للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مستوطنٍ بناءً ولو تفرَّق، واسمُه واحد، لا على مسافرِ سفرَ قَصْرٍ، أو عبدٍ أو امرأةٍ. ومنْ حَضَرها منهم، أجزأتْه، ولا يُحْسَبُ من العددِ، ولا يؤم فيها، بخلافِ نحوِ مريضٍ.

آخره؛ لما تقرَّر من أنَّ البدل إذا فُصل به مذكورٌ وكان وافيًا؛ يجوزُ فيه البَدَل والقَطْعُ، وإلا، تعيَّنَ القَطعَ إن لم يُنْوَ معطوفٌ محذوفٌ، كما نصَّ عليه في "التسهيل" (١).

(مستوطن بناءً) معتادًا من حَجَرٍ أو قصب ونحوهما، لا يَرتحلُ عنه صيفًا ولا شتاءً (ولو تفرَّق) بناءُ البلد بما جرت به العادةُ (واسمهُ) أي: البناءِ (واحدٌ) إن بلغُوا أربعينَ، أو لم يكن بينَهم وبين موضِعها أكثر من فرسخٍ تقريبًا.

و (لا) تجبُ الجمعةُ (على مسافرٍ سفرَ قَصْرٍ) لأن النبيَّ وأصحابه كانوا يسافرون في الحجّ وغيره، فلم يُصَل أحدٌ منهم الجمعةَ فيه مع اجتماعِ الخَلقِ الكثير. وكما لا تلزمه بنفسه لا تلزمُه بغيره؛ فإن كان عاصيًا بسفرِه، أو كان سفرُه فوقَ فرسخٍ ودونَ المسافة، أو أقامَ ما يمنعُ القَصْرَ، ولم يَنْوِ استيطانًا، لزمتْه بغيره (أو) أي: ولا على (عبدٍ) أو مبعَّض (أو امرأة) لما تقدَم، ولا على خنثى؛ لأنَّه لا يعلم كونُه رجلًا.

(ومَنْ حضرها) أي: الجمعة: (منهم) أي: من مسافرٍ، وعبدٍ، ومبعَّضٍ، وامرأةٍ، وخنثى (أجزأته) عن الظهرِ؛ لأنَّ إسقاطَ الجمعة عنهم تخفيفٌ، فإذا صلاَّها أحدُهم، فكمريض تكلَّف المشقةَ (ولا يُحْسَبُ) من حضرها منهم (من العدد) المعتبَرِ؛ لأنَّه ليس من أهل وجوبِها، وإنَّما صحَّت منه، تبعًا.

(ولا) يصحُّ أن (يؤمَّ) أحدهم (فيها) لئلَّا يصيرَ التابعُ متبوعًا (بخلاف نحو مريضٍ) كخائفٍ على نفسِه أو مالِه، ونحوِه ممَّن له شُغْلٌ، أو عُذْرٌ يُبيحُ تركَ الجمعةِ؛ فإنَّه إذا حضَرَها، وجبتْ عليه، وانعقدت به، وصحَّ أنْ يَؤمَّ فيها؛ لأنَّ سقوطَها لمشقَّة السَّعي، وقد زالت.


(١) لابن مالك ص ١٣٧.