ ٢١٠: وفي إسناده: محمد بن عبد بن أبي صالح؛ وقد ضعَّفه أبو حاتم الرازي.
(٥) "النهاية في غريب الحديث" (غلق).