للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[باب الهبة]

لا تصح في مجهولٍ غيرِ ما تعذَّر عِلْمُه. وتنعقدُ بإيجابٍ وقَبولٍ وبمعاطاةٍ، وتلزمُ بقَبْض بإذْنِ واهبٍ، ويقومُ وارثُ واهبٍ مَقامه.

وتصح البراءةُ من الدَّين بكلّ لفظٍ دلَّ عليها

[باب الهبة]

أصلُها من هبوبِ الريحِ، أي: مرورِه، يقال: وهبتُ له وَهْبًا -بإسكان الهاء وفتحِها- وهِبَةً، والاتهابُ: قبولُ الهبةِ. والاستيهابُ: سؤالُ الهِبَةِ (١).

وهي شرعًا: تمليكُ جائزِ التَّصرفِ مالًا معلومًا، أو مجهولًا تعذَّر عِلْمُه، موجودًا مقدورًا على تَسْليمِه، غيرَ واجبٍ في الحياةِ بلا عِوَضٍ، بما يُعَدُّ هبةً عُرْفًا.

فـ (لا تصحُّ في مجهولٍ) كحَمْلٍ في بطنٍ، ولَبَنٍ في ضَرعٍ (غيرِ ما تعذَّر عِلْمُه) كما لو اختلط مالُ اثنين على وجهٍ لا يتميّز، فوهبَ أحدُهما لرفيقهِ نصيبَه منه (٢)، فيصحُّ للحاجةِ، كالصُّلْح.

(وتنعقدُ) هِبةٌ (بإبجابٍ وقَبولٍ) بأن يقولَ: وهبتُكَ، أو: أهديتُكَ، أو: أعطيتُكَ. مثلًا، فيقولُ: قَبِلتُ، أو: رضيتُ، ونحوه.

(و) تنقعدُ (بمعاطاةٍ) دالةٍ عليها؛ لأنَّه كان يُهدِي ويُهدَى إليه، ويفرق الصدقات، ويأمرُ سُعاته بأخذِها وتفريقِها، وكان أصحابُه يفعلون ذلك، ولم يُنقل عنهم إيجاب ولا قبولٌ، فتجهيزُ نحوِ بنتِه بجَهازٍ إلى بيتِ زوجٍ، تمليكٌ.

(وتلزمُ) هبةٌ (بقبضِ) متَّهبٍ أو وكيلِه (بإذن واهبٍ) فلا تصح بدونه. ولواهبٍ رجوع في هبةٍ وإذنٍ قبلَ قبضٍ (ويقومُ وارثُ واهبٍ) ماتَ قبلَ قبضٍ، أذِن فيه أولا (مَقامَه) في إذنٍ ورجوع.

(وتصح البراءةُ من الدين بكل لفظٍ دلَّ عليها) أي: على البراءةِ، كلفظِ إحلالٍ،


(١) "المطلع" ص ٢٩١.
(٢) ليست في (م).