للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

من قطعَ الطريقَ فقتلَ وأخذَ المالَ، قُتِلَ ثمَّ صُلِبَ حتَّى يشتهرَ، وإن قتلَ ولم يأخذِ المالَ، قُتِلَ حتمًا بلا صلبٍ، وإن لم يقَتِلْ، بل أخذَ ما يقطعُ به في السرقةِ، قُطِعت يدُه اليمنى ورجلُه اليسرى في مقامٍ واحدٍ، وحُسمتا، وإن لم يقتلُوا ولم يأخذُوا مالًا، نُفُوا متفرِّقين، فلا يُتركون يأوون إلى بلدٍ.

فصل في حَدِّ قُطَّاعِ الطريقِ

وهم: الذين يَعرضون للناسِ بالسلاحِ، فيَغْصِبونَهم المالَ.

(مَن قطعَ الطريقَ فقَتَل) مكافئًا له، أو غيرَ مكافئٍ (وأخذَ المالَ) الذي قتلَ؛ لقصدِه (قُتِلَ) وجوبًا؛ لحقِّ اللهِ تعالى ثُمَّ غُسلَ وصُليَ عليه (ثُمَّ صُلبَ) قاتلُ من يُقادُ به في غيرِ المحاربةِ (حتَّى يشتهرَ) أمرُه، ولا يُقطعُ مع ذلك. (وإن قَتَلَ) المحاربُ (ولم يأخدِ المالَ، قُتلَ حتمًا بلا صلبٍ) لأنَّه لم يذكرْ في خبرِ ابنِ عبَّاسٍ الآتي (وإن لم يقتلْ) محاربٌ (بل أخذَ ما يقطعُ به في السرقةِ) بأن أخذَ نصابًا لا شبهةَ له فيه مِن بين القافلةِ لا مِن منفردٍ عنها (قُطعت يدُه اليمنى ووجلُه اليسرى في مقامٍ واحدٍ) حتمًا؛ فلا ينتظرُ بقطعِ إحداهما اندمالُ الاخرى (وحُسِمتا) بالزيتِ المغلَيِّ (وإن لم يَقتلوا) أي: المحاربون أحدًا (ولم يأخدوا مالًا) يُقطعُ به في السرقةِ (نفُوا) بان يُشرَّدُوا (متفرِّقين، فلا يُتركون يأوون إلى بلدٍ) حتَّى تظهرَ توبتُهم؛ قال تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ﴾ [المائدة: ٣٣]. قال ابنُ عبَّاسٍ : إذا قتلُوا وأخذُوا المالَ، قُتِّلوا وصُلِّبُوا، وإذا قَتلُوا ولم يأخذُوا المالَ، قتلُوا ولم يصَلّبُوا، وإذا أخذُوا المالَ ولم يَقتلُوا، قُطِّعت أيديهم وأرجلُهم من خلافٍ، وإذا أخافُوا السبيلَ ولم يأخذُوا مالًا، نُفُوا من الأرضِ. رواهُ الشافعيُّ (١)، ورُوِيَ نحوه مرفوعًا (٢).


(١) في "مسنده" ٢/ ٨٦، ومن طريقه البيهقي ٨/ ٢٨٣.
(٢) أخرج البخاري (١٥٠١) عن أنس، أن ناسًا من عرينة اجتووا المدينة، فرخَّص لهم رسول الله أن يأتوا إبل الصدقة، فيشربوا من ألبانها وأبوالها، فقتلوا الراعي، واستاقوا الذود، فأرسل رسول الله ، فأتي بهم، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمر أعينهم وتركهم بالحرة يعضون الحجارة.