للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب عقد الذمة]

يَعقدُها الإمامُ أو نائبُه لأهلِ الكتابَيْن والمجوسِ، إذا بذلوا الجزيةَ والتزموا أحكامَنا، ولا جِزْيَةَ على صبيٍّ، ولا امرأةٍ، ولا عبدٍ، ولا مَنْ يَعجِزُ عنها. ومَنْ صار أهلًا لها، أُخِذتْ منه، وتُؤخَذُ آخرَ الحَوْل،

[باب عقد الذمة]

الذِّمَّةُ: العهدُ والضمان والأمان (١). ومعنى عقدِها: إقرارُ بعض كفَّارٍ على كفرهم بشرطِ بذْل الجزية، والتزامِ أحكام الملَّة. والأصلُ فيها قولُه تعالى: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة: ٢٩].

وإنَّما (يَعقدُها الإمامُ أو نائبُه) لأنَّه عقدٌ مؤبَّد، فلا يُفتات (٢) على الإمام فيه (لأهل الكتابَيْن) اليهودِ والنصارى ومَن تبعهم (٣) (والمجوسِ) لأنَّه يُروى أنَّه كان لهم كتابٌ فرُفع، فلهم بذلك شبهة، ولأنَّه "أخذَ الجِزيَةَ من مجوسِ هَجَر" رواه البخاريُّ عن عبد الرحمن بن عَوف (٤) (إذا بذلوا الجزيةَ) وهي: مالٌ يؤخذُ منهم على وجهِ الصِّغار (٥) كلَّ عامٍ بدلًا عن قتلهم، وإقامتِهم بدارِنا (والتزموا أحكامَنا) الآتي بيانُها في أحكام الذمة (ولا جِزْيةَ) واجِبة (على صبيٍّ، ولا امرأةٍ) ومجنونٍ، وزَمِنٍ، وأعمى، وشيخٍ فانٍ، وخنثى مشكلٍ (ولا عبدٍ، ولا) على (مَنْ) أي: فقير (يعجزُ عنها).

(ومَنْ صار أهلًا لها) أي: للجزية، كما لو بلغ صغيرٌ، أو عتَق رقيق، أو (٦) استغنى فقير (أُخِذت منه) وجوبًا (وتُؤخذُ) الجزيةُ ممن صار أهلًا في أثناءِ الحوْل (آخرَ الحَوْل) بالحساب، فمن صار أهلًا قبل الحوْل بثلاثةِ أشهر، أُخِذَ منه ربعُها وهكذا.


(١) "المطلع" ص ٢٢١.
(٢) قال في "الصحاح" (فوت): وفلان لا يفتات عليه، أي: لا يُعمل شيء دون أمره.
(٣) جاء في هامش (س) ما نصه: "قوله: ومن تبعهم. أي: كالصابئين. انتهى تقرير المؤلف".
(٤) "صحيح" البخاري (٣١٥٧)، وهو عند أحمد (١٦٥٧).
(٥) "المطلع" ص ٢١٨.
(٦) في (ح) و (س): "و"، وليست في الأصل.