للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كمتغيِّرٍ بمُكْثِه

أحدُهما: ما يبقى عليها حقيقةً، بأنْ لم يطرأ عليهِ شيءٌ أصلًا، كماءٍ نزلَ من السَّماءِ من مطرٍ، وذَوْبِ ثلجٍ وبَرَدٍ، وكماءِ بحر، ونهر، وعينٍ، وبئرٍ.

وثانيهما: ما يبقى عليها حُكمًا، بأن طرأ عليهِ ما لا يَسلُبُ طَهوريَّته.

(كمتغيِّرٍ بمُكثِهِ) أي: بطولِ إقامتِهِ في مقرِّهِ؛ لأنَّه توضأَ بماءٍ آجِنٍ (١)، أي: متغيِّرٍ. يقالُ: أجَنَ الماءُ أجَنًا وأُجُونًا -من بَابَي ضَرَبَ وقعَدَ- تغيَّر، إلَّا أنَّه يُشْرَب، فهو آجنٌ بالمدِّ؛ قالَه في "المصباحِ" (٢). ولأنَّه تغيَّر عن غيرِ مخالطةٍ، أشبه المتغيَّر بالمجاورةِ، وحكاهُ ابنُ المنذر إجماعَ من يُحفَظُ قولُه من أهلِ العلمِ، سِوى ابنِ سيرينَ فإنَّه كَرِهَه (٣).

"وكماءِ بحر" البحرُ: هو الماءُ الكثيرُ عذبًا أو مِلحًا، وقد غلبَ على الملحِ حتى قَلَّ في العذب. قاله ابنُ سِيده (٤).

(كمتغيِّر … إلخ) مثالٌ للباقي على خِلقته حكمًا، والسِّرُّ في تعدادِ الأمثلةِ النصُّ على كلِّ مسألةٍ كما هي طريقةُ الفقهاءِ.

(من أهلِ العلم) كأهلِ المذاهب والمجتهدين من الصحابة وغيرهم.


(١) لم نجده بهذا اللفظ، وإنما أخرجه البيهقي ١/ ٢٦٩، عن عروة في قصة أحد، وما أصاب النبي في وجهه قال: وسعى علي بن أبي طالب إلى المهراس، فأتى بماء في مجنة فأراد رسول الله أن يشرب منه فوجد له ريحًا فقال رسول الله : "هذا ماء آجن" فمضمض منه، وغسلت فاطمة عن أبيها الدم.
(٢) "المصباح المنير": (أجن).
(٣) "الإجماع" ص ٣٣. وأثر ابن سيرين أخرجه ابن أبي شيبه ١/ ٤٢.
(٤) هو: أبو الحسن، علي بن أحمد، وقيل: ابن إسماعيل، الأندلسي الضرير، إمام في اللغة والعربية، له تصانيف حسان منها: "المحكم" و "المخصص" وغيرها. (ت ٤٥٨ هـ). "إنباه الرواة" ٢/ ٢٢٥ - ٢٢٧، "الأعلام" ٤/ ٢٦٣ - ٢٦٤. وكلامه فى "المخصص" ٩/ ١٣٧، و ١٠/ ١٥.