للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن حكَّمه اثنان بينَهما صالحًا للقضاءِ، نفذَ حكمُه في المالِ وغيرِه.

فصل

ينبغي أن يكونَ القاضي قويًّا بلا عنفٍ، ليِّنًا بلا ضعفٍ، حليمًا، فَطِنًا، عارفًا بأحكامِ الحكَّامِ قبلَه. وليكن مجلُسه وسطَ البلدِ فسيحًا.

بعضُهم: أو مقلِّدًا. وفي "الإنصافِ" (١): قلت: وعليه العملُ من مدَّةٍ طويلةٍ، وإلَّا لتعطَّلت أحكامُ الناس. انتهى. قلت: وهو معنى كلامِ الشيخِ تقيِّ الدين المتقدِّمِ.

(ومن حكَّمَه) بتشديدِ الكافِ (اثنان (٢) بينَهما) حالَ كونِه (صالحًا للقضاءِ) فحكَمَ بينهما (نفَذ حكمهُ في المالِ وغيرِه) كالحدودِ، وكلِّ ما ينفُذُ فيه حُكمُ من ولَّاهُ إمامٌ، أو نائبُه؛ لأنَّ عمرَ وأُبُيًّا تحاكَما إلى زيدِ بنِ ثابت (٣)، وتحاكمَ عثمانُ وطلحةُ إلى جُبير ابن مطْعِمٍ (٤)؛ ولم يكن أحدٌ ممَّن (٥) ذكَرنا قاضيًا.

فصل في أدبِ القاضي

(ينبغي) أي: يُسَنُّ (أن يكونَ القاضي قويًّا بلا عُنفٍ) لئلَّا يطمعَ فيه الظالمُ. والعُنْفُ: ضدُّ الرِّفقِ (ليِّنًا بلا ضعْفٍ) لئلَّا يهابَه صاحبُ الحقِّ (حليمًا) لئلَّا يغضبَ من كلام الخصمِ (فَطِنًا) لئلَّا يَخدَعَه بعضُ الأخصامِ. وأن يكونَ ذا أناةٍ (٦) (عارفًا بأحكامِ الحُكَّامِ قبلَه) ليعتبر بهم (٧) في بعضِ المهمَّاتِ.

(وليكن مجلسُه وسطَ البلدِ) إن أمكنَ؛ ليستويَ أهلُ البلدِ في المضيِّ إليه. وليكن مجلسُه (فسيحًا) واسعًا لا يتأذَّى فيه بشيءٍ.


(١) ٢٨/ ٣٠١ - ٣٠٢.
(٢) في (م): "إنسان".
(٣) أخرجه البيهقي في "سننه" ١٠/ ١٣٦.
(٤) أخرجه البيهقي في "سننه" ٥/ ٢٦٨.
(٥) في (س) و (ح): "مما".
(٦) في (ح): "أناءة". وجاء في هامش الأصل: "بالقصر بوزن حصاة بمعنى التأني. مصباح".
(٧) في الأصل و (م): "ليعتبرهم".