للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[باب الحجر]

من عجزَ عن وفاءِ شيءٍ من دَيْنِه، حَرُمَ طلبُه وحبسُه، ومن مالُه قدرَ دَيْنِه أو أكثرَ، لم يُحجَرْ عليه، وأُمرَ بوفائهِ، فإن أَبى، حُبسَ بطلبِ ربِّه،

باب الحَجْر

وهو في (١) اللُّغةِ: التضييقُ والمنعُ، ومنه سُمِّيَ الحرامُ حِجْرًا.

وشرعًا: مَنْعُ إنسانٍ من تصرُّفِه في مالِه.

وهو ضربان: حَجْرٌ لحقِّ الغيرِ، كعَلَى مُفلسٍ، ولحقِّ نفسِه، كعلَى صغيرٍ ونحوِه. (مَن عجزَ عن وَفاءِ شيءٍ من دَيْنِه) بأن لم يَقدر على شيءٍ أصلًا (حَرُمَ طلبُه وحبسُه) وملازمتُه؛ لقولِه تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾ [البقرة: ٢٨٠] فإن ادَّعَى العُسرةَ، ودَيْنُه عن عِوضٍ، كثمنٍ وقرْضٍ، أوْلا، وعُرفَ له مالٌ سابقٌ، الغالبُ بقاؤُه، أو كان أقرَّ أنَّه مَلِيءٌ، حُبسَ إن لم يُقِمْ بينَةً تخبِرُ باطنَ حالِه، وتُسمَعُ قبلَ حبسٍ وبعدَه، وإلَّا، حُلِّفَ وخُلِّيَ سبيلُه. (ومَن مالُه قدر دَيْنِهِ، أو) مالُه (أكثر) من دَيْنِه (لم يُحجَر عليه) لعدمِ الحاجةِ إلى الحَجرِ عليه (وأُمِرَ) -بالبناءِ للمفعولِ- أي: وجبَ (٢) على الحاكمِ أمرُه (بوفائِهِ) بطلبِ غريمِه؛ لحديث: "مَطْلُ الغَنيِّ ظُلمٌ" (٣).

ولا يترخَّصُ من سافرَ قبله (٤). ولغريم من أرادَ سفرًا (٥)، منعُه من غيرِ جهادٍ متعيَّينِ حتَّى يوثِّقَ برهنٍ يُحرزُ، أو كفيلٍ مَلِيءٍ.

(فإنْ أَبى) قادرٌ وفاءَ دَيْنٍ حالٍّ (حُبسَ بطلبِ ربِّه) ذلك؛ لحديثِ: "لَيُّ الواجدِ


(١) ليست في (س).
(٢) في (س): "ووجب".
(٣) أخرجه البخاري (٢٢٨٧)، ومسلم (١٥٦٤)، وأحمد (٨٩٣٨) من حديث أبي هريرة .
(٤) أي: قبل الوفاء وبعد الطب. "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي ٣/ ٤٤٠.
(٥) في (ح): "السفر".