للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب صلاة الجمعة]

تلزمُ كل حرٍّ مكلَّفٍ

[باب صلاة الجمعة]

سُمِّيتْ بذلك؛ لجمعِها الخَلقَ الكثير. ويومُها أفضلُ أيام الأسبوع (١). وصلاةُ الجمعة مستقِلةٌ، وأفضلُ من الظُّهرِ، وفرض الوَقتِ. فلو صلَّى الظهرَ أهلُ بلدٍ مع بقاءِ وقتِ الجمعةِ، لم تصحَّ. وتؤخر فائتة لخوفِ فوتِها. والظهرُ بدلٌ عنها إذا فاتتْ.

(تلزمُ) الجمعةُ (كل) ذَكَر -ذَكره ابنُ المنذر (٢) - إجماعًا؛ لأن المرأةَ ليست من أهلِ الحضور في مجامع الرِّجال (حرٍّ) لأنَّ العبدَ محبوسٌ على سيده (مكلَّفٍ) أي: مسلمٍ، بالغٍ، عاقلٍ؛ لأن ذلك لابُدَّ منه في التَّكليفِ. فلا تجبُ على كافرٍ، وصبيٍّ، ومجنونٍ؛ لما روى طارقُ بن شهاب (٣) مرفوعًا: "الجمعة حق واجبٌ على كل مسلمٍ في جماعة إلا أربعةً: عبدٌ مملوكٌ، أو امرأةٌ، أو صبيٌّ، أو مريضٌ" رواه أبو داود (٤). وقولُه: "عبدٌ" إلى آخرِه، يحتملُ أن يكونَ منصوبًا على البدَل، سقطتْ منه الألفُ على طريقةِ المتقدِّمين في عدم رَسْمِهم الألفَ؛ اكتفاءَ في مثله بالشَّكْل، كما أشارَ إليه النَّوَوِي في "شرح مسلم". ويحتملُ أن يكونَ مرفوعًا على القَطعِ: أي: هم عبدٌ إلى


(١) جاء في هامش (ح) ما نصه: "وقال الشيخ تقي الدين ابن تيمية: أفضل أيام الأسبوع يوم الجمعة، وأفضل أيام العام يوم النحر لقوله : "خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها". ولما روي عنه : "أفضل الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القرِّ". اهـ. ويوم القر: اليوم الذي بعد يوم النحر؛ لأن الناس يقرون في منازلهم. "الصحاح" (قرر).
(٢) في كتابه "الإجماع" ص ٢٦.
(٣) هو طارق بن شهاب بن عبد شمس بن سلمة الأحمسي البجلي الكوفيّ، رأى النبيَّ ، وغزا في خلافة أبي بكر غير مرَّة، وأرسل عن النبي . (ت ٨٣، وقيل: ٨٢ هـ). "السير" ٣/ ٤٨٦ - ٤٨٧.
(٤) في "سننه" (١٠٦٧) وقال: طارق بن شهاب قد رأى النبي ، ولم يسمع منه شيئًا. وقال النووي في "خلاصة الأحكام" ٢/ ٧٥٧: وهذا الذي قاله أبو داود لا يقدح في صحة الحديث؛ لأنه إن ثبت عدمُ سماعه يكون مرسل صحابي، وهو حجة.